ون العالم نيوزهنا أبرز التداعيات العسكرية والسياسية:
- السيطرة على الفاشر من قبل قوات الدعم السريع تمثل سقوط آخر معاقل الجيش في دارفور، الإقليم الذي يشكل ربع مساحة السودان.
- المدينة تعد عمقا استراتيجيا لولايات كردفان والشمالية ونهر النيل، وتربط السودان بشريط حدودي حساس يمتد إلى ليبيا تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
- السيطرة على الفاشر تعني حسم المعركة في الشريط الغربي الممتد من دارفور إلى كردفان، ما يمنح الدعم السريع تحكما بخط الدفاع الغربي للسودان.
- يتوقع مراقبون تصعيدا في الهجمات الجوية المتبادلة بين الجيش والدعم السريع باستخدام الطائرات المسيرة.
- تمنح السيطرة على دارفور الدعم السريع موقعا تفاوضيا قويا، إذ يشكل الإقليم بوابة نحو أربع دول أفريقية ذات امتدادات قبلية واقتصادية.
- الإقليم غني بالموارد والثروات المعدنية، ويضم نحو 20% من الثروة الحيوانية السودانية.
ميزان القوى والمعنويات
يرى المحلل العسكري محمد نور أن أهمية سقوط الفاشر تنبع من ثلاثة محاور: ميزان القدرات العسكرية، الوضع المعنوي للمقاتلين، وتغير استراتيجيات القتال.
وقال نور، وهو ضابط سابق في الجيش السوداني، لموقع سكاي نيوز عربية: “يؤكد سقوط الفاشر أن قوات الدعم السريع ما زالت تحافظ على قوة اندفاعها وقدرتها على التسليح وتأمين الإمداد بالمقاتلين رغم مرور أكثر من عامين ونصف على اندلاع الحرب”.
وأضاف: “هذا الانتصار الذي تحقق بعد أكثر من عام ونصف من الحصار سيمنح قوات الدعم السريع دفعة معنوية كبيرة في كل محاور العمليات، وسينعكس سلبا على معنويات الجيش والقوات المتحالفة معه”.
ويرجح نور أن تتجه قوات الدعم السريع نحو تكثيف عملياتها في كردفان، خصوصا في مدينتي الأبيض وبابنوسة، وفتح ممرات نحو العمق الشمالي، بينما قد يرد الجيش بكثافة في الضربات الجوية عبر المسيرات.
تحوّل استراتيجي
تكتسب السيطرة على إقليم دارفور أهمية سياسية كبيرة، إذ تحسن من الوضع التفاوضي للجهة المسيطرة، بالنظر إلى عمقه الجغرافي واتصاله بأربع دول مجاورة. كما أن الترابط القبلي بين دارفور ودول الجوار يمنحها بعدا إقليميا معقدا.
ويقول السفير الصادق المقلي لموقع سكاي نيوز عربية: “الأهمية الاستراتيجية لإقليم دارفور ستقوي الموقف التفاوضي لقوات الدعم السريع وتمنحه ورقة ضغط رابحة”.
أما الكاتب الصحفي عثمان فضل الله، فيعتبر أن سيطرة الدعم السريع على دارفور تمثل: “تحولا استراتيجيا بالغ التأثير في ميزان الصراع السوداني”، نظرا لموقع الإقليم الذي يربط السودان بتشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
وأوضح فضل الله أن هذا الامتداد الحدودي يمنح الدعم السريع منفذا سياسيا وعسكريا واقتصاديا خارج سيطرة الحكومة المركزية في بورتسودان، ويفتح أمامه فرصا لتأمين خطوط إمداد والحصول على دعم أو ملاذات من جماعات مسلحة في تلك المناطق الهشة.
وأضاف:”هذه السيطرة ستعزز نفوذ الدعم السريع كقوة أمر واقع قادرة على التفاوض من موقع قوة في أي عملية سياسية مقبلة، وقد تدفع بعض الأطراف الإقليمية للتعامل معه كفاعل مستقل”.
وفي المقابل، يرى فضل الله أن التطورات في دارفور تمثل تحديا خطيرا للجيش والسلطة في بورتسودان، إذ تعمق من عزلة الحكومة وتضعف سيطرتها على الأطراف، كما قد تثير مخاوف من انتقال الفوضى إلى دول الجوار أو تحول دارفور إلى منطقة نفوذ عابرة للحدود تهدد الأمن في وسط وغرب إفريقيا.
أبعاد سياسية واقتصادية
تمنح السيطرة على الفاشر قوات الدعم السريع هيمنة عسكرية على كامل دارفور، وتتيح لها تأمين الإمدادات بسهولة أكبر، والتوجه لحسم المعارك في كردفان.
وسياسيا، تقوي هذه السيطرة الموقف التفاوضي وتجعل الدعم السريع فاعلا إقليميا.
أما اقتصاديا، فيربط إقليم دارفور السودان بسوق حيوية في أربع دول أفريقية يعيش فيها أكثر من 100 مليون نسمة.
ويضم الإقليم نحو 20% من الثروة الحيوانية في السودان، إضافة إلى احتياطات كبيرة من المعادن مثل الحديد والرصاص والكروم والنحاس والألومنيوم والنيكل واليورانيوم.
انهيار تحالف الجيش
من جهة أخرى، يحذر مراقبون من أن سيطرة الدعم السريع على دارفور قد تحدث تغييرات جذرية في معسكر الجيش السوداني. فمدينة الفاشر كانت آخر معقل استراتيجي خارج قبضة الدعم السريع، كما كانت مقر القيادة العسكرية العليا للحركات المسلحة في الإقليم.
ويصف الوزير الأسبق في الخارجية السودانية مهدي الخليفة سقوط الفاشر بأنه: “زلزال سياسي يهدد الشرعية الرمزية لما تبقى من حكومة بورتسودان، التي كانت تتهم أصلا بالعجز أمام الحصار المتصاعد للمدينة”.
ويرى الخليفة أن سقوط دارفور سيؤدي إلى تآكل ثقة الضباط في القيادة العليا وتفكك تحالفات الجيش مع الحركات المسلحة، إضافة إلى تنامي الغضب داخل المؤسسات الأمنية والمدنية والمطالبة بتغيير القيادة في بورتسودان.
وأضاف: “بسقوط دارفور في يد الدعم السريع، تفقد حركتا العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، قاعدتهما الجغرافية ومشروعيهما السياسي، ما يهدد شرعيتهما أمام جماهير دارفور”.
ويتوقع أن تدفع هذه التطورات قوات الدعم السريع إلى خنق بورتسودان سياسيا أو عسكريا، مع ترجيحات بانهيار تحالف حركات دارفور مع الجيش، ما يغيّر ميزان القوى جذريا ويجعل السيطرة على دارفور نقطة تحول حاسمة في مسار الحرب السودانية.


