تفاصيل الاتفاق وبنوده
وقّع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، وقائد قوات قسد مظلوم عبدي، اتفاقًا ينص على دمج مؤسسات الإدارة الذاتية في الدولة السورية، مع ضمان حقوق جميع السوريين دون تمييز ديني أو عرقي، والاعتراف بالمجتمع الكردي كمكوّن أصيل.
عبدي صرح أن قسد ستندمج في الجيش السوري ضمن خطة إعادة هيكلة، وأن المقاتلين الأجانب سيغادرون فورا بعد تثبيت وقف إطلاق النار.
كما أكد على وحدة الجيش والمؤسسات تحت مظلة الدولة، مع ضمان توزيع عادل للموارد، بما فيها النفط والغاز.
لكن بعض البنود ستُنفذ فورًا، مثل عودة المؤسسات الحكومية إلى شمال شرق سوريا وتسليم المعابر الحدودية، في حين ستحتاج بنود أخرى، كدمج القوات وإدارة النفط، إلى لجان متخصصة.
التحديات أمام التنفيذ
أستاذ الدراسات الدولية، الدكتور شاهر الشاهر، أكد أن الاتفاق ضروري للطرفين، لكنه أشار إلى عدة عوائق. وقال خلال حديثه لسكاي نيوز عربية: “هناك محددات تعوق تحول الاتفاق إلى تحالف استراتيجي، مثل وجود تيارات داخل قسد ترفض الاندماج الكامل، والتوتر مع تركيا التي تصنّف قسد كتنظيم إرهابي”.
وأضاف: “أي قصف تركي قد يضع الحكومة السورية في اختبار صعب بين الالتزام بالاتفاق أو تجنب مواجهة أنقرة”.
الشاهر شدد أيضًا على ضرورة إزالة الحواجز الأمنية وعودة النازحين لتعزيز الثقة. وعلّق: “بناء الثقة هو المفتاح، إلى جانب الحد من التدخلات الخارجية التي قد تعرقل التنفيذ”.
منظور كردي للاتفاق
من جهته، اعتبر الكاتب والباحث السياسي الكردي، شيرزاد اليزيدي، أن الاتفاق يشكل فرصة لتصحيح المسار السياسي في دمشق.
وقال لسكاي نيوز عربية: “لأول مرة، يُعترف دستوريا بالمكون الكردي كشعب أصيل، مع حقوق قومية وسياسية وثقافية، وليس فقط ضمن إطار المواطنة العامة”.
لكن اليزيدي أشار إلى أن الاتفاق يعتمد على النوايا الحسنة. وقال: “الاتفاق هو مدخل صحيح، لكنه هش دون إرادة سياسية حقيقية في دمشق لاحترام التعددية وتقاسم السلطة والثروات”.
اليزيدي رفض أيضًا الحديث عن تخلي واشنطن عن الأكراد، مشيرًا إلى استمرار دعم واشنطن لقسد في مواجهة داعش. وأضاف: “هذا الاتفاق برعاية وضغط أميركي، وهو ما يمنحه قوة سياسية ودولية”.
ماذا سيحدث؟
الاتفاق يمثل بارقة أمل لسوريا موحدة، لكنه مشروط بالتزام الطرفين بتنفيذ البنود تدريجيا. ومن المرجح أن يكون نجاحه مرتبطا بقدرة دمشق على استيعاب مطالب الأكراد، وباستعداد قسد للتخلي عن طموحات الحكم الذاتي.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، قد يشكل الاتفاق فرصة لتعافي سوريا عبر استثمار ثروات الشمال الشرقي. ومع تصاعد التهديدات التركية، سيكون على الحكومة المركزية موازنة علاقاتها الإقليمية بحكمة.
في النهاية، ورغم التحديات، يرى المحللون أن الاتفاق يُشكل خطوة أولى نحو حل سياسي شامل. كما قال الدكتور شاهر الشاهر: “مهما كانت العقبات، الاتفاق يُعيد الأطراف إلى طاولة الحوار، وهو ما افتقدته سوريا لسنوات”.
أما اليزيدي، فختم بتفاؤل حذر: “نحن أمام لحظة تاريخية.. إما أن تُستثمر لبناء دولة ديمقراطية، أو تضيع كفرصة أخرى في متاهات الصراع السوري”.