وتزداد الخشية من استغلال الإخوان هوامش حرية التعبير والتعددية الدينية، في بناء نفوذها تدريجيا والتغلغل بصمت داخل المؤسسات مستغلة الثغرات القانونية والثقافية في المجتمعات الأوروبية.
وخلال اجتماع مجلس الدفاع الفرنسي جرى تناول التقرير المشترك للوزارات والهيئات الأمنية والاستخباراتية، والذي العالم نيوزما وصف بمعطيات مقلقة تتعلق بأنشطة الجماعة سواء العلنية منها أو تلك التي تدار في الخفاء، وسط تحذيرات من أن هذه التحركات قد تشكل تهديدا مباشرا لتماسك المجتمع الفرنسي.
وكشف التقرير أن منظمات لها صلات بجماعة الإخوان تحاول التأثير على مؤسسات الاتحاد الأوروبي من خلال أنشطة ضغط كبيرة.
النسخة التي اطلعت عليها صحيفة “بوليتيكو” أشارت إلى أن جماعة الإخوان التي صنفت إرهابية في عدد من الدول العربية تسعى إلى نشر أجندتها من خلال عدد من المنظمات الأوروبية العابرة للحدود التي تشترك في الأيديولوجيا ذاتها.
ووفق التقرير الفرنسي فإن أفرادا من الدائرة المقربة للجماعة يشغلون عضوية في مجلس المسلمين والأوربيين وأن المنتدى يستخدم كهيكل تدريبي لكوادر الإخوان.
ما مصير الجماعة أوروبيا؟
من باريس يرى المعتصم الكيلاني المختص في القانون الدولي، أن القرار الفرنسي تجاه جماعة الإخوان يتماشى مع توجهات بعض الدول الأوروبية التي تبدي قلقا متزايدا من نشاطات الجماعة، فعلى سبيل المثال أبدت ألمانيا والنمسا مخاوف مماثلة بشأن تأثير الإخوان على القيم الديمقراطية والتماسك الاجتماعي.
ولفت الكيلاني، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أنه على الرغم من عدم إعلان الحظر الشامل للجماعة في فرنسا فإن الدعوة إلى اتخاذ إجراءات جديدة تشير إلى إمكانية فرض تدابير أكثر صرامة خاصة في ظل الضغط السياسي المتزايد من اليمين المتطرف.
وعن التداعيات المنتظرة أشار الكيلاني إلى أن هذه الخطوة “تهدف إلى تعزيز الأمن الداخلي من خلال الحد من النفوذ الأيديولوجي الذي يُعتقد أنه يهدد القيم الجمهورية، ومع ذلك قد تؤدي هذه الإجراءات إلى توترات داخل المجتمع الفرنسي إذا ما شعر بعض المواطنين المسلمين بأنهم مستهدفون بشكل غير عادل، مما قد يثير قلاقل اجتماعية ويؤثر على التماسك الاجتماعي، وستعمل السلطات الفرنسية على توضيح ذلك حتى لا يحدث أي خلط”.
تحذير من العمل السري
جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب والدراسات الاستخباراتية، يرى أن الخطوة التي اتخذها ماكرون قد تشكل تمهيدا فعليا لحظر شامل لجماعة الإخوان داخل فرنسا، إذ تأتي امتدادا للإجراءات التي بدأتها باريس منذ عام 2022 في إطار مواجهة تيارات الإسلام السياسي.
وأوضح محمد أن قرار ماكرون يستهدف ليس فقط الجماعة ككيان بل يمتد ليشمل الجمعيات والمنظمات المرتبطة بها، معتبرا أن هذه الإجراءات رغم أهميتها قد لا تكون كافية لاحتواء نشاط الجماعة، التي يرجح أنها ستلجأ إلى العمل السري، وهو ما يشكل تحديا جديدا للأجهزة الأمنية والاستخباراتية الفرنسية.
وأشار محمد إلى أن ما يجري في فرنسا يمكن اعتباره تحولا نوعيا في طريقة تعاطي الدولة مع جماعة الإخوان، حيث باتت الإجراءات جزءا من استراتيجية أوسع تتضمن تجديد السياسات الأمنية في مواجهة جماعات الإسلام السياسي لا سيما تلك التي تتغلغل داخل المجتمعات الغربية.
وحذر رئيس المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب، من أن الإجراءات الفرنسية ستواجه اختبارات حقيقية تتعلق بالأمن المجتمعي، خاصة أن الجماعة تميل إلى استثمار المظاهرات العامة والتجمعات والمناسبات السياسية والدينية لتوسيع نفوذها، كما أن الأوضاع الدولية وعلى رأسها النزاعات الإقليمية مثل حرب غزة قد توفر بيئة خصبة لهذا النوع من النشاط.