وكان أبو سيدو اعتقل من دون محاكمة في 18 مارس 2024، بموجب قانون “المقاتلين غير الشرعيين” الإسرائيلي، وأكد أنه تعرض للضرب المبرح والمعاملة المهينة في السجون الإسرائيلية.
لكن المتحدث باسم مصلحة السجون الإسرائيلية نفى علمه بهذه الاتهامات، مؤكدا أن “جميع السجناء احتجزوا وفق الإجراءات القانونية”.
ولم يكتشف المصور الفلسطيني أن رفيقة حياته وفلذتي كبده على قيد الحياة إلا بعد إطلاق سراحه، الإثنين، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة أميركية، بعد حرب استمرت عامين.
وفي ممر منزل العائلة بخان يونس، ركضت زوجته هناء بهلول وارتمت بين ذراعيه، بينما ظل أبو سيدو يطبع القبلات على وجنتي ابنته وابنه، اللذين ظن أنه لن يراهما مرة أخرى.
ونقلت “رويترز” عن أبو سيدو قوله: “سمعت صوتها فقط. سمعت صوت أولادي، فصعقت، لا يوصف، أحياء. يعني أنا رأيت زوجتي وأولادي وهم أحياء، تخيل وسط الموت، أحياء”.
وأضاف أنه اعتقل في مستشفى الشفاء شمالي قطاع غزة في 18 مارس 2024.
وكان أبو سيدو، وهو مصور صحفي، بين 1700 فلسطيني احتجزتهم القوات الإسرائيلية خلال الحرب المدمرة في غزة.
وأفرج السلطات الإسرائيلية عن أبو سيدو، الإثنين، إلى جانب 250 سجينا مدانا أو مشتبها به في هجمات مميتة، مقابل 20 رهينة إسرائيليا كانت تحتجزهم حماس منذ هجومها عبر الحدود في أكتوبر 2023.
قانون “المقاتلين غير الشرعيين”
قالت هناء إن محامي مؤسسة الضمير، وهي منظمة حقوقية فلسطينية، أخبرها بأن زوجها محتجز بموجب قانون “المقاتلين غير الشرعيين” الإسرائيلي، وهو شكل من أشكال الاعتقال الإداري.
ونقلت “رويترز” عن عمير شاتز، وهو خبير إسرائيلي في القانون الدولي في معهد الدراسات السياسية في باريس، إن القانون يتيح لإسرائيل سجن الأشخاص من دون اتهام أو محاكمة، واحتجاز كثير منهم تعسفيا، وتقييد وصول المحامين إليهم.
وتقول مؤسسة الضمير إن 2673 من سكان غزة محتجزون حاليا بموجب هذا القانون.
لكن الجيش الإسرائيلي قال في بيان إن سياسة الاعتقال التي ينتهجها “تتماشى تماما مع القانون الإسرائيلي واتفاقيات جنيف”، بشأن المعايير القانونية للمعاملة الإنسانية في وقت الحرب.
“مقبرة الأحياء”
قال أبو سيدو إنه تعرض للضرب المبرح، وتقييد يديه، وعصب عينيه أثناء احتجازه، وبدا معصماه وبهما علامات خلال لقائه مع “رويترز”، حيث قال إن السبب في تلك الآثار هو الأصفاد والقيود.
وقالت هناء إن زوجها احتجز في البداية في معسكر الاعتقال العسكري الإسرائيلي “سدي تيمان”، ثم نقل إلى معسكر “عوفر” العسكري في الضفة الغربية المحتلة، ومنه إلى سجن “كتسيعوت” في إسرائيل.
وأوضحت أن زوجها اعتقل فقط لأنه “صحفي في مؤسسة فلسطينية”، لكن متحدث باسم مصلحة السجون الإسرائيلية إن جميع السجناء احتجزوا وفقا للإجراءات القانونية، وتم الحفاظ على حقوقهم.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي لـ”رويترز” في سبتمبر الماضي، إن من بين حوالي 100 تحقيق جنائي يتعلق بحرب غزة، كان معظمها بشأن مزاعم إساءة معاملة أو وفاة محتجزين في الحجز العسكري، وقد أدت قضيتان إلى توجيه لوائح اتهام، وحكم على جندي واحد بالسجن 17 شهرا.
وقالت أماني سراحنة من نادي الأسير الفلسطيني إن أوضاع السجناء الفلسطينيين تدهورت بشكل كبير بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023، مع ورود تقارير عن اعتداءات جنسية وضرب وحرمان من الدواء والطعام.
وأضافت أن الظروف كانت أسوأ بالنسبة لفلسطينيي غزة المحتجزين عسكريا.
وقال أبو سيدو إن السجن كان “مقبرة الأحياء”، مضيفا: “طبعا نزعوا مني الروح عن الجسد، لكن لما رجعت إلى أرض غزة سرعان ما عادت الروح إلى الجسد. لكن لما رأيت الدمار الكبير، كيف أبدأ من جديد؟ هذه قصة وحكاية”.