ويعتقد العلماء أن هذه الحيوانات لا تقتصر على استخدام الأدوات بل تطورها بطرق تتشابه مع التطور الثقافي الذي شهدته البشرية عبر العصور.
أكثر من مجرد أدوات بسيطة
أحد الأمثلة المثيرة للاهتمام يتعلق باستخدام هذا الجنس من القرود في منطقة الكونغو أدوات معقدة تتكون من عدة مراحل. أولاً، يستخدم الشمبانزي عصا قوية لحفر نفق عميق في التربة القاسية للوصول إلى مستعمرة النمل الأبيض تحت الأرض، ثم يصنعون أداة أخرى عن طريق سحب ساق نبات طويل بين أسنانهم لتشكيل رأس يشبه الفرشاة، ثم يستخدمونها لاستخراج النمل الأبيض من الجحور.
هذه التقنية ليست عشوائية أو فردية، بل هي موروث ثقافي يتم تناقله عبر الأجيال.
وقد أظهرت الأبحاث أن هذه الأدوات المعقدة مرتبطة ارتباطاً قوياً بين مجموعات الشمبانزي المختلفة، ما يشير إلى أن هذه الثقافات تنتقل عبر فترات طويلة من الزمن، مما يعكس قدرة مدهشة على نقل المعرفة.
دور الإناث في نقل الثقافة
دور الإناث في نقل هذه المعارف أمر محوري. فقد أظهرت الدراسات أن الإناث، بدلاً من الذكور، هن اللاتي يهاجرن إلى مجتمعات جديدة لتجنب التزاوج الداخلي.
هذه الهجرات تسهم في نشر الأفكار الثقافية والابتكارات بين الجماعات المختلفة. وعليه، يمكن لهذه التنقلات أن تكون مسؤولة عن انتقال التقنيات الثقافية المعقدة بين المجتمعات.
وعلى الرغم من أن ثقافات الشمبانزي تتسم بالاستقرار النسبي مقارنة بالبشر، إلا أن هذه الحيوانات قادرة على تطوير أساليب حياتها وتقنياتها عبر الأجيال.
في حين أن التكنولوجيا البشرية قد تطورت من العصور الحجرية إلى عصر الفضاء، لا يبدو أن ثقافات الشمبانزي قد شهدت تغييرات جذرية بنفس الوتيرة، ما يشير إلى أن القدرات البشرية في بناء ثقافات أكثر تطوراً هي فريدة من نوعها.
الدراسة ونتائجها
تمكن فريق من العلماء من تتبع الروابط الجينية بين مجموعات الشمبانزي عبر آلاف السنين، مما سمح لهم بالكشف عن بعض أجزاء من تاريخ هذه الثقافات الحيوانية.
واستخدموا أساليب جديدة في الجينوم لدراسة الممارسات الغذائية التي يتعلمها الشمبانزي من أقرانهم، مثل استخدام الإسفنج النباتي للحصول على الماء أو استخدام الأدوات الأكثر تعقيدًا.
هذه الاكتشافات تفتح الباب لفهم أعمق لكيفية تطور المجتمعات الحيوانية وحفظ التراث الثقافي عبر الزمن.