- “في أدنوك نستخدم كل التقنيات المتاحة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والروبوتات، لتسريع زمن الإنجاز، وتعزيز القيمة.
 - ومن خلال شركتنا (إيه آي كيو)، نستخدم أكثر من 200 أداة وتطبيق للذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب عملياتنا، من رؤوس الآبار إلى قاعات التداول.
 - هذه الأدوات تساهم في تقليل حالات التوقف المفاجئ إلى النصف، ورفع كفاءة الأداء عبر مختلف أعمالنا، ومن المخطط أن يدعم حل “ذكاء اصطناعي لطاقة المستقبل” تحسين دقة التوقعات الإنتاجية بنسبة 90 بالمئة.
 - كل هذا هو مجرد بداية، حيث نركز بشكل كبير على أن نصبح شركة الطاقة الأكثر استفادة من حلول وأدوات الذكاء الاصطناعي في العالم.
 - نقوم بدور رائد في إطلاق مرحلة جديدة من تحسين العمليات ورفع الكفاءة بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي.
 
وأضاف: ” في ظل كل هذه المتغيرات، يصعب التركيز على الأساسيات المهمة لقطاعنا. وفي هذه الظروف، أتَّبعُ نهجاً واضحاً وبسيطاً وهو: التركيز على المؤشرات الأساسية وتجاهل المؤثرات الجانبية التي تشتت الانتباه. وتوضح المؤشرات أن الطلب على الطاقة سيكون قوياً على المدى البعيد، وأن هناك حالة من عدم اليقين بشأنه على المدى القريب، كما توضح المؤشرات ضرورة المواءمة بين ضبط التكاليف، والاستثمار الرأسمالي، والتركيز بدقة على رفع الكفاءة، والاستثمار في الكوادر البشرية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي”.
تضيء تلك التجربة على أثر الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة، وقدرته على فرض تعريف جديد لكفاءة الطاقة بعيداً عن المقاييس التقليدية.
وقد بات من الواضح أن مفهوم الكفاءة بات يرتبط بقدرة الأنظمة على التعلّم الذاتي والتكيف اللحظي مع المتغيرات التشغيلية. فالذكاء الاصطناعي، عبر تحليل البيانات الضخمة والتنبؤ بالأنماط المستقبلية، يُحوّل الطاقة من قطاع يعتمد على الاستجابة إلى منظومة استباقية قادرة على اتخاذ القرار في الوقت الفعلي، مما يُقلّل الهدر ويُضاعف الإنتاجية.
كما يشير خبراء القطاع إلى أن ما يجري في الإمارات يمثل تحولاً نوعياً في فلسفة إدارة الطاقة عالمياً، حيث يتم الانتقال من تحسين الأداء الجزئي إلى بناء منظومات ذكية مترابطة تُعيد تعريف مفهوم الكفاءة ذاته.
تضع هذه المقاربة الجديدة الذكاء الاصطناعي في قلب استراتيجية النمو المستدام، لتتحول الطاقة من صناعة تقليدية إلى صناعة رقمية متكاملة تُدار بالبيانات وتُقاس بالكفاءة الذكية.
الذكاء الاصطناعي والطاقة
من جانبه، يقول أستاذ علم الحاسوب وخبير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في السيليكون فالي كاليفورنيا، الدكتور حسين العمري، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
- لم تعد كفاءة الطاقة اليوم مجرّد مقياسٍ لاستهلاكٍ أقل، بل أصبحت ميداناً لإعادة تعريف شامل بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي.
 - بينما كانت المقاييس التقليدية تُركّز على “كمّية الطاقة اللازمة لتقديم خدمة محددة”، يفتح الذكاء الاصطناعي الباب أمام فهمٍ أكثر ديناميكية وذكاءً للطاقة، يتجاوز حدود التقليل إلى حدود “الإدارة المثلى”.
 - في الماضي، كانت كفاءة الطاقة تُقاس بوحدات مثل شدة الطاقة أو معدل الاستهلاك لكل وحدة إنتاج، لكن الذكاء الاصطناعي جعل هذه المقاييس نسبية ومتغيرة، إذ أصبح قادراً على التنبؤ بالطلب، والتكيّف مع التغيّرات البيئية، والتعلّم من أنماط التشغيل.
 
ويضيف: في المباني الذكية مثلًا، تتعلم الأنظمة أوقات إشغال الغرف وتُعدّل الإضاءة والتكييف تلقائياً، وفي شبكات الكهرباء تتيح الخوارزميات التنبؤ بالأحمال وضبط الإنتاج والتوزيع في الزمن الحقيقي.
من رقمٍ جامد إلى منظومةٍ متكيّفة
هذا التحوّل -وفق العمري- يعني أن “الكفاءة” لم تعد رقماً ثابتاً أو هدفاً نهائياً، إنما أصبحت عملية مستمرة من التحليل والتعلّم والتكيّف، تعتمد على البيانات الضخمة والحوسبة السحابية، وتتكامل مع مصادر الطاقة المتجددة لتقليل الفاقد وتحقيق الاستخدام الأمثل.
لكنه في المقابل، يشدد على أن إدخال الذكاء الاصطناعي إلى منظومة الطاقة لا يخلو من المفارقات؛ فالنماذج الضخمة نفسها تستهلك كميات هائلة من الطاقة في التدريب والمعالجة، ما يفرض تحدياً جديداً في موازنة الكفاءة التقنية مع الكلفة البيئية.
ولهذا تتجه البحوث الحديثة إلى تطوير خوارزميات أكثر توفيراً للطاقة، وتقنيات “ذكاء اصطناعي أخضر” تعتمد على مراكز بيانات تعمل بالطاقة المتجددة وتقلّل الأثر الكربوني.
من الكفاءة الحسابية إلى الكفاءة الإدراكية
ووفق العمري، فإن الذكاء الاصطناعي يبدو أنه سيُعيد صياغة مفهوم كفاءة الطاقة من “كم نوفر من الطاقة؟” إلى “كيف نستخدمها بذكاء في الوقت والمكان المناسبين”. ويضيف: “إنه انتقال من الكفاءة الحسابية إلى الكفاءة الإدراكية، ومن الترشيد السلبي إلى الإدارة الذكية الاستباقية، حيث تصبح الطاقة مورداً متفاعلًا لا مجرد كمية محدودة”.
ويتابع قائلاً: “يقترب العالم من تعريفٍ جديد يقوم على الذكاء، والتعلّم، والتكيّف، ليجعل من التكنولوجيا شريكًا في تحقيق الاستدامة لا عبئًا عليها.. فكفاءة الطاقة في عصر الذكاء الاصطناعي لم تعد تُقاس بعدد الكيلوواطات الموفَّرة فحسب، بل بدرجة الذكاء في الإدارة، وسرعة التكيّف مع التغيّرات التشغيلية والمناخية، ومدى تكامل الأنظمة مع مصادر الطاقة المتجددة، وقدرتها على التنبؤ بالأعطال والهدر قبل وقوعه”.
الإطار التنظيمي والسلوك الإنساني
وبحسب العمري، فإن:
- تحقيق هذا التحوّل يتطلب إطاراً تنظيمياً وسلوكياً مرناً، وسياسات تشجع على جمع البيانات وتحليلها، وتدعم الاستثمار في الحلول الذكية.
 - كما يبقى السلوك الإنساني عاملاً حاسماً؛ فمهما بلغت دقة الخوارزميات، ستظل النتائج محدودة إن لم يتبنَّ المستخدمون ثقافة الوعي والاستهلاك الرشيد للطاقة.
 - لا يُعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة لتحسين الكفاءة، بل منظومة فكرية جديدة تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والطاقة والتقنية.
 - إنه الخطوة المنطقية التالية نحو حيادٍ كربوني حقيقي، حيث تتحول الطاقة من وقودٍ يُستهلك إلى معرفةٍ تُدار بحكمة؛ معرفةٍ تجعل من كل واطٍ مستخدم خطوة نحو مستقبلٍ أكثر وعياً واستدامة.
 
الـ AI والطاقة النظيفة
يشير تقرير لمبادرة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للطاقة MITEI، إلى أن الذكاء الاصطناعي يدعم عملية التحول إلى الطاقة النظيفة من خلال إدارة عمليات شبكة الطاقة، والمساعدة في التخطيط لاستثمارات البنية التحتية، وتوجيه تطوير المواد الجديدة، وأكثر من ذلك.
- على سبيل المثال، يُسهم استخدام الذكاء الاصطناعي في خفض استهلاك الطاقة والانبعاثات المرتبطة بها في المباني ووسائل النقل والعمليات الصناعية.
 - كما يُسهم في تحسين تصميم واختيار مواقع محطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية الجديدة ومرافق تخزين الطاقة.
 - في شبكات الطاقة الكهربائية، يُسهم استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتحكم في العمليات في زيادة الكفاءة وخفض التكاليف، ودمج الحصة المتنامية من مصادر الطاقة المتجددة، بل وحتى التنبؤ بموعد صيانة المعدات الرئيسية لمنع الأعطال واحتمالية انقطاع التيار الكهربائي.
 - يُمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة مُخططي الشبكات على جدولة الاستثمارات في توليد الطاقة وتخزينها وغيرها من البنى التحتية التي ستكون مطلوبة في المستقبل.
 - كما يُساعد الذكاء الاصطناعي الباحثين على اكتشاف أو تصميم مواد جديدة للمفاعلات النووية والبطاريات وأجهزة التحليل الكهربائي.
 
إعادة تعريف
من جانبه، يوضح خبير أسواق المال والعضو المنتدب لشركة “أي دي تي” للاستشارات والنظم التكنولوجية محمد سعيد، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن الذكاء الاصطناعي بدأ بالفعل يُعيد تعريف مفهوم كفاءة الطاقة ويُغيّر قواعد اللعبة في هذا المجال.
ويضيف:
المقاييس التقليدية، التي كانت تركز على استهلاك الكيلوواط/ساعة لكل وحدة إنتاج أو على كفاءة جهاز بعينه، لم تعد كافية لوصف الصورة الكاملة.
- المشهد يتحول بسرعة من قياس ثابت إلى قياس ديناميكي وسياقي.
 - الكفاءة لم تعد رقماً ثابتاً، بل أصبحت قدرة النظام بأكمله على التكيف اللحظي مع الطلب الفعلي، وتكلفة الطاقة المتغيرة، والظروف البيئية المحيطة.
 - الذكاء الاصطناعي يقدم أدوات متطورة مثل التحليلات التنبؤية والتوائم الرقمية (Digital Twins)، التي تُمكننا من رؤية النظام ككل وليس فقط مكوناته الفردية.
 - بدلًا من قياس كفاءة محرك أو جهاز منعزل، أصبح بالإمكان تقييم كفاءة شبكة كهرباء ذكية بالكامل أو خط إنتاج متكامل.
 
ويتابع أن هذه الأدوات تساعد على تقليل الفاقد غير المرئي سابقاً، مثل تحسين مسارات الطيران والسفن، أو تعديل تركيبات المواد في الصناعات الثقيلة لتقليل استهلاك الطاقة.
ويؤكد أن الكفاءة أصبحت اليوم تنبؤية، بمعنى أننا نستطيع تجنب استهلاك طاقة مستقبلي غير ضروري، وليس فقط خفض الاستهلاك الحالي.
لكن سعيد يُشير إلى مفارقة جوهرية، وهي أن الذكاء الاصطناعي نفسه شره للطاقة، فمراكز البيانات العملاقة وتدريب النماذج اللغوية الكبيرة تستهلك كميات هائلة من الكهرباء والمياه لأغراض التبريد، ما يفرض معادلة جديدة تماماً: (هل التوفير الذي يحققه الذكاء الاصطناعي في قطاعات أخرى – مثل إدارة المباني الذكية أو تحسين دمج الطاقة المتجددة – يفوق استهلاكه الشخصي للطاقة؟).
ويؤكد سعيد أن التعريف الجديد للكفاءة لم يعد يقتصر على توفير الطاقة الخام، بل أصبح مفهوماً أشمل يمكن تسميته بـ “الكفاءة الصافية” أو “الإنتاجية لكل واط”، أي قياس القيمة المضافة أو حجم العمل المنجز مقابل كل وحدة طاقة يستهلكها الذكاء الاصطناعي.
ويُوضح أن هذا التعريف يجب أن يأخذ في الاعتبار دورة الحياة الكاملة للتقنية، بدءًا من تصنيع الرقائق المتخصصة مثل الـ GPUs والـ TPUs، مروراً بعمليات التدريب والاستدلال، ووصولًا إلى البنية التحتية والتشغيل. كما يجب أن يشمل الأبعاد البيئية الأوسع، مثل البصمة الكربونية الإجمالية واستهلاك المياه.
ويختتم سعيد حديثه بالتأكيد على أن هذا التحول ليس استبدالاً للمقاييس القديمة، بل تطوراً تكميلياً ضرورياً لقياس الأثر الحقيقي لثورة الذكاء الاصطناعي في عالم الطاقة.

			
			
                                
                             
		
