ومن ثم فإن التفكير في حلول بديلة للتمويل، مثل الادخار أو البحث عن مصادر دخل إضافية، يمكن أن يسهم في تقليل الحاجة إلى الاستدانة ويعزز من الاستقرار المالي على المدى الطويل.
في حال كانت الديون لا مفر منها، من المهم اتباع استراتيجيات فعالة لإدارتها بعد الاستدانة، إذ يتعين على الأفراد والمؤسسات وضع خطة محكمة لسداد الديون، تتضمن تحديد أولويات الديون ذات الفائدة العالية للتخلص منها أولًا.
ومن الضروري الالتزام بدفع الأقساط في مواعيدها لتجنب الرسوم الإضافية وتراكم الفوائد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن النظر في إعادة تمويل الديون للحصول على شروط أفضل.
إحدى الاستراتيجيات الفعالة لسداد الديون هي استراتيجية كرة الثلج، التي تركز على سداد الديون الصغيرة أولاً، مما يعطي دافعاً نفسياً للاستمرار في تقليل الديون المتبقية. بعد التخلص من الديون الأصغر، يمكن توجيه المبالغ التي كانت تُدفع لسدادها نحو الديون الأكبر تدريجيًا.
وهذه الاستراتيجية تساعد في بناء الزخم وتحقيق تقدم ملموس في عملية سداد الديون، مما يعزز من الثقة والقدرة على إدارة الوضع المالي بفعالية أكبر.
استراتيجيات أساسية
ما يزيد قليلاً عن 40 بالمئة من الأميركيين يعتبرون أنفسهم ناجحين مالياً “إذا تمكنوا من سداد ديونهم”، وفقاً لمسح أجراه Bankrate مؤخراً .. ولكن بحسب تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، فإن قول ذلك أسهل من فعله في كثير من الأحيان.
وبشكل عام، يتحمل الأميركيون قدراً كبيراً من الديون، فقد ارتفعت ديون الأسر إلى 17.69 تريليون دولار في الربع الأول من العام 2024، وفقا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.
ويشمل هذا الرقم ديون الرهن العقاري وقروض السيارات وديون القروض الطلابية وديون بطاقات الائتمان.
وينقل التقرير عن أفاني رامناني، وهي مخططة مالية معتمدة والمدير الإداري لشركة فرانسيس فايننشال، قولها: “إذا كنت تتعامل مع أنواع متعددة من الديون، فمن المهم أن تتذكر أن جميع الديون لا يتم إنشاؤها بالتساوي”، موضحة أنه “ليس من الضروري سداد جميع الديون في أسرع وقت ممكن”.
وحددت الشبكة في هذا السياق ثلاث خطوات لمعرفة أي من ديونك يجب أن تعطي الأولوية للسداد أولاً وكيفية البدء في معالجتها.
كن منظماً
قبل أن تبدأ في صياغة استراتيجية لسداد ديونك، اكتسب فهماً واضحاً للأنواع المختلفة من الديون المستحقة عليك وأسعار الفائدة المرتبطة بها.
تقول رامناني إن إحدى الطرق للقيام بذلك هي إنشاء جدول بيانات يسرد مختلف بطاقات الائتمان والقروض المستحقة الأخرى التي قد تكون لديك. بالنسبة لكل دين، قم بتضمين اسم المُقرض ورصيدك المستحق والحد الأدنى للدفع وأي تواريخ استحقاق وسعر الفائدة.
حدد الدين الذي ستعطيه الأولوية أولاً
بعد أن تعرف مقدار الدين المستحق عليك، يمكنك أن تقرر كيفية البدء في سداده. وهنا توصي رامناني بإعطاء الأولوية للرصيد ذي أعلى سعر فائدة أولاً؛ لأنه لديه القدرة على النمو بشكل أسرع.
بالنسبة لعديد من الأشخاص، من المحتمل أن تتمثل هذه النوعية من الديون في “بطاقة الائتمان”.. وبالنسبة لمعظم بطاقات الائتمان، تتراكم الفائدة يومياً، وإذا لم تقم بسدادها كل شهر، فستتم إضافة هذه الفائدة المتراكمة إلى رصيدك الإجمالي ويمكن أن تتسبب في تضخم ديون بطاقتك الائتمانية بسرعة.
“إن عدم الاهتمام بهذا الدين الباهظ يمكن أن يمنعك من تحقيق أهدافك المالية الأخرى”، كما يقول مات شولز، كبير محللي الائتمان في LendingTree.
وأضاف: “إذا كان لديك دين بفائدة عالية، مثل ديون بطاقة الائتمان، لسنوات عديدة، فإن كل الفائدة التي تدفعها على هذا الدين هي أموال كان من الممكن أن تذهب إلى صندوق الطوارئ أو أهداف طويلة الأجل مثل التقاعد”.
من ناحية أخرى، لا بأس أن تأخذ وقتك في سداد الديون بمعدل فائدة أقل، مثل الرهن العقاري، بحسب رامناني.
اختر استراتيجية للسداد
إذا كنت ترغب في اتباع نصيحة رامناني والتركيز على رصيدك بأعلى سعر فائدة أولاً، فسوف تتبع ما يعرف بطريقة الانهيار الجليدي أو (كرة الثلج). فبعد أن تقوم بسداد الحد الأدنى من الدفعات على جميع ديونك، قم بتوجيه أي أموال إضافية نحو تلك التي لديها أعلى معدل فائدة سنوية، بمجرد سداد ذلك، انتقل إلى الخيار الذي يتمتع بثاني أعلى سعر فائدة، وهكذا.
فيما يتعين إدراك أنه لا توجد استراتيجية واحدة تناسب الجميع لسداد الديون، وفق شولز، الذي يقول: ما يهم هو أن تبدأ ببساطة، مضيفاً: “بشكل عام، لا ينبغي للناس أن يفكروا كثيراً في سداد الديون.. إذا بدأت بطريقة واحدة ولم تشعر بالارتياح تجاهها، فلا تخف من تغيير خططك.. من الأفضل أن تقوم بالتعديل وتصحيح المسار بدلاً من الشعور بالإحباط والاستسلام”.
تجنب الديون
من جانبه، يقول مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، بلال شعيب، إن:
- كثيراً من الأفراد الذين يتقاضون رواتب منخفضة يتجهون نحو الاستدانة، والتي تُعد أحد أهم مصادر التمويل للأفراد والشركات والدول.
- “المشكلة تكمن في ارتفاع عبء الدين بشكل أكبر من دخل الفرد، ما يعرض البعض لحالة من الإفلاس؛ لعدم مقدرته على سداد تلك المديونيات، سواء للبنوك أو لأفراد آخرين”.
ويشير في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن الكثير من البنوك تعمل في الوقت الراهن على برامج تمويل خاصة بـ “سداد المديونيات” من البنوك الأخرى، من خلال شراء الدين، وذلك يؤدي لإطالة أمد الدين الخاص بالفرد إلى سنوات أكبر، وقد يكون بفوائد أعلى، ولكن في الوقت نفسه تخفض الاستحقاقات المالية المطلوبة لدى الفرد شهرياً.
ويُنصح عادة بتجنب الاستدانة قدر الإمكان، خاصة في ظل عدم القدرة على سداد هذه المستحقات، كما يُنصح بالابتعاد عن شراء السلع غير الضرورية، وترشيد الاستهلاك والنفقات حتى لا يقع الفرد في خندق الديون.
ويضيف شعيب: في المناطق الأكثر فقراً تتزايد معدلات ارتفاع المديونيات لدى الأمهات نتيجة الاقتراض، بفوائد باهظة سواء من شركات التمويل أو البنوك، من أجل زواج بناتهنَّ؛ مما يعود بهنَّ إلى طائلة القانون (الغارمات)، مشدداً على أنه قبل الاقتراض، لا بد من تحديد مخطط ثابت للسداد، وضرورة العمل من أجل الادخار، فالاقتراض هو الخطوة الثانية وليس الخطوة الأولى للفرد لتغطية النفقات.
بدائل أخرى
في سياق متصل، يقول مدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، سيد خضر، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الكثير من الأفراد يتجهون نحو الاقتراض، حتى في الآونة الأخيرة مع ارتفاع تكاليف الفائدة، ما يضيف أعباء على الفرد، وهو أمر أسهم بشكل كبير في تعثر سداد المديونيات لدى بعض الأفرد، لا سيما أن الكثير من دول العالم اتجهت نحو رفع الفائدة نتيجة للأوضاع السياسية والاقتصادية.
ويشدد على ضرورة البحث عن بدائل أخرى، من خلال التنوع في العمل وزيادة الدخل، والاتجاه نحو المشروعات الصغيرة، خاصة أن هذه الآليات تساعد محدودي الدخل على توفير مستلزماتهم الداخلية.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أهمية العمل الإضافي لمواجهة الأزمات، خاصة في ظل زيادة الأعباء المالية وارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أن كثيراً من الأفراد خاصة في الدول النامية تعثروا في سداد مديونياتهم نتيجة للعادات والتقاليد الخاطئة، مثل ارتفاع متطلبات الزواج، والتبذير في شراء المستلزمات، وبالتالي لا بد من التوازن في عمليات الشراء حتى لا ينتهي الأمر إلى “السجن” نتيجة تراكم الديون. وينصح بأن يضع الفرد أولويات في السداد عند ارتفاع الديون.