وقال سكان في غزة لوكالة “رويترز” إن حماس تسعى إلى ترسيخ سيطرتها على القطاع من خلال إدارة الأمور، بدءا من تنظيم أسعار الدجاج إلى فرض الرسوم على السجائر، وذلك في وقت تتبلور فيه ببطء خطط أميركية لمستقبل القطاع مما يزيد من الشكوك حول ما إذا كانت ستسلم الإدارة كما تعهدت.
وبعد بدء وقف إطلاق النار الشهر الماضي، استعادت حماس سريعا سيطرتها على المناطق التي انسحبت منها إسرائيل وأعدمت عشرات الفلسطينيين الذين اتهمتهم بالتواطؤ مع إسرائيل أو بالسرقة أو جرائم أخرى.
وتطالب القوى الأجنبية الحركة بإلقاء سلاحها والانسحاب من حكم القطاع لكنها لم تتفق بعد على البديل.
ويقول عشرات من سكان غزة حاليا إنهم يشعرون بشكل متزايد بتولي حماس السيطرة بطرق أخرى.
وقال 10 من السكان، 3 منهم تجار على دراية مباشرة بالأمر، إن السلطات تراقب كل ما يدخل للمناطق الخاضعة لسيطرة حماس، وتفرض رسوما على بعض السلع التي يستوردها القطاع الخاص مثل الوقود والسجائر، وتفرض غرامات على التجار الذين يبيعون البضائع بأسعار أعلى من ثمنها.
في المقابل، قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، إن التقارير عن فرض حماس ضرائب على السجائر والوقود غير دقيقة، نافيا رفع الحكومة للضرائب.
وأكد استعداد حماس لتسليم السلطة إلى إدارة تكنوقراط جديدة، قائلا إن ذلك يهدف إلى تجنب الفوضى في غزة.
حماس ترسخ وجودها
وقال غيث العمري، وهو زميل بارز في معهد واشنطن للأبحاث، إن إجراءات حماس هدفها أن تظهر لسكان غزة والقوى الأجنبية على حد سواء أنه لا يمكن تهميشها.
وقال العمري “كلما انتظر المجتمع الدولي، كلما ترسخ وجود حماس”.
وبموجب المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، بدأ وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر وأطلق سراح آخر الرهائن الأحياء.
وتدعو خطة ترامب إلى تأسيس سلطة انتقالية ونشر قوة أمنية متعددة الجنسيات ونزع سلاح حماس وبدء إعادة الإعمار.
لكن مصادر متعددة أكدت لـ”رويترز” أن احتمالية تقسيم غزة بحكم الأمر الواقع بين منطقة تسيطر عليها إسرائيل وأخرى تديرها حماس صارت مرجحة بشكل متزايد، مع استمرار انتشار القوات الإسرائيلية في أكثر من نصف مساحة القطاع وتعثر الجهود الرامية إلى دفع خطة ترامب.
أمريكا: حماس لن تحكم
وردا على ما رواه سكان غزة عن فرض حماس رسوما على بعض السلع وغير ذلك من إجراءات، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية “لهذا السبب لا يمكن لحماس حكم غزة ولن يحدث ذلك”.
وأضاف أنه يمكن تشكيل حكومة جديدة في غزة بمجرد موافقة الأمم المتحدة على خطة ترامب، مشيرا إلى إحراز تقدم نحو تشكيل القوة متعددة الجنسيات.
وتضغط السلطة الفلسطينية من أجل دور لها في حكومة غزة الجديدة، لكن إسرائيل ترفض فكرة إدارتها لغزة مجددا. وتختلف فتح وحماس حول كيفية تشكيل الهيئة الحاكمة الجديدة.
وقال منذر الحايك المتحدث باسم حركة فتح في غزة إن أفعال حماس تعطي إشارة واضحة إلى أنها تريد الاستمرار في الحكم.
“يسجلون كل شيء”
قال أحد كبار مستوردي الأغذية في غزة إن حماس لم تستأنف سياسة فرض الضرائب بشكل كامل، لكنهم “يرون ويسجلون كل شيء”.
وأضاف، طالبا عدم الكشف عن هويته، أنهم يراقبون كل ما يدخل، من خلال نقاط تفتيش على الطرق، ويوقفون الشاحنات ويستجوبون السائقين. ويفرضون غرامات على المتلاعبين بالأسعار مما يسهم في خفضها لكنها لا تزال أعلى بكثير مما كانت عليه قبل بدء الحرب، ويشكو الناس من أنهم لا يملكون المال.
وقبل الحرب، عينت حكومة حماس في غزة ما يصل إلى 50 ألفا بمن فيهم رجال الشرطة. وقال الثوابتة إن الآلاف من الكوادر والموظفين في القطاع العام قتلوا خلال الحرب، مضيفا أن من تبقى منهم “على أتم الاستعداد للتعاون الكامل مع الإدارة الجديدة”.
“استغلال” تأخر خطة ترامب
وقالت مصادر في حماس وخبراء اقتصاد مطلعون على الأمر إن سلطات الحركة واصلت دفع رواتب الموظفين خلال الحرب إلا أنها خفضت الحد الأقصى، ووحدت الأجور عند 1500 شيقل (470 دولارا) شهريا.
ويعتقد دبلوماسي أن حماس سحبت من مخزونها النقدي لدفع الرواتب.
وأفادت مصادر مقربة من الحركة بأن حكومة حماس عينت بدلاء لأربعة محافظين قتلوا. وقال مسؤول في حماس إن الحركة عينت أشخاصا ليحلوا محل 11 شخصا لقوا حتفهم من أعضاء مكتبها السياسي في غزة.
وقال الناشط والمعلق السياسي في مدينة غزة مصطفى إبراهيم إن حماس تستغل تأخير خطة ترامب “لتعزيز دورها”.
وأضاف “هل سيسمح لها بالاستمرار في فعل ذلك؟ أعتقد أنها ستستمر إلى أن تتوفر حكومة بديلة”.


