الحراك الدبلوماسي والاستخباراتي المكثف حول سوريا يعكس أهمية هذه المرحلة الانتقالية في تحديد مستقبل البلاد بعد سنوات من العزلة والصراع.
في هذا السياق، أكد الكاتب والباحث السياسي حسام طالب، في مداخلة له من دمشق، أن “سوريا اليوم تدخل مرحلة جديدة، وهي بحاجة إلى تضافر الجهود العربية والدولية لمنع استمرار عزلتها”.
كما أشار إلى أن “العزلة التي عانى منها الشعب السوري على جميع المستويات، بما في ذلك العقوبات والحصار، يجب أن تُرفع لتحقيق بداية جديدة”.
من باريس، أشار أستاذ الفلسفة السياسية، خلدون النبواني، إلى أهمية الحراك العربي والدولي. وقال: “بعد سنوات من العزلة والعقوبات، تحتاج سوريا إلى دعم محيطها العربي والدولي لإعادة الإعمار وبناء الدولة”.
وأضاف أن “الدول العربية باتت تدرك أهمية ضمان بقاء سوريا ضمن الإطار العربي، بعيدًا عن الهيمنة الإيرانية التي سادت خلال العقدين الماضيين”.
أنقرة.. نقطة محورية في الملف السوري
لفت النبواني إلى أن تركيا أصبحت أحد الأطراف الأكثر تأثيرا في الملف السوري بالتوافق مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى أنقرة كدليل على التنسيق بين الطرفين.
“تركيا الآن هي القوة الأكبر التي تتحكم بالوضع السوري خارجيا، لكن ذلك لا يلغي أهمية الحضور العربي في إعادة تشكيل سوريا كدولة شاملة لجميع أطيافها”، حسب النبواني.
الحكومة المؤقتة ومسؤولياتها
حول الحكومة الانتقالية في سوريا، أكد خلدون أن هذه الحكومة تواجه تحديات كبيرة لتحقيق شموليتها وطمأنة المجتمع الدولي والشعب السوري.
وقال: “رغم بعض الإيجابيات مثل التطمينات المقدمة للأقليات وعدم تسجيل انتهاكات كبيرة، لا تزال هناك عقبات تتعلق بتوسيع التمثيل السياسي والاجتماعي داخل الحكومة”.
وأضاف طالب من دمشق: “المساعدات الدولية ستكون بلا شك مشروطة، لكن الضامن الحقيقي هو تصرفات القيادة الجديدة.. هناك انفتاح إعلامي وضبط كبير لحالات الانتهاك، مما يعكس جدية القيادة السورية الحالية في بناء سوريا جديدة”.
مخاوف وتحذيرات
وعلى الرغم من الحراك الإيجابي، تبقى المخاوف قائمة بشأن مستقبل سوريا. وشدد النبواني على أن “وجود أطراف خارجية مثل إسرائيل يعكس صراع المصالح في سوريا، ما يفرض على الحكومة المؤقتة الالتزام بشروط المجتمع الدولي مثل احترام حقوق الإنسان وتجنب التشدد”.
ويتفق المراقبون على أن المرحلة الانتقالية الحالية تضع سوريا أمام اختبار حقيقي لإثبات قدرتها على تحقيق التوافق الداخلي والانفتاح الخارجي.
من دمشق إلى أنقرة، تتحرك خيوط الملف السوري، وكل خطوة تُضاف إلى المسار تساهم في صياغة مستقبل قد يحمل الأمل لشعب أرهقته سنوات الحرب.