التحذيرات لم تأت من فراغ، بل تستند إلى نشاط متزايد للتنظيم عبر واجهات متعددة، من جمعيات خيرية ومراكز بحثية، وصولا إلى تحركات مؤثرة في بعض الدوائر الأكاديمية والسياسية.
يتجذر في المجتمع البريطاني
وفي هذا السياق، قال غانم نسيبة، مؤسس مركز “كورنرستون” للاستشارات، في حديثه لبرنامج “غرفة الأخبار” الذي يبث على قناة “سكاي نيوز عربية”، إن “تنظيم الإخوان يتجذر في المجتمع البريطاني أكثر من أي دولة أوروبية أخرى”، مضيفا: “الإخوان موجودون في بريطانيا منذ أكثر من قرن، وتمكنوا من التغلغل في النظام السياسي والأكاديمي وحتى في بعض مفاصل الحكومة”.
وأوضح نسيبة أن التنظيم يمارس نشاطه تحت غطاء قانوني ويستفيد من مساحة حرية التعبير والاعتقاد في الغرب لترويج أفكاره الأيديولوجية، معتبرا أن هذا “يمثل تحديا وجوديا للمجتمعات الأوروبية”.
وأردف: “التنظيم أعاد تعريف الإسلاموفوبيا، ويستخدمها كدرع لاتهام كل من ينتقده بالعداء للإسلام، وهو ما أربك السياسيين البريطانيين تحديدا”.
وأشار نسيبة إلى أن بريطانيا حاولت تضييق الخناق على أنشطة التنظيم بين عامي 2014 و2016، إلا أن الخطوات بقيت محدودة وغير مكتملة، مضيفا أن الحكومة البريطانية “انخرطت في لعبة كرّ وفر مع الإخوان، الذين استفادوا من الثغرات لتوسيع نفوذهم”.
أجندة متطرفة تهدد المجتمع
في المقابل، يبدو أن دولا أوروبية أخرى، على غرار فرنسا وألمانيا، أدركت الخطر بشكل أكثر وضوحا، وبدأت تتخذ خطوات فعلية لمواجهة التنظيم. وعلّق نسيبة على هذا التحول الأوروبي قائلا: “هناك إدراك أوروبي متنام بأن الإخوان يشكلون تهديدا وجوديا، ليس فقط للمجتمعات الإسلامية في أوروبا، بل للمجتمع ككل بسبب أجندتهم المتطرفة”.
كما دعا نسيبة إلى الاستفادة من تجارب الدول العربية التي صنّفت الإخوان كتنظيم إرهابي، قائلاً: “الدول العربية أدركت بعد تجارب طويلة أن هذا التنظيم لا يمكن التعايش معه… يجب أن تفهم أوروبا لماذا قبلت هذه الدول بالإخوان سابقًا، ولماذا رفضتهم لاحقًا”.
وشدد نسيبة على ضرورة أن يترجم هذا الإدراك الأوروبي إلى خطوات تشريعية واضحة، تشمل تصنيف التنظيم ككيان إرهابي، وتكثيف التنسيق مع الدول العربية أمنيا واستخباراتيا.
ويأتي هذا التصعيد في وقت يُتهم فيه التنظيم باستغلال المؤسسات الدينية والمجتمعية لنشر أفكاره بين الشباب، وسط بيئة أوروبية قلقة من تصاعد التطرف، خاصة بعد أن أثبتت تقارير عدة ارتباط بعض العناصر المتطرفة في أوروبا بأفكار التنظيم.