وتنص خطة الرباعية، على هدنة لمدة ثلاث أشهر ووقف لإطلاق النار ينهي المعاناة الإنسانية المتفاقمة.
وأعلنت قوات الدعم السريع يوم الخميس موافقتها على الدخول في الهدنة الإنسانية واستعدادها للتعاون لاستكمال بنود الاتفاق للبدء في إدخال المساعدات الانسانية، والشروع مباشرة في مناقشة ترتيبات وقف الأعمال القتالية.
وعلى عكس توقعات الشارع السوداني، بإعلان موقف واضح من خطة الرباعية، تجاهل اجتماع مجلس الأمن والدفاع برئاسة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان عقب انعقاده يوم الثلاثاء الحديث بشكل مباشر عن الخطة.
فرصة سلام
اعتبر مراقبون أن موافقة الدعم السريع على الخطة الدولية، خطوة نحو وقف الحرب وإنهاء المعاناة الإنسانية المتزايدة، لكنهم ربطوا تحقيق ذلك بموافقة صريحة من الجيش.
وقال خالد عمر يوسف نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي بالتحالف المدني لقوى الثورة “صمود”، إن بيان قبول الدعم السريع لمقترح الهدنة الإنسانية، يضع الكرة في ملعب الجيش.
وأضاف يوسف في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “نأمل أن تحكّم قيادة الجيش صوت العقل والحكمة، وألا تستمع لأصوات دعاة الحرب الذين يتكسبون من استمرار هذه المقتلة الإجرامية”.
وأكد يوسف أن هنالك فرصة حقيقية لوقف نزيف الدماء وطاحونة الخراب في السودان، داعيا إلى عدم إضاعتها.
وأشار إلى أن “كل يوم يمر بدفع ثمنه أهل السودان موتا وتشردا وفقرا ومرضا وعذابا، لذلك يجب عدم إضاعة فرصة السلام”.
زخم جديد
تصدرت الدعوة للسلام اهتمامات ونقاشات السودانيين خلال الأيام الأخيرة.
واكتسب النقاش زخما أكبر بعد موافقة الدعم السريع على الخطة، ورفض الجيش الإعلان عن أي موقف واضح حتى الآن، واستمرار قادته في الدعوة للتحشيد والاستنفار للحرب.
وجاءت التطورات الأخيرة بعد أيام من تصريحات متفائلة أدلى بها مسعد بولس كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط أكد فيها اقتراب الطرفين من التوقيع على اتفاق الهدنة.
لكن بيان مجلس الدفاع التابع للجيش زاد من الاعتقاد بأن الجيش يواجه ضغوطا داخلية كبيرة من حلفائه في تنظيم الإخوان الذين يرفضون وقف الحرب.
وذكر السفير عادل شرفي لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن بيان مجلس الدفاع عبّر عن رفض رؤية الرباعية ووقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية.
وتزامن الحديث عن الخطة الرباعية مع تهديدات متزايدة من عناصر تنظيم الإخوان لقائد الجيش في حال توقيعه على أي اتفاق.
وفي هذا الإطار يقول الصحفي عثمان فضل الله “الجيش لا يستطيع إعلان الرفض الصريح دون أن يتحمل كلفة سياسية كبيرة، ما يجعله يميل إلى موقف التحفظ بانتظار اتضاح تفاصيل الترتيبات الأمنية والسياسية المقترحة”.
دوافع وتداعيات
تباينت التفسيرات حول دوافع موافقة الدعم السريع، ففي حين رأى البعض أنها تشكل خطوة سياسية مدروسة بعناية، أشار آخرون إلى أنها تندرج ضمن خيار “تكتيكي”.
واتفق المحللون على أن الخطوة ستعزز اتجاه الضغط على الطرف الرافض وستفتح الباب أمام إجراءات أكثر قوة.
ورأت الكاتبة الصحفية صباح محمد الحسن أن موافقة قوات الدعم السريع على الهدنة تمثل “خطوة سياسية محسوبة بعناية، وتفتح الباب واسعا أمام فرص التعاون مع المجتمع الدولي”.
وأوضحت في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” أنه “من خلال هذه الموافقة، يسعى الدعم السريع إلى إيصال رسالة واضحة مفادها أنه طرف يقبل بالمسار التفاوضي للرباعية الدولية، انطلاقا من أن الهدنة هي البند الأول والأساسي لأي اتفاق شامل”.
ولفتت الحسن إلى أن الخطوة، تضع الجيش في موقف حرج أمام الرأي العام الدولي، حيث قد يصور على أنه “غير مكترث بمعاناة المدنيين وأمنهم وسلامتهم، بل ويعرضهم لمخاطر المرض والجوع”.
ورجحت الحسن أن يدفع قبول الدعم السريع المجتمع الدولي لخيار اللجوء إلى أدوات الضغط والعقوبات، مضيفة أن “قبول أحد الأطراف بالهدنة يضع الآخر في دائرة الضغط الدولي. وفي حال رفض الطرفين معا، كان المتوقع أن تلجأ الولايات المتحدة إلى أدواتها الدبلوماسية لإقناعهما، لكن المشهد سيُقرأ الآن على أنه رفض مقابل استجابة، وتحد مقابل قبول”.
من جانبه، اعتبر فضل الله موافقة الدعم السريع على الخطة “خطوة تكتيكية لتحسين صورته أمام المجتمع الدولي وإظهار استعداده للانخراط في تسوية، وفي الوقت نفسه لإحراج الجيش كطرف يعرقل جهود السلام”.
وحول التداعيات المحتملة لخطوة موافقة الدعم السريع على الخطة، قال فضل الله: “تدرك الولايات المتحدة ودول الرباعية أن موافقة الدعم السريع تمثل فرصة للضغط على الجيش، ومن المرجح أن تتجه في المرحلة المقبلة إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية، وربما التلويح بإجراءات عقابية أو أممية في حال استمرار الجمود”.
واختتم فضل الله قائلا إن “نجاح الرباعية في تحويل هذه الموافقات اللفظية إلى التزامات عملية، سيكون المحك الحقيقي لمدى جدية الأطراف في إنهاء الحرب”.


