ويؤكد ليث البلعوس، قائد حركة “الرجال الكرامة”، أن العناصر المكلفة بهذه المسؤولية ستكون من أبناء المحافظة، مع إنشاء مركز تجنيد خاص بهم، على أن تقتصر خدمتهم داخل السويداء.
وأشار البلعوس إلى أن هذا الاتفاق جاء بعد اجتماعات مكثفة بين فصائل السويداء والوزارتين.
في المقابل، تحاول إسرائيل استقطاب المكون الدرزي في الجنوب السوري عبر الإعلان عن فرص عمل وتقديم الحماية، ما يثير تساؤلات حول الموقف الدرزي من الدولة السورية الجديدة ومحاولات تل أبيب للتأثير على الوضع في الجنوب.
الموقف الإسرائيلي.. ضمانات أمنية أم محاولة استقطاب؟
من الجانب الإسرائيلي، صرح وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، بأن الجيش الإسرائيلي سيبقى في سوريا لفترة غير محددة، مشيرًا إلى أن الهدف هو ضمان أن تبقى المنطقة العازلة منزوعة السلاح.
وأضاف أن هذه الخطوة تأتي لحماية أمن إسرائيل وردع أي تهديد محتمل من الجانب السوري. وقال كاتس: “سنحافظ على المنطقة الأمنية وجبل الشيخ، ونضمن أن تكون جنوب سوريا خالية من التهديدات، وسنحمي أيضا سلامة الدروز في المنطقة”.
على صعيد آخر، وافقت إسرائيل مؤخرًا على السماح للعمال الدروز من سوريا بالعمل داخلها. ويقول الوزير السابق عن حزب الليكود أيوب قرا، في تصريحاته لـ”سكاي نيوز عربية”: “أنا أول من عمل على إدخال العمال إلى إسرائيل، لأنهم سيحصلون على فرص عمل برواتب تصل إلى 3000 دولار، ما يحسن مستوى معيشتهم”.
وأضاف قرا: “لماذا لا يكون هناك تعاون اقتصادي مع الدروز كما يحدث مع دول عربية أخرى؟”.
الموقف الدرزي.. بين الاندماج في الدولة ورفض الاستقطاب
يواجه المكون الدرزي في سوريا خيارات معقدة، إذ يرى بعض قياداته ضرورة الاندماج في مؤسسات الدولة السورية لضمان الاستقرار. في هذا السياق، أكد كل من ليث البلعوس وسليمان عبد الباقي، وهما من القيادات الفاعلة في السويداء، أن فصائلهما تؤيد مبادرة الحكومة السورية لتفعيل الأمن العام، بحيث يتولى أبناء المحافظة المسؤوليات الأمنية.
إلا أن الوزير السابق أيوب قرا يرى أن الغالبية العظمى من الدروز ترفض هذا التوجه، مشيرا إلى أن الزعيم الدرزي الشيخ حكمت الهجري هو الممثل الحقيقي للمكون الدرزي، وأن موقفه لم يتغير.
وقال قرا: “90 بالمئة من دروز سوريا يدعمون موقف الشيخ حكمت الهجري، الذي يطالب بضمان الأمن والسكان وأن يكونوا شركاء في الحكومة”.
في المقابل، يطرح الصحفي السوري نورس عزيز رؤية مختلفة، إذ يرى أن هناك انقساما داخل المكون الدرزي بين من يؤيدون الاندماج في الدولة السورية الجديدة ومن ينظرون بحذر إلى المستقبل، خاصة في ظل استمرار التدخلات الإسرائيلية في الجنوب السوري.
إسرائيل والملف الدرزي.. حماية أم تدخل؟
يرى مراقبون أن إسرائيل تستخدم قضية الدروز في سوريا كورقة ضغط سياسية وأمنية. ويؤكد نورس عزيز أن إسرائيل تتدخل بشكل مباشر في ملف السويداء عبر التصريحات العلنية لمسؤوليها حول حماية الدروز، بالإضافة إلى فتح سوق العمل أمامهم. لكنه يشير أيضًا إلى أن “تل أبيب تسعى إلى استغلال الوضع الاقتصادي الصعب في الجنوب السوري لكسب ولاءات معينة، وليس فقط لتقديم الدعم”.
أما أيوب قرا، فيرفض فكرة أن تكون إسرائيل تسعى لاستغلال الدروز، قائلا: “نحن نحافظ على إخواننا عبر وجودنا في جيش الدفاع الإسرائيلي، ولدينا ضباط دروز في مواقع متقدمة”.
وأضاف: “فتح سوق العمل أمام دروز سوريا لا يعني أننا نحاول استقطابهم، بل هو جزء من تحسين الوضع الاقتصادي في المنطقة”.
مستقبل الدروز في سوريا وسط التحولات الإقليمية
يجد المكون الدرزي في سوريا نفسه أمام خيارين؛ الأول يتمثل في الاندماج ضمن مؤسسات الدولة السورية وفق التفاهمات التي تم التوصل إليها بين وجهاء السويداء ودمشق، والثاني يتعلق بالفرص التي تروج لها إسرائيل، والتي تحمل في طياتها أبعادًا أمنية وسياسية.
وبينما تحاول دمشق استعادة السيطرة على كافة أراضيها ودمج الدروز ضمن مؤسساتها، تعمل إسرائيل على تقديم نفسها كحامية لهم، ما يثير التساؤلات حول مدى تأثير هذه السياسة على مستقبل الجنوب السوري، وما إذا كانت ستساهم في استقراره أم أنها ستفتح المجال أمام مزيد من التوترات الإقليمية.