ويخضع الصيادون في القطاع الفلسطيني الصغير منذ فترة طويلة لحظر إسرائيلي صارم بشأن المسافة التي يمكنهم صيد الأسماك في نطاقها، ولكن منذ أن بدأت الحرب المدمرة في 7 أكتوبر، لم يجرؤ أي منهم على المغامرة إلا في نطاق حوالي 100 متر فقط من الشاطئ.
ودفعت الحرب الإسرائيلية والحصار والقصف منذ أكثر من 3 أشهر قطاع غزة، الذي تديره حركة حماس، إلى حافة المجاعة، إذ تشير تقييمات الأمم المتحدة إلى أن سكان القطاع معرضون لخطر المجاعة.
وبالنسبة للصيادين، الذين بالكاد يتمكنون من اجتياز الموجات الأولى في البحر المتوسط ولا يستطيعون الوصول إلى المياه العميقة، حيث كميات أكبر من الأسماك، فإن أي شيء يصطادونه أصبح الآن مهما للحفاظ على حياتهم وحياة عائلاتهم.
وقال نجار وهو جالس على الشاطئ ممسكا بسلطعون وحيد هزيل أخرجه من شبكته: “هاي اللي بنصيده.. قليلة جدا قليلة جدا، بنخش 100 متر قليلة جدا، هاي الصيد. شايف؟! مبنجمعش نطعم ولادنا”.
وجلست فتيات صغيرات يراقبن النجار وهو يعمل، ويبحث عن الفتات في الشباك، بينما كان يفرزها ويعلقها حتى تجف.
وقبل الحرب، كان الصيادون يستخدمون المحركات في قواربهم الصغيرة، وكان من الممكن أن تبحر لعدة كيلومترات من الخط الساحلي في غزة.
والآن ينطلقون في أزواج باستخدام المجاديف، أحدهما يجدف، بينما يقف الآخر لرمي الشباك.
وأضاف أنه عندما يصلون إلى مسافة تزيد عن 100 متر، تطلق القوات الإسرائيلية أحيانا قذائف تجاههم لدفعهم إلى العودة إلى الشاطئ، في ظل مخاوف أمنية متزايدة مرتبطة بالحرب.
وقال إبراهيم النجار شقيق عبد الرحيم والذي يعمل معه في الصيد: “هذا بيطعم 5 عائلات مش عيلة ولا عيلتين… رغم اللي احنا فيه، برضه احنا بدنا نسرح (نصيد) بدنا نعيش”.
جوع شديد
السبب وراء استعداد الصيادين لتحدي نيران القذائف مقابل هذه المكافأة الصغيرة واضح في وسط مدينة رفح، حيث اصطف الناس أمام مطبخ خيري. ووقف الأطفال، ووجوههم عابسة، ينتظرون تناول كميات ضئيلة من العدس أو المعكرونة.
وقال محمد الشندغلي، وهو أحد النازحين، عند المطبخ: “أجسامنا تنهار بسبب نقص الغذاء. أطفالي مرضى من قلة الغذاء. إنه لا يكفي. إنه بالكاد يكفي لشخصين ويجب أن يقدم لسبعة أشخاص. إنه ليس حتى وجبة واحدة”.
وأدى الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى مقتل أكثر من 24280 شخصا، وفقا للسلطات الصحية في القطاع، كما أدى إلى نزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس بعدما قتل مسلحون من الحركة أكثر من 1200 شخص واحتجزوا 240 رهينة خلال هجوم مباغت 7 أكتوبر على بلدات بجنوب إسرائيل.
وقال تقرير مدعوم من الأمم المتحدة في ديسمبر إن سكان غزة يواجهون مستويات أزمة الجوع مع تزايد مخاطر المجاعة يوميا، وأظهرت لقطات حديثة اشتباكات بينما كان مئات الأشخاص في مدينة غزة يهرعون لتوصيل مساعدات نادرة من الطحين.
وفي المطبخ الخيري، قالت امرأة تكنى أم مصطفى إنها جاءت متأخرة للغاية، ونفد الطعام عندما وصلت إلى مقدمة الطابور الطويل.
وقالت: “لا أعرف ماذا سأطعم أطفالي. والدي كبير في السن ويعاني من مرض في القلب. ولا تقدم المدارس سوى زجاجة ماء وقطعتين من البسكويت”.