ولم يقتصر الأداء الإيجابي على العملة، بل امتد أيضًا إلى سوق الأسهم الروسية، التي سجلت ارتفاعًا بنحو 10 بالمئة، إضافة إلى المكاسب الكبيرة التي حققتها أسهم الشركات المرتبطة بالسوق الروسية، مثل أحد البنوك النمساوية الذي شهدت أسهمها قفزة تجاوزت 35 بالمئة بفضل زيادة الطلب من المستثمرين.
محركات الازدهار.. الطاقة والشراكات التجارية
يعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على صادرات الطاقة، حيث بلغ إنتاج النفط 9.1 مليون برميل يوميًا في 2024، بينما وصل إنتاج الغاز الطبيعي إلى 685 مليار متر مكعب. كما أسهمت العلاقات التجارية القوية بين روسيا والصين، التي بلغت قيمتها 244 مليار دولار، في دعم الاقتصاد الروسي خلال الفترة الأخيرة.
لكن رغم هذه المؤشرات الإيجابية، هناك توقعات بتباطؤ النمو الاقتصادي في 2025، حيث يتوقع أن يتراجع إلى 1.4 بالمئة مقارنة بـ 4.1 بالمئة في 2024. كما أن معدلات الفائدة المرتفعة، التي بلغت 12 بالمئة، قد تشكل عقبة أمام استمرار الزخم الاستثماري.
هل الرهان على الروبل مبرَّر؟
يرى مازن سلهب كبير استراتيجي الأسواق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا BDSwiss ، خلال حديثه الى برنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربية أن “هناك فرصًا حقيقية في المرحلة الحالية، لكن من المبكر الحكم على استدامتها”.
ويضيف: “الأسواق تميل إلى التسعير السريع للأحداث، مما قد يعني أن الارتفاع الحالي للروبل مدفوع بالمضاربات أكثر من كونه نتيجة لتحولات اقتصادية طويلة الأمد”.
ويحذر سلهب من أن العقوبات الغربية لا تزال عائقًا رئيسيًا أمام التعافي الكامل للاقتصاد الروسي، خاصة في ظل استمرار عزلة روسيا عن النظام المالي العالمي مثل منظومة التحويلات الدولية سويفت (SWIFT).
عودة الاستثمارات الغربية: هل هي قريبة؟
تظل مسألة عودة الشركات الغربية إلى روسيا مرتبطة بالتطورات السياسية. ويؤكد سلهب أن “الشركات التي انسحبت من روسيا لم يكن قرارها اقتصاديًا فقط، بل سياسيًا أيضًا، لذا فإن عودتها ستعتمد على تغير الموقف الغربي تجاه موسكو”. ويرى أن تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يعجّل في تغير الوضع بين روسيا وأوكرانيا، مما قد يسهم في تخفيف العقوبات وإعادة بعض الشركات الغربية تدريجيًا.
العملات المشفرة: مستقبل غامض وسط التحولات الاقتصادية
في سياق آخر، يشير سلهب إلى أن القرارات الأميركية المرتقبة بشأن تنظيم العملات المشفرة قد يكون لها تأثير كبير على الأسواق.
ويضيف: “إذا قررت الولايات المتحدة تبني سياسات داعمة للعملات المشفرة مثل البتكوين والإيثيريوم، فقد نشهد موجة جديدة من الاستثمارات العالمية في هذا القطاع، مما قد يخلق تحديات أمام هيمنة الدولار على النظام المالي الدولي”.
الروبل بين الفرصة والمخاطرة: ماذا بعد؟
رغم الأداء القوي للروبل، لا تزال هناك تساؤلات حول مدى استدامة هذا الصعود.
فبينما يرى البعض أن نهاية الأزمات تفتح فرصًا جديدة، يبقى الحذر ضروريًا في ظل استمرار التحديات الجيوسياسية. فهل يمثل هذا الارتفاع بداية مرحلة جديدة من الاستقرار الاقتصادي في روسيا، أم أنه مجرد موجة مؤقتة تحكمها المضاربات والأسواق المتقلبة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.