وسيضم الوفد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس التونسي قيس سعيّد، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية في بيان إن الزعماء سيجرون من 28 مايو إلى 1 يونيو: “زيارات دولة للصين ويحضرون حفل افتتاح المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي”.
ومن شأن تلك الزيارة المساهمة في تعزيز ودفع العلاقات إلى مستويات أعلى، بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الاستقرار والازدهار في المنطقة، وسط مجموعة من القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك، علاوة على المشاريع الرئيسية التي تجمع الجانب العربي وثاني أكبر اقتصاد في العالم.
تبزغ أهمية تلك الزيارة في وقت تحتل فيه العلاقات العربية الصينية مكانة مهمة على الساحة الدولية، إذ تجمع بين الطرفين مصالح استراتيجية واقتصادية وثقافية متنوعة.
تمتد جذور هذه العلاقات إلى عصور تاريخية قديمة، وتطورت بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة لتشمل مجالات تعاون متعددة.
تعود العلاقات بين العالم العربي والصين إلى طريق الحرير القديم، حيث كانت البضائع والأفكار تتبادل عبر هذا الممر التجاري الحيوي. وفي العصر الحديث، شهدت العلاقات الثنائية نمواً ملحوظاً منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، وتعززت أكثر بعد انطلاق سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين في أواخر السبعينيات.
مجالات التعاون
تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول العربية والصين نمواً مطرداً، حيث أصبحت الصين الشريك التجاري الأكبر لعديد من الدول العربية. تشمل هذه العلاقات تصدير النفط والغاز من الدول العربية إلى الصين، واستيراد المنتجات الإلكترونية والميكانيكية وغيرها من الصين من قبل الدول العربية.
كما تسعى الصين لتعزيز استثماراتها في البنية التحتية في الدول العربية، من خلال مبادرة “الحزام والطريق” التي تهدف إلى إعادة إحياء طريق الحرير براً وبحراً.
وتُعد الطاقة من أبرز مجالات التعاون بين الصين والدول العربية، حيث تعتمد بكين على النفط والغاز العربي لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة. ووقعت عديد من الاتفاقيات بين الجانبين لتطوير مشاريع مشتركة في مجال الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يسهم في تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاستدامة.
وتتعاون الصين والدول العربية في مجالات التكنولوجيا والابتكار، حيث تقدم الصين خبراتها في مجالات الاتصالات وتقنية المعلومات إلى الدول العربية. وتم في هذا السياق توقيع عديد من الاتفاقيات لإنشاء مناطق اقتصادية خاصة، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية.
آفاق واسعة للتطور
وتتمتع العلاقات الاقتصادية العربية الصينية بآفاق واسعة للتطور في المستقبل، مدفوعة برغبة مشتركة في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي.
ومن المتوقع أن يستمر الجانبان في تعزيز الشراكات الاستراتيجية وتنويع مجالات التعاون، بما يحقق المصالح المشتركة ويسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة والعالم.
وعلى هامش زيارة قادة مصر والإمارات والبحرين وتونس إلى الصين هذا الأسبوع، يستعرض محللون في تصريحات منفصلة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” آفاق تطور هذه العلاقات بين الصين والدول العربية، وأبرز مجالات التعاون والمشاريع المهمة بين الجانبين.
فرص وعوائد استثمارية
الباحث في الشؤون الاقتصادية، مازن أرشيد، يشير في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن:
زيارة قادة مصر والإمارات والبحرين وتونس إلى الصين، مع افتتاح المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، تأتي في وقت يشهد فيه العالم تغيرات اقتصادية كبيرة، مما يجعلها فرصة هامة لمناقشة عدد من المشاريع الاقتصادية والاستثمارية الكبرى.
- من المتوقع أن تكون أبرز المشاريع التي ستتم مناقشتها متعلقة بالبنية التحتية والطاقة والنقل.. تسعى الصين لتعزيز حضورها في هذه القطاعات داخل الدول العربية.
- على سبيل المثال، يمكن أن تشمل المشاريع الاستثمار في شبكات السكك الحديدية والبنية التحتية للنقل البحري، حيث تعد هذه القطاعات أساسية لتعزيز التجارة الإقليمية والدولية.
- يمكن أن تسهم الشركات الصينية في بناء وتطوير شبكات النقل والطاقة في الدول العربية.. الصين لديها تاريخ طويل من الاستثمار في البنية التحتية، وقد خصصت بالفعل مليارات الدولارات في مشاريع مماثلة في أفريقيا وآسيا.
- يمكن أن يشمل التعاون في قطاع الطاقة مشروعات لتطوير محطات الطاقة الشمسية والرياح، حيث تسعى الدول العربية لتنويع مصادر الطاقة بعيداً عن النفط.
أما فيما يخص التوازن التجاري بين الصين والدول العربية، فمن المرجح أن تشهد العلاقات التجارية تحسناً كبيراً، في تقدير أرشيد، الذي يشدد على أن الصين تعتبر الشريك التجاري الأكبر للدول العربية (..).
ويضيف: من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري، يمكن للدول العربية زيادة صادراتها إلى الصين، خاصة في قطاعات مثل البتروكيماويات والزراعة. على سبيل المثال، مصر يمكن أن تستفيد من زيادة صادراتها الزراعية إلى السوق الصينية، حيث تعتبر الصين من أكبر المستهلكين للمنتجات الزراعية في العالم.
كما يلفت أرشيد في السياق نفسه إلى أنه لتحقيق أقصى استفادة من هذه الزيارة، ينبغي للدول العربية العمل على تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الصين في مجالات التكنولوجيا والابتكار، والتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات، بما يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة للتنمية الاقتصادية.. في هذا الإطار، يمكن لتونس على سبيل المثال أن تستفيد من الخبرة الصينية في تطوير المدن الذكية والبنية التحتية الرقمية لتعزيز قطاع التكنولوجيا لديها.
التعاون الاقتصادي
يشير خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور أحمد سيد أحمد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن ثمة فرصاً كثيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية، خاصة في إطار مبادرة الحزام والطريق، وهي المبادرة التي توليها الصين اهتماماً واسعاً وتخصص لها استثمارات طائلة؛ من أجل توسيع تجارتها الدولية وإقامة تشابكات اقتصادية وتجارية مع عديد من الدول.
ويضيف: لاشك أن عديداً من الدول العربية تقع ضمن نطاق هذه المبادرة، سواء في البر والبحر، وهذا يمثل فرصة مشتركة في تعزيز البنية التحتية وإقامة الموانئ والمطارات والمشروعات وتوطين التكنولوجيا في هذا المسار، وبما يخدم المصالح المشتركة بين الطرفين.
ويشير أحمد إلى أن الصين لديها استثمارات متزايدة في عديد من الدول العربية -لا سيما الخليج ومصر- وبما يعكس التوجه الصيني لتعزيز استثماراتها في الشرق الأوسط، بالتوازي مع توجه عربي واسع نحو تعزيز الشراكات مع بكين في إطار ما يسمى “التوجه شرقاً” وتنويع العلاقات الاقتصادية مع عديد من دول العالم.
ويوضح خبير العلاقات الدولية، في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن الصين ثاني أكبر اقتصاد على المستوى العالمي، وهو ما يعد فرصة أمام الدول العربية؛ لتعزيز الشراكات القوية التي يمكن توظيفها على نطاقات واسعة، خاصة في ظل هذا التوجه العربي والخليجي بشكل خاص لتنويع الصادرات غير البترولية والاستعداد لمرحلة ما بعد النفط وتوطين التكنولوجيا.
وعلى صعيد التحديات، يلفت أحمد إلى تحديات تقنية تتعلق بضرورة إنشاء طرق ومسارات جديدة؛ لتعزيز التجارة مع الصين، بالاضافة إلى تحديات خاصة بالجوانب التشريعية، وهو ما تعمل عليه الدول العربية في سياق إصلاح البيئة التشريعية؛ لجذب مزيد من الاستثمارات الصينية، فضلاً عن ضرورة وجود رؤية عمل عربية مشتركة فيما يتعلق بالتعامل مع الصين، في خط متواز مع تعزيز التجارة البينية بين العرب ليكونوا أكثر قوة وتعظيم الشراكة الاقتصادية مع الصين.
ويشير الى وجود عديد من الفرص الاستثمارية فيما يتعلق بالاقتصاد الأخضر والتوسع في الطاقة المتجددة وتعزيز الاستثمارات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي، والأمن الغذائي والتوسع الزراعي، وجميعها ملفات حاضرة في المباحثات المستمرة بين الدول العربية وبكين.
وبحسب بيانات منتدى التعاون الصيني العربي، فإنه:
- في العام الماضي 2023، حقق التعاون الاقتصادي والتجاري العملي بين الصين ودول الشرق الأوسط إنجازات لافتة للأنظار، حيث نُفذت “الأعمال الثمانية المشتركة” للتعاون العملي بين الصين والدول العربية التي طرحها الرئيس شي جينبينغ في القمة الصينية العربية الأولى على نحو شامل، ووقعت الصين مع جميع الدول العربية اتفاقيات التعاون بشأن بناء “الحزام والطريق”.
- يتقدم التعاون بين الجانبين في مجال الطاقة بخطوات متزنة. في العام 2023، استوردت الصين 265 مليون طن من النفط الخام من دول الشرق الأوسط، ما يشكل نصف كمية النفط المصدر إلى الصين.
نمو حجم التبادل التجاري
وإلى ذلك، يقول مدير المكتب الإقليمي لمجلة “الصين اليوم” بالشرق الأوسط، الخبير في الشؤون الصينية، حسين إسماعيل، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن زيارة قادة مصر والإمارات وتونس والبحرين للصين لحضور الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي- الصيني، من آليات العمل الصيني- العربي المشترك التي تأسست في إطار منتدى التعاون العربي- الصيني الذي يحتفل الجانبان هذا العام بالذكرى السنوية العشرين لإنشائه.
ويضيف:
- المنتدى يلعب دوراً محورياً في صياغة ومتابعة أطر التعاون بين الجانبين الصيني والعربي. وسيتم خلال هذه الدورة وضع برنامج عمل التعاون العربي- الصيني خلال العامين المقبلين حتى الدورة التالية للاجتماع الوزاري.
- من المتوقع أن يؤكد القادة العرب والصينيون على مواصلة تعزيز التواصل في المجالات كافة، على ضوء ما تشهده العلاقات بين الجانبين من تطور ملحوظ.
ويستطرد: على صعيد التعاون الاقتصادي مثلا، باتت الصين الشريك التجاري الأول للدول العربية (..) وهناك تعاون بين الجانبين في تنفيذ مشروعات البنية التحتية، من إنشاء البنايات السكنية والطرق، إلى بناء السكك الحديدية فائقة السرعة ومحطات توليد الكهرباء وأنابيب نقل النفط والحفر والاتصالات والموانئ.
وي توقع أن يستمر نمو حجم التبادل التجاري بين الجانبين العربي والصيني، مع ميل الميزان التجاري للصين مع الدول غير المصدرة للطاقة، وأن يكون هناك توازن مع الدول العربية المصدرة للطاقة.
وبحسب نائب وزير الخارجية الصيني دينغ لي، خلال مؤتمر صحافي في بكين، فإن:
- الرئيس شي جينبينغ سيحضر المنتدى ويُلقي خطابا، الخميس.
- شي “سيجري أيضا محادثات مع رؤساء الدول الأربعة على التوالي لتبادل وجهات النظر حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
- المنتدى سيهدف إلى تعميق “التوافق بين الصين والدول العربية” وسيشارك في رئاسته كبير الدبلوماسيين وانغ يي ونظيره الموريتاني.
وأشار نائب وزير خارجية الصين إلى أنّ الزعماء سيكون لهم موقف مشترك بين الصين والدول العربيّة بشأن القضيّة الفلسطينيّة.
عوامل داعمة لتعزيز الشراكات
بدوره، فإن خبير العلاقات الدولية، الدكتور أيمن سمير، يشدد في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن هناك مجموعة من العوامل التي أسهمت في وصول العلاقات بين الصين والعالم العربي لهذا المستوى الرفيع، ذلك أن أغلبية الدول العربية وقعت شراكات استراتيجية كاملة مع الصين، وهذا الأمر لم يأت من فراغ لكن جاء لمجموعة من العوامل.
هذه العوامل تتمثل في الشراكة في عديد من القيم بين العالم العربي والصين، إذ يؤمن كلا الطرفين بضرورة تعزيز السلام والاستقرار في العالم، وكذا الإيمان بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والعمل على الدفع بالحلول السياسية والدبلوماسية كأفضل السبل لحل أي خلاف ينشأ بين الدول.. هذه الشراكة في المبادئ دفعت الثقة في التعامل الاقتصادي والتجاري بين الطرفين.
ويشير إلى أن هناك فرصاً واسعة لتعزيز التعاون مع الصين، وبما يتطلب توقيع وتعزيز اتفاقيات التجارة الحرة مع الصين، لا سيما مع دول الخليج، وهو ما سيحدث نقلة نوعية، وذلك باعتبار الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو ما سيمثل بداية وتاريخاً جديداً بين الصين ودول التعاون الخليجي والدول العربية عموماً.
كما يشدد على ضرورة وجود مثل هذه الاتفاقيات بصورة أوسع، وبما يسمح بنفاذ البضائع العربية بشكل واسع إلى الأسواق الصينية، بحيث تكون العلاقات التجارية قائمة على ربح الطرفين، بالإضافة إلى فرص تأسيس صناديق استثمار مشتركة، حيث تتواجد مساحة يمكن العمل عليها مثل فرص استثمار الصين في الزراعة في الدول الأفريقية، ومن بينها دول عربية.
ويضيف: هناك فرص لزيادة التعاون في مجال الطاقة، وكذلك مجالات الطاقة الجديدة، كما يمكن إنشاء مناطق صناعية مشتركة والاستفادة من الخبرات الصينية.
وعلى صعيد أبرز التحديات، يضيف سمير: الأزمات السياسية التي تمر بها بعض دول المنطقة والعالم تمثل أبرز التحديات، إذ فرضت الحرب في أوكرانيا واقعاً جديداً يشكل تحدياً أمام تدفقات التجارة، بالإضافة إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتبعاتها المؤثرة.
علامة فارقة
من جانبه، يؤكد خبير العلاقات الدولية من القاهرة، محمد ربيع الديهي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أهمية المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، خاصة أنه يمثل نقطة هامة وفارقة تُشكل خلاله أطر التعاون العربي الصيني بشكل أوضح.
ويضيف: ثمة مجموعة من المشروعات المطروحة على طاولة الحوار بين الصين وقادة الدول العربية، أهمها ما يتمثل في طريق الحرير، ومجموعة التحديات التي فرضت نفسها في الفترة الأخيرة، وبما يتطلب مناقشتها بشكل أوسع، بالإضافة إلى المشاريع المرتبطة بالملف التكنولوجي ومشاريع التنمية في ضوء التطورات التكنولوجية الواسعة، وكيف يمكن تعزيز التعاون الصيني العربي في بعض مجالات الاستثمارات الصينية في البلدان العربية.
بالإضافة إلى ملفات البنية التحتية التي ستكون حاضرة بقوة ، ومع الرؤى الكبيرة المرتبطة بتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية، وتفعيل الشراكة الاستراتيجية وأطر التعاون مع الصين.