وقد طور مراقب الأجسام الفضائية المتغيرة (SVOM) مهندسون من كلا البلدين وسيبحث عن انفجارات أشعة غاما، التي سافر الضوء الصادر منها مليارات السنين الضوئية للوصول إلى الأرض.
وانطلق القمر الاصطناعي الذي يبلغ وزنه 930 كيلوغراما ويحمل أربع أدوات فرنسية وصينية، على متن صاروخ صيني من طراز “المسيرة الطويلة” من قاعدة فضائية في شيتشانغ بمقاطعة سيتشوان الجنوبية الغربية.
تحدث انفجارات “أشعة غاما” عادة بعد انفجار نجوم ضخمة، وهي نجوم أكبر من الشمس بعشرين مرة، أو اندماج بين نجوم ترتطم ببعضها.
ويمكن للأشعة الكونية شديدة السطوع أن تبعث انفجارا من الطاقة يعادل أكثر من مليار مليار شمس.
والمشروع هو ثمرة شراكة بين وكالتي الفضاء الفرنسية والصينية بالإضافة إلى مجموعات علمية وتقنية أخرى من كلا البلدين، ويعتبر التعاون الفضائي على هذا المستوى بين الغرب والصين نادر، خاصة وأن الولايات المتحدة حظرت أي تعاون بين وكالة ناسا وبكين في عام 2011.
فهم تاريخ الكون
وقال أوري غوتليب، عالم الفيزياء الفلكية في مركز الفيزياء الفلكية التابع لمعهد فلاتيرون في نيويورك، إن مراقبة هذه الانفجارات تشبه “النظر إلى زمن غابر، فالضوء الصادر عن هذه الأجسام يستغرق وقتا طويلا للوصول إلينا”.
وتحمل الأشعة بقايا السحب الغازية والمجرات التي تمر عبرها في رحلتها عبر الفضاء، وهي بيانات قيِمة لفهم تاريخ الكون وتطوره على نحو أفضل.
وقال غوتليب “إن القمر الاصطناعي لديه القدرة على حل العديد من الألغاز المحيطة (بانفجارات أشعة غاما)، بما في ذلك الكشف عن أبعد هذه الانفجارات في الكون والتي تتوافق مع أقدمها”.
انفجارات كونية
أبعد الانفجارات التي رُصدت حتى الآن حدثت بعد 630 مليون سنة فقط من الانفجار الكبير، عندما كان الكون في مهده.
وقال فريدريك دينيو، عالم الفيزياء الفلكية في معهد الفيزياء الفلكية في باريس “نحن مهتمون بانفجارات أشعة غاما في حد ذاتها، لأنها انفجارات كونية شديدة للغاية تسمح لنا بفهم موت بعض النجوم بشكل أفضل”.
وأضاف “كل هذه البيانات تجعل من الممكن اختبار قوانين الفيزياء في ظواهر من المستحيل إعادة إنتاجها في المختبر على الأرض”.
وبمجرد تحليلها، يمكن أن تساعد البيانات على تحسين فهمنا لتكوين الفضاء، وديناميكيات السحب الغازية أو المجرات الأخرى.
سباق مع الزمن
قال عالم الفلك الأميركي في مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية جوناثان ماكدويل، إن “مخاوف الولايات المتحدة بشأن نقل التكنولوجيا جعلت حلفاء الولايات المتحدة يمتنعون عن التعاون مع الصينيين بشكل كبير، لكن ذلك يحدث في بعض الأحيان”.
وفي عام 2018، أطلقت الصين وفرنسا بشكل مشترك القمر الاصطناعي CFOSAT، وهو قمر مختص في علوم المحيطات ويستخدم بشكل رئيسي في الأرصاد الجوية البحرية.
وشاركت عدة دول أوروبية في برنامج تشانغ إه الصيني لاستكشاف القمر.
وقال ماكدويل، إنه على الرغم من أن مراقب الأجسام الفضائية المتغيرة “ليس فريدا بأي حال من الأحوال”، إلا أنه يظل “مهما” في سياق التعاون الفضائي بين الصين والغرب.
وبعد وصوله إلى المدار على ارتفاع 625 كيلومترًا فوق الأرض، سيرسل القمر الاصطناعي بياناته إلى المراصد الأرضية.
ويتمثل التحدي الرئيسي في أن انفجارات “أشعة غاما” قصيرة للغاية، وهذا يجعل العلماء في سباق مع الزمن لجمع المعلومات.
وبمجرد اكتشاف انفجار، سيرسل المرقب تنبيهًا إلى الفريق المناوب على مدار الساعة.
وفي غضون خمس دقائق، سيتعين عليهم تشغيل شبكة من التلسكوبات الموجودة على الأرض وتوجيهها لتتوافق بدقة مع محور مصدر الانفجار للحصول على عملية العالم نيوزدقيقة وأكثر تفصيلا.