هذا التعيين يحمل رمزية كبيرة، كونه يأتي في أعقاب انتخاب جوزيف عون رئيسا للجمهورية، وهو اختيار يعكس، بحسب المحلل في “سكاي نيوز عربية” موفق حرب، بداية “مرحلة جديدة تتسم بتراجع نفوذ الثنائي الشيعي وتطلعات لمواجهة الفساد وإصلاح النظام السياسي”.
تسمية نواف سلام: مفاجأة اللحظة الأخيرة
في خطوة مفاجئة، حصل نواف سلام على دعم واسع من الكتل النيابية، ليحصد 84 صوتا في الاستشارات النيابية. التحول الدراماتيكي في مواقف بعض الكتل، مثل التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل واللقاء الديمقراطي بقيادة وليد جنبلاط، أتى في اللحظات الأخيرة، مما عزز فرص سلام.
يرى حرب أن هذا التحول “يعكس إدراك القوى السياسية ضرورة التماشي مع الواقع الجديد، خاصة مع تصاعد الضغوط الشعبية والمجتمع الدولي”.
الميثاقية.. عقدة التشكيل المقبلة
تسمية سلام، التي جاءت دون موافقة الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، فتحت الباب على مصراعيه لجدل حول “الميثاقية” في تشكيل الحكومة المقبلة.
يرى موفق حرب خلال حديثه لسكاي نيوز عربية أن إحجام الثنائي الشيعي عن المشاركة في الحكومة يعكس حالة من التحدي السياسي قد تطيل عملية التشكيل أو تعرقلها بالكامل. حزب الله، الذي ينظر إلى غياب التمثيل الشيعي كتهديد لوجوده السياسي، قد يستخدم هذا الأمر كورقة ضغط على الرئيس المكلف.
انحسار نفوذ حزب الله… تغييرات داخلية وخارجية
تراجع نفوذ حزب الله في الحياة السياسية اللبنانية أصبح واقعًا ملموسًا في ظل الضغوط الدولية والأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
حرب يؤكد أن “سقوط النظام السوري وتراجع الدعم الإيراني أضعفا من قدرة حزب الله على فرض أجندته السياسية”. كما أن المناطق التي تشكل قاعدة شعبية للحزب، مثل الضاحية الجنوبية وبعلبك، تعاني من تدهور اقتصادي وإنساني غير مسبوق، ما يضع الحزب في موقف دفاعي أمام جمهوره.
تحديات نواف سلام في تشكيل الحكومة
تشكيل حكومة برئاسة نواف سلام يواجه العديد من العقبات، أبرزها رفض حزب الله المشاركة وطرح شروط تتعلق بالتمثيل الوزاري والقرار 1701.
ويشير موفق حرب إلى أن “حزب الله يصر على الاحتفاظ بوزارة المالية لضمان نفوذه داخل الحكومة، ما يجعل أي اتفاق سياسي مشروطًا بقبول هذه المطالب”. في المقابل، سلام، الذي برز في المشهد السياسي منذ احتجاجات 17 أكتوبر 2019، يبدو مصممًا على تشكيل حكومة بعيدة عن هيمنة الأحزاب التقليدية.
معركة الثقة: حكومة تصريف الأعمال أم انطلاقة جديدة؟
رفض الثنائي الشيعي منح الثقة لحكومة سلام قد يدفع البلاد نحو أزمة جديدة، حيث ستتحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال. هذا السيناريو يثير تساؤلات حول قدرة الرئيس جوزيف عون على إدارة العهد الجديد وسط استمرار الشلل السياسي. حرب يشير إلى أن “عدم منح الثقة للحكومة قد يضع البلاد أمام خيارين: إما القبول بالتسوية السياسية أو استمرار حالة الجمود التي تزيد من تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي”.
الفرص والتحديات في عهد جوزيف عون
يرى المراقبون أن جوزيف عون نجح في أول اختبار سياسي بترجمة خطاب القسم إلى خطوات عملية عبر تسمية سلام. وفق موفق حرب، “انتخاب جوزيف عون وتكليف نواف سلام يمثل بداية لتغيير جذري في الأدبيات السياسية اللبنانية، حيث بدأ يتراجع نفوذ القوى التقليدية لصالح تيارات جديدة تعكس مطالب الشارع اللبناني”.
المجتمع الدولي: شرط الإصلاح للحصول على المساعدات
الوضع الاقتصادي المتردي يضع الحكومة اللبنانية أمام اختبار دولي حاسم. حرب يوضح أن “المجتمع الدولي يشترط تشكيل حكومة إصلاحية للحصول على المساعدات. استمرار الفساد وغياب الإصلاحات سيحول دون تقديم الدعم المالي اللازم”. كما أن تراجع إيران عن تقديم الدعم المالي لحزب الله يضيف مزيدًا من الضغط على المشهد السياسي.
تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة اللبنانية يمثل خطوة جريئة نحو تغيير المشهد السياسي، لكنه يفتح الباب أمام صدامات سياسية محتملة، خاصة في ظل غياب توافق على الميثاقية.
مع ذلك، يرى موفق حرب أن “التغيير في لبنان كان مطلبًا شعبيًا، وتسارع الأحداث الإقليمية خلق فرصة لتشكيل طبقة سياسية جديدة. السؤال الآن هو: هل ستتمكن الحكومة الجديدة من كسب ثقة الداخل والمجتمع الدولي لتبدأ مسار الإصلاح، أم ستبقى رهينة للصراعات القديمة؟”.
يبقى على نواف سلام أن يواجه التحديات بخطوات محسوبة في سبيل تحقيق التوازن بين مختلف القوى، في وقت يحتاج فيه لبنان أكثر من أي وقت مضى إلى حكومة قادرة على قيادة البلاد نحو الاستقرار والإصلاح.
