يواجه الاقتصاد الصيني رياحا معاكسة على عدة جبهات تتصدرها أزمة ديون في قطاع العقارات.
وخلال اجتماع سنوي مغلق عقد الاثنين والثلاثاء، تعهّد كبار صانعي القرارات في بكين بمن فيهم الرئيس شي جين بينغ “نزع فتيل المخاطر في قطاع العقارات بشكل نشط ولكنه آمن” و”الإيفاء باحتياجات التمويل المعقولة لشركات العقارات”.
كما أكدوا بأنهم سيعملون على “تنسيق الجهود لنزع فتيل المخاطر من المؤسسات المالية الصغيرة ومتوسطة الحجم في الدين المحلي لقطاع العقارات”، بحسب ما ذكرت شبكة البث الرسمية “سي سي تي في”.
تعّهدوا أيضا “مواصلة الحماية بشكل فاعل من المخاطر ونزع فتيلها في مجالات رئيسية”.
خفضت وكالة “موديز” التوقعات لتصنيف الصين الائتماني الأسبوع الماضي إلى سلبي من مستقر، مشيرة إلى “مخاطر سلبية واسعة تواجه قوة الصين المالية والاقتصادية والمؤسساتية” ناجمة عن الأزمة في سوق العقارات.
بدورها، شددت وزارة المال في بكين على أن “لا داعي” لمخاوف الوكالة حيال الاقتصاد الصيني.
مشاكل في قطاع العقارات
لكن المشاكل في قطاع العقارات الذي يعد محرّكا تقليديا للنمو ما زالت من بين أكبر مصادر القلق إذ أنه عالق في أزمة ديون عميقة. تبلغ ديون عدد من كبرى شركات التطوير العقاري الصينية مئات مليارات الدولارات وتواجه احتمال الإفلاس.
يساهم قطاع البناء والعقارات في نحو ربع إجمالي الناتج الداخلي الصيني.
أُمهلت مجموعة التطوير العقاري العملاقة والمثقلة بالديون “إيفرغراند” هذا الشهر حتى أواخر يناير لوضع خطة لإعادة الهيكلة، في تمديد لمهلة نهائية يمكن أن تؤدي إلى تصفيتها.
وبلغت مستحقات “إيفرغراند” التي كانت في الماضي أكبر شركة صينية للتطوير العقاري 300 مليار دولار.
وتشعر السلطات بالقلق إذ أن المخاوف المرتبطة بالديون تقلّص ثقة المستثمرين ما أدى إلى تراجع كبير في أسعار العقارات وهو أمر يهدد بالتأثير على قطاعات أخرى.
وأقر مسؤولون في اجتماع هذا الأسبوع الاقتصادي بأنه “ما زال يتعيّن على الصين تجاوز بعض الصعوبات والتحديات لإنعاش الاقتصاد بشكل أفضل”.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية بأن كبار القادة اتّخذوا قرارا خلال الاجتماع بشأن “أولويات العمل الاقتصادي في 2024” بينما ألقى شي خطابا.
وأوضح التقرير أن القادة أشاروا إلى أن “الاقتصاد الصيني حقق تعافيا” و”الظروف المواتية تتجاوز العوامل غير المواتية في تنمية الصين”.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عن المسؤولين قولهم إن “الاتجاه الأساسي للتعافي الاقتصادي والتوقعات الإيجابية بعيدة الأمد لم تتغيّر”.
“مرحلة حاسمة”
حذّر شي الأسبوع الماضي من أن التعافي الاقتصادي لبلاده ما زال في “مرحلة حاسمة” وأمر بإجراءات لزيادة الطلب و”نزع فتيل” المخاطر.
ارتفعت الصادرات في نوفمبر لأول مرة منذ سبعة شهور رغم أن الرقم المسجّل هو مقارنة مع مستوى منخفض من العام الماضي عندما كان تأثير سياسات كوفيد الصارمة كبيرا.
وتتراجع الصادرات الصينية التي تعد محرّكا رئيسيا للنمو إلى حد كبير منذ أكتوبر الماضي، باستثناء انتعاش لم يدم طويلا في مارس وأبريل.
سلّط التراجع المفاجئ في الواردات في نوفمبر أيضا الضوء على ضعف النشاط الاستهلاكي في البلاد.
كما رسمت أرقام الأسبوع الماضي التي تظهر بأن دخول البلاد في حالة انكماش مالي تسارع في نوفمبر صورة قاتمة عن الوضع.
وأفاد مسؤولون بأن التراجع مرتبط بـ”تقلبات ذات اتجاه تنازلي في أسعار الطاقة والمواد الغذائية”.
تهدف الصين لتحقيق نمو يبلغ “حوالى خمسة في المئة” هذا العام، مقارنة مع أساس منخفض العام الماضي عندما شلّت قيود كوفيد الصارمة الاقتصاد المحلي.
لكن بكين تواجه معركة صعبة لتحقيق هذا الهدف فيما تواجه السلطات ضغوطا لزيادة الدعم بعدما أصدرت سندات سيادية بقيمة تريليون يوان (137 مليار دولار) في أكتوبر.