وبخلاف الزخم القوي الذي من المتوقع أن يستمر في 2025 بالنسبة لقطاع التكنولوجيا بدعمٍ من ثورة الذكاء الاصطناعي، فمن المتوقع أيضاً أن تشهد قطاعات الطاقة التقليدية، مثل النفط والغاز، نشاطًا متزايدًا، نظرًا لدعمه المستمر لصناعة الوقود الأحفوري وإلغاء التشريعات البيئية الصارمة. كما يُرجَّح أن يشهد قطاع التصنيع والصناعات الثقيلة انتعاشًا ملحوظًا بفضل سياسات الحمائية وإعادة توطين سلاسل التوريد.
قطاعات مرشحة
في هذا السياق، يقول محللو بنك يو بي إس، في مذكرة للعملاء، إنه على المستثمرين مراقبة الأسهم في عدد قليل من القطاعات الرئيسية عن كثب في العام المقبل 2025.
يوصى المحللون وفق التقرير الذي نشره “بيزنس انسايدر” المستثمرين بالاستثمار في أسهم التكنولوجيا والخدمات المالية والصناعات والمرافق في العام 2025. وأشاروا إلى الوضع القوي للقطاعات في ظل الظروف السوقية الحالية ووسط توقعات بسياسات مؤيدة للأعمال في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وقال المحللون إن قطاع التكنولوجيا يظل الاختيار الأول، وسوف يتفوق على المكاسب في السوق الأوسع في العام المقبل، بزيادة متوقعة قدرها 19.8 بالمئة في عام 2025 مقارنة بنحو 9.4 بالمئة لبقية السوق.
تأتي دعوتهم في الوقت الذي دفعت فيه التكنولوجيا مسيرة صعود مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى مستويات جديدة في الأشهر الأخيرة وسط طفرة الذكاء الاصطناعي، والتي تمثل ما يقرب من 35 بالمئة من أرباح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في العام الماضي. وعبر بعض الاستراتيجيين عن مخاوفهم من فقاعة السوق التي تختمر ، لكن محللي يو بي إس يظلون متفائلين.
كما ظل المستثمرون متفائلين بشأن القطاع المالي، الذي قالوا إنه سيستفيد أكثر من سياسات ترامب المؤيدة للأعمال. ومن المتوقع عمومًا أن يعمل موقف ترامب المتحرر من القيود التنظيمية والتخفيضات الضريبية المقترحة على الشركات على تعزيز نشاط الصفقات ونمو الأرباح، مما يغذي مكاسب الأسهم المالية.
وكتب المحللون أن أسهم الصناعات في حالة جيدة أيضًا بحلول العام 2025. وقالوا إن القطاع يبدو أكثر جاذبية (..).
وفي الوقت نفسه، أفادوا بأن قطاع المرافق هو أفضل قطاع دفاعي وسط الطلب القوي على الطاقة من الذكاء الاصطناعي والمركبات الكهربائية. وقد تفوق أداء قطاع المرافق في الأشهر الأخيرة، حيث ارتفع مؤشر MSCI ACWI Utilities بنحو 20 بالمئة منذ بداية العام حيث دفعت مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي استخدام الكهرباء في الولايات المتحدة إلى الارتفاع.
وفي الوقت نفسه، يظل المحللون محايدين فيما يتعلق بالرعاية الصحية، ويقللون من أهمية الطاقة والمواد والسلع الأساسية وصناديق الاستثمار العقاري. وتأتي دعوة المحللين في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسهم الأميركية بعد فوز ترامب في الانتخابات.
مواصلة الزخم
في تعليق له على أداء وول ستريت المتوقع للعام 2025، يشير خبير أسواق المال والعضو المنتدب لشركه اي دي تي للاستشارات والنظم التكنولوجية، محمد سعيد، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن قطاع التكنولوجيا لا يزال مرشحًا للنمو القوي بفضل استمرار تطور الذكاء الاصطناعي الذي يفتح آفاقًا جديدة للشركات، موضحاً أن القطاع يظل محورًا رئيسيًا للنمو، لكنه لن يحافظ على نفس الدرجة من الهيمنة التي شهدها خلال الأعوام السابقة، في تقديره.
ويلفت إلى أن المستثمرين بدأوا يشككون في قدرة قطاع التكنولوجيا على تحقيق أرباح تتناسب مع الاستثمارات الضخمة التي تُضخ فيه. كما أن هناك عوامل أخرى تؤثر سلبًا على القطاع، مثل التحديات القانونية التي تواجهها الشركات العملاقة فيه، مضيفاً: “رغم هذه التحديات، قطاع التكنولوجيا سيستمر في الصعود، لكنه لن يكون على نفس القدر من السيطرة”.
ويرى خبير أسواق المال أن هناك قطاعات أخرى مرشحة للنمو في ظل السياسات النقدية التيسيرية المتوقعة، وهي كالتالي:
- القطاع المالي: مع انخفاض معدلات الفائدة وزيادة السيولة في السوق، من المتوقع أن يشهد هذا القطاع انتعاشًا نسبيًا بعد تأثره سلبًا بالفائدة المرتفعة.
- قطاع العقارات: بعد فترة طويلة من التراجع بسبب السياسات النقدية المتشددة، قد يستفيد القطاع من السيولة الجديدة والتيسير النقدي.
- القطاع الصناعي: التوجه نحو الإجراءات الحمائية التي قد يُعيدها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، قد يدعم الصناعات المحلية مثل صناعة السيارات ويعزز النمو في هذا القطاع.
ويختتم سعيد حديثه بالتأكيد على ضرورة متابعة هذه التحولات بعناية، حيث تظل الفرص والتحديات قائمة في مختلف القطاعات.
أهم القطاعات
كما يتحدث رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” عن التوقعات الاقتصادية والقطاعات التي يُرجح أن تشهد نمواً في ظل عودة دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، مشيراً إلى تأثير السياسات الاقتصادية والإصلاحات المتوقعة على الأسواق.
يرى يرق أن قطاع التكنولوجيا سيواصل أداءه الجيد، خاصة مع استمرار التركيز على الذكاء الاصطناعي، الذي يعتبر محركاً رئيسياً للنمو، موضحاً أنه “مع الفورة الحالية في مجال الذكاء الاصطناعي، تظل شركات التكنولوجيا من بين الأبرز في الأسواق”.
ويضيف: “القطاعات الأخرى التي قد تستفيد من السياسات المتوقعة في عهد ترامب تشمل القطاع المصرفي، حيث يُرجح أن يؤدي تخفيف القيود التنظيمية إلى تحسين أداء البنوك”، مشيراً إلى أنه “مع سياسات تخفيف التشريعات، ستكون البنوك قادرة على تحقيق نتائج أفضل في ظل بيئة أقل تقييداً.”
كما يشير إلى أن الشركات الصغيرة ستستفيد بشكل كبير من تخفيض الضرائب المتوقع، قائلاً: “الشركات الصغيرة، وخاصة تلك المدرجة في مؤشر Russell 2000، ستجد متنفساً أكبر إذا انخفضت الضرائب”.
ويتوقع يرق أيضاً أن القطاع النفطي سيشهد نمواً، مع التركيز على زيادة استخراج النفط الأميركي وإصدار تصاريح جديدة. “قطاع النفط الأميركي سيكون في موقع قوي مع السياسات التي تدعم الإنتاج المحلي وتخفف القيود على الشركات النفطية”.
وعن القطاعات غير التقليدية، يعتقد بأن التشدد المحتمل في سياسات الهجرة قد يُفيد قطاع السجون الخاصة، حيث قال: “في حال اتخاذ سياسات أكثر صرامة تجاه المهاجرين غير الشرعيين، فإن قطاع السجون الخاصة قد يحقق أداءً جيداً بسبب زيادة الطلب على خدماته”.
ويشدد على أن المرحلة المقبلة ستكون مليئة بالفرص في قطاعات متنوعة، معتبراً أن الأسواق تترقب هذه التطورات بحذر وتفاؤل.
ثلاثة قطاعات رئيسية
بدوره، يفيد مدير مركز رؤية للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بلال شعيب، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” بأن القطاعات الأكثر ترجيحًا لقيادة النمو في العام المقبل 2025 تتمثل في ثلاثة مجالات رئيسية:
أولًا: قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
بحسب شعيب، فإن هذا القطاع سيستمر في النمو بشكل ملحوظ، خاصة في ظل الاهتمام العالمي بالتحول الرقمي والتكنولوجيا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تُعطي هذا المجال أولوية كبرى نظرًا لدوره الحيوي في امتلاك المعرفة والمعلومات، بالإضافة إلى تأثيره الكبير على تعزيز النمو الاقتصادي، خصوصًا فيما يتعلق بالتنمية الصناعية والزراعية.
ثانيًا: قطاع الرعاية الصحية والطبية
القطاع سيشهد تقدمًا ملحوظًا، في تقدير شعيب، لا سيما بعد الثغرات التي ظهرت خلال ولاية دونالد ترامب الأولى، حيث كان هناك نقص في الاهتمام بهذا المجال رغم انتشار جائحة كورونا. هذا النقص أبرز الحاجة إلى تحسين الأنظمة الصحية وتوسيع الاستثمارات في الرعاية الطبية.
ثالثًا: قطاع الاستهلاك، لا سيما السلع الغذائية
وفق مدير مركز رؤية، فإن الطلب على السلع الغذائية سيستمر في النمو، مما يجعل هذا القطاع أحد المحركات الاقتصادية المهمة.
لكن شعيب يشدد في الوقت نفسه على أن الهيمنة الأكبر ستكون لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خاصة في ظل التنافس الشديد بين الولايات المتحدة والصين في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، مضيفاً: “أعتقد بأن قطاع التكنولوجيا سيظل الأكثر ربحية مقارنة بالقطاعات الأخرى”.