كانت إسرائيل ترغب في تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، مع الإفراج عن عدد أكبر من الرهائن، بينما أرادت حماس بدء مفاوضات جديدة.
ومع تعثر المفاوضات التي أجريت في قطر ومصر، عاد الوفد الإسرائيلي إلى تل أبيب، حيث تم تقييم الموقف ليتم اتخاذ قرار بشن هجوم جديد على القطاع.
وفقًا للكاتب والباحث السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان، فإن هذا التصعيد يأتي ضمن خطة إسرائيلية متكاملة تهدف إلى الضغط على حماس والوسطاء لاستئناف المفاوضات بشروط إسرائيلية، قائلاً: “إسرائيل امتنعت عن تقديم تنازلات بسبب الضغوط الداخلية، خاصة مع تصاعد الاحتجاجات من عائلات المختطفين الذين يخشون أن تكون العمليات العسكرية تهدد حياة المحتجزين”.
الأهداف السياسية والعسكرية للهجوم الإسرائيلي
يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، حسام الدجني، أن التصعيد الإسرائيلي يحمل عدة أهداف سياسية وعسكرية، أبرزها حماية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وضمان تصويت الأحزاب اليمينية المتطرفة على الميزانية العامة، حيث قال: “الهجوم على غزة يخدم أجندة نتنياهو الداخلية، فهو يهدف إلى الحفاظ على تحالفه الحكومي عبر تقديم تنازلات لليمين المتطرف”.
ويضيف الدجني أن التصعيد يعكس أيضا رغبة إسرائيل في الضغط على المفاوض الفلسطيني، معتبرا أن إسرائيل لم تكن بحاجة إلى ذريعة جديدة لاستئناف الحرب، لأن نواياها كانت واضحة منذ البداية، حيث قال: “إسرائيل كانت تهدد طوال الوقت بإمكانية استئناف الحرب، بحجة أن حماس رفضت العرض الإسرائيلي بالإفراج عن 11 رهينة أحياء و16 جثمانا مقابل 400 أسير فلسطيني”.
حماس بين المفاوضات والتصعيد العسكري
في المقابل، تؤكد حماس أنها لم تتراجع عن الاتفاق المبرم في يناير، والذي تم بضمانات دولية، لكنها ترى أن أي تنازل إضافي يعني خضوعها للضغوط الإسرائيلية. ويشير الدجني إلى أن الحركة قدمت مرونة في بعض القضايا، لكنه يعتبر أن إسرائيل هي الطرف الذي أفشل المفاوضات، قائلاً: “إسرائيل تحاول فرض شروط جديدة تتجاوز الاتفاق الأساسي، بينما حماس ترفض أن يكون الأسرى الإسرائيليون أكثر أهمية من آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يعانون في السجون”.
أما نيسان، فيرى أن التصعيد العسكري الإسرائيلي يستهدف استنزاف قدرات حماس وإضعاف بنيتها التحتية، مؤكدا أن إسرائيل حصلت على معلومات استخباراتية تفيد بأن حماس تعيد بناء قوتها العسكرية وتجند المزيد من العناصر، مما دفع الحكومة الإسرائيلية لاتخاذ قرار بضرب مواقعها في غزة.
الضحايا المدنيون وتداعيات القصف الإسرائيلي
مع تصاعد القصف الإسرائيلي، ارتفعت أعداد القتلى بين المدنيين، حيث شملت الضربات مناطق سكنية وأحياء مكتظة بالسكان. ويشير الدجني إلى أن غالبية الضحايا هم من المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، قائلا: “ما حدث في غزة جريمة حرب مكتملة الأركان، حيث استهدفت الغارات المنازل والملاجئ، مما أدى إلى مقتل العديد من العائلات بأكملها”.
في المقابل، يصر نيسان على أن الجيش الإسرائيلي يستهدف قيادات حماس وليس المدنيين، مدعيا أن الحركة تستخدم سكان غزة كـ”دروع بشرية”، إلا أن الدجني يرد على هذا الطرح بقوله: “هذه الذريعة سقطت منذ سنوات، فالضحايا الذين يسقطون هم في الغالب من المدنيين، وهذا لا يعفي إسرائيل من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية”.
مستقبل الأوضاع في غزة والموقف الدولي
مع استمرار التصعيد، تتزايد التساؤلات حول موقف المجتمع الدولي وقدرته على وقف العدوان الإسرائيلي. يشير الدجني إلى أن إسرائيل تتجاهل قرارات الأمم المتحدة، متسائلًا: “لماذا لا تلتزم إسرائيل بالاتفاقيات؟ هي التي انقلبت على اتفاق أوسلو، فمن الطبيعي أن تنقلب على أي اتفاق آخر”.
أما نيسان، فيرى أن إسرائيل لن تتراجع عن عمليتها العسكرية إلا إذا حصلت على ضمانات أمنية كاملة، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية لن توقف عملياتها طالما ترى أن حماس ما زالت تشكل تهديدا عسكريا لها.
في ظل هذه التطورات، يبقى قطاع غزة تحت نيران القصف الإسرائيلي، بينما يدفع المدنيون الثمن الأكبر في هذه الحرب المستمرة، وسط تعثر الجهود الدبلوماسية وعدم وجود أي أفق لحل سياسي قريب.