الحكومة اللبنانية، من جهتها، تؤكد أن المرحلة الأولى من حصر السلاح في جنوب الليطاني ستكتمل نهاية العام، وسط مؤشرات على صعوبة السيطرة على كامل الترسانة المسلحة للحزب في مناطق أخرى.
لكن تقارير إسرائيلية وغربية أكدت أن حزب الله يعيد تنظيم بنيته العسكرية، بينما تتزايد الضغوط الدبلوماسية على الحكومة والجيش اللبنانيين لفرض السيطرة على السلاح.
في المقابل، شن الجيش الإسرائيلي مئات الغارات الجوية على مدار الأشهر الماضية، استهدفت بنى تحتية ومستودعات أسلحة ومواقع إطلاق صواريخ تابعة للحزب.
إنجاز جزئي وصعوبات متعددة
شدد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام على أن المرحلة الأولى من حصر السلاح بيد الدولة في جنوب الليطاني ستنتهي قبل نهاية العام، بينما تبقى مناطق الشمال والضاحية والبقاع خارج نطاق السيطرة المباشرة للجيش اللبناني.
عمليات التفكيك في جنوب الليطاني تمت بدعم تقني دولي، لكنها لم تشمل كامل بنية حزب الله في المناطق الأخرى، مما يعكس تعقيدات كبيرة على الأرض.
ويرى الكاتب والباحث السياسي رضوان عقيل خلال حديثه إلى برنامج “التاسعة” على “سكاي نيوز عربية”، أن “لبنان يتعرض لحرب نفسية تترافق مع ضغوط عسكرية إسرائيلية تطال حزب الله والدولة بأكملها”.
ويؤكد أن الرسالة الأميركية المتداولة حول المهلة النهائية لنزع السلاح “صحيحة ودقيقة”، وأن نسخها الأخيرة وصلت خلال يومين إلى أكثر من مسؤول لبناني معني بالملف.
وبحسب المعلومات التي نقلها، فإن الرسالة تحذر من أن إسرائيل “ستستبيح كل لبنان، بما في ذلك بيروت، إذا لم يسلم حزب الله سلاحه للجيش اللبناني قبل نهاية السنة”.
وأصبحت هذه الرسالة بندا أساسيا في المتابعة بين الرؤساء الثلاثة، الرئيس ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان، كما وصلت مباشرة إلى حزب الله.
تعقيدات أكبر شمالا
يشير عقيل إلى أن تصريح سلام حول استعداد الدولة لإنجاز المرحلة الأولى من حصر السلاح في جنوب الليطاني يحظى بإجماع من حزب الله ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الجمهورية جوزاف عون.
ويضيف أن “الهدف هو أن يتمكن الجيش اللبناني مع نهاية السنة من السيطرة على السلاح المخزن جنوب الليطاني، ليبلغ لبنان بذلك لجنة وقف إطلاق النار والآلية الدولية والولايات المتحدة بأنه نفذ واجبه وفق الصفحة الأولى من الاتفاق”، لكنه يشير في المقابل إلى أن إسرائيل لم تلتزم أي بند من الاتفاق بعد مرور سنة على توقيعه.
أما شمال الليطاني، في الضاحية والبقاع ومناطق أخرى، فيؤكد عقيل أن “سحب وجمع السلاح غير ممكن”، مشيرا إلى “مجموعة من العثرات والتعقيدات التي تحول دون قدرة الدولة والجيش على القيام بهذه الخطوة”.
ويعتبر عقيل أنه “لا أحد يتوقع أن تتمكن الدولة اللبنانية خلال شهر واحد من تنفيذ مهمة بهذا الحجم”، لافتا إلى أن التركيز ينصب على سلاح حزب الله بينما يتم تجاهل عدم انسحاب إسرائيل من النقاط المحتلة في الجنوب.
ويشير إلى أن كل الجهات الدولية الراعية للاتفاق تدرك أن إسرائيل لم تلتزم بالاتفاقية، ولم تمارس واشنطن الضغوط المطلوبة.
كما أكد أن “الرسائل الأخيرة تتضمن تهديدا صريحا باستهداف جميع عناصر حزب الله وكل نقطة في الجنوب والبقاع وحتى بيروت”، إضافة إلى وضع قادة حماس في لبنان ضمن دائرة التهديد.
خيارات حزب الله
يقدم عقيل مقاربة ثنائية لطريقة تعاطي حزب الله مع التهديدات، عبر:
تحمل الضربات المحدودة: إذ يرجح ألا يرد الحزب على عمليات الاغتيال أو الضربات التي تستهدف كوادره، طالما أنها لا ترتقي إلى مستوى الحرب الكبرى.
القتال عند توسع العمليات الإسرائيلية: فإذا أقدمت إسرائيل على “احتلال جنوب الليطاني”، أو عمليات إنزال “في قلب البقاع” ومناطق شمال الليطاني، فإن الحزب سيقدم نفسه في مواجهة قوة احتلال تخلت منذ اليوم الأول عن وقف إطلاق النار.
ويلفت عقيل إلى أن “الجيش اللبناني يتعرض لأزمة ثقة دولية، ظهرت في إلغاء زيارة قائده رودولف هيكل إلى واشنطن، إضافة إلى ضغوط داخلية تمنعه من دخول مناطق نفوذ الحزب”.
ويشدد على أن “الجيش يعمل تحت أمرة الحكومة اللبنانية”، وأن “دوره الأساسي يبقى في الدفاع عن الجنوب وكل لبنان في حال وقوع اعتداء إسرائيلي”.
ويرى أن “الحل يكمن في تسوية حقيقية داخل الدولة اللبنانية، ترعاها الولايات المتحدة مع إسرائيل، استنادا إلى ورقة تفاوض تقدم بها رئيس الجمهورية”.


