ومنذ الإعلان عن إحباط هذه المحاولة، والنقاش يجري في تشاد حول صدقها، خاصة الطريقة المعلن أنها جرت بها.
المحاولة الأغرب
وجاء فيما أعلنته المديرية العامة للاستخبارات العسكرية التشادية، الجمعة، ووسائل الإعلام المحلية:
- حاولت مجموعة من الأفراد المنظمين لحركة M3M تقويض أمن الدولة، بحسب بيان لوزير الإعلام عبد الرحمن كلام الله.
- هذه المجموعة لم تكن تنوي تنفيذ محاولة التمرد بالسلاح، ولكن بالسحر والشعوذة بالاستعانة بثلاثة من كبار السحرة والمشعوذين، عن طريق تقديم تضحيات بالدجاج والماعز والأغنام، وأضحية بشرية لرجل.
- تم العثور على رأس رجل مقطوع الرأس “في حقيبة في منزل رئيس M3M” (لم يتوفر تفاصيل بشأنها)، وهو “ملازم” لم تذكر اسمه، وأظهر مقطع فيديو قدمه الجيش لبعض وسائل الإعلام جنرالًا في المديرية العامة لإدارة الهجرة على شبكات التواصل الاجتماعي، تم تصويره أمام عشرات الرجال “المعتقلين” وهم جالسون على الأرض.
- كشفت وسائل الإعلام التشادية عن هوية قائد محاولة التمرد، وهو الملازم كورومتا ليفانا جوليمي.
- قالت المديرية العامة لإدارة السجون إن “أكثر من 80 عضوا” من هذه المجموعة “تم وضعهم قيد الاعتقال” قبل يوم من 13 يناير، وهو اليوم الذي “كانوا يعتزمون فيه تنفيذ عملية التمرد”، دون مزيد من التفاصيل.
المعارضة تشكك
يشكك القيادي في ائتلاف “وقت تما” المعارض، آدم زكريا آدم، في الرواية الرسمية بشأن محاولة انقلاب، وعن طريق السحر، قائلا إن “الغرض من الإعلان عن ذلك صرف الأنظار عما يجري في أروقة النظام الحاكم الذي يعاني من صراعات بين الجنرالات للسيطرة على الأمور، وحالة التململ القبلية من قيادة المرحلة الانتقالية”، وفق قوله.
ويضيف آدم لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الحديث عن السحر والشعوذة لتنفيذ انقلاب “أمر مثير للسخرية وغريب؛ خاصة وأن المجتمع التشادي لا يعاني من ظاهرة السحر والشعوذة بهذه الطريقة التي تم تصويرها على أنها قد تقود لعملية انقلاب تغير شكل السلطة”.
وهذه هي المرة الثالثة التي يتم الإعلان فيها عن إحباط محاولة انقلاب، وفق المعارض التشادي، واصفا ذلك بأنه “توظيف سياسي للخوف من تفشي حمى الانقلابات في القارة التي شهدت عدة انقلابات العام الماضي، ولا سيما أن تشاد هي آخر معاقل النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل، وتضم أكبر القواعد العسكرية الفرنسية في المنطقة”.
بالمثل، يرفض الباحث السياسي علي موسى علي، احتمال استخدام السحر والشعوذة في الانقلاب العسكري، قائلا إن هذا الأمر “أصبح مثار جدل كبير منذ الإعلان عنه، ولم يصدق كثيرون هذه الرواية، فلم يحدث أي انقلاب عن طريق السحر”.
في نفس الوقت يستبعد كذلك أن تكون المجموعة التي تم إلقاء القبض عليها حاولت تنفيذ انقلاب بالسلاح، قائلا إن “قائد المجموعة التي تم إلقاء القبض عليها قال إنهم لا يملكون السلاح؛ إذن فكيف لمجموعة صغيرة لا تملك سلاحا أو دعما ماليا أن تنفذ انقلاب عسكري ضد جيش بحجم الجيش التشادي؟ ولذا اعتبر البعض ما جرى مسرحية سيئة الإخراج الغرض منها التغطية على أمر آخر، في ظل الحديث عن تكوين عسكري جديد سيحل محل الحرس الرئاسي”.
نهاية الفترة الانتقالية
يأتي الإعلان عن محاولة انقلاب جديدة فيما تتهيأ تشاد لتوديع المرحلة الانتقالية التي تولى الحكم فيها المجلس العسكري المكون من 15 جنرالا، بقيادة الجنرال محمد إدريس ديبي، منذ أعلنه الجيش رئيسا انتقاليا في 20 أبريل 2021، وذلك بعد اغتيال والده الرئيس إدريس ديبي خلال معارك مع حركات مسلحة متمردة في شمال البلاد.
وأقرت تشاد دستورا جديدا، ديسمبر الماضي، كأحد أبرز الخطوات لطي المرحلة الانتقالية، وللتحضير للانتخابات الرئاسية.
إلا أن معارضين رفضوا نتائج الاستفتاء على الدستور الذي قالت المفوضية الوطنية المكلفة بتنظيمه إنه تمت الموافقة عليه بنسبة 86 بالمئة، خاصة وأنه يتضمن موادا تسمح للرئيس الانتقالي بالترشح للرئاسة، فيما سبق وقال إنه لن يترشح.
وخفضت إحدى مواد الدستور سن الترشح للرئاسة من 40 عاما إلى 35، وهو ما اعتبره معارضون تأسيسا لاستمرار حكم ديبي الابن في السلطة؛ حيث يبلغ الآن 39 عاما.
كما نص في المادة 68 على أنه يحق للقادة العسكريين الترشح للانتخابات الرئاسية، شريطة التفرغ لهذا المنصب.
محاولة انقلاب في بوركينا فاسو
وفي جوار تشاد، شهدت بوركينا فاسو محاولة انقلاب في يناير أيضا؛ فوفق ما نشرته مجلة “جون أفريك” الفرنسية، تم القبض على 4 عسكريين يوم 13 يناير، بينهم رئيس الأركان السابق لقوات الدرك الوطنية، المقدم إيفرار سومدا، وتوجيه تهم لهم بالتخطيط لاغتيال الرئيس الانتقالي إبراهيم تراوري.
وسومدا فُصل من منصبه بداية أكتوبر الماضي؛ بعد اتهامه بالتورط في قضية “زعزعة الاستقرار” الخاصة بمحاولة انقلاب وقعت في سبتمبر الماضي.