وقد برز عام 2023، باعتباره عاماً مليئاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما يمهد الطريق لظهور المزيد من الفرص الواعدة، المرتبطة بهذه التكنولوجيا في عام 2024، وعند النظر إلى الصورة بشكل أوسع يتبادر إلى الأذهان سؤال مفاده: ما هي أولى الصناعات التي ستشهد تطوراً لافتاً خلال 2024 بفضل الذكاء الاصطناعي الجديد؟
العصر الجديد للهواتف ينطلق بعد أسابيع
الإجابة عن هذا السؤال لم تتأخر لتظهر، وذلك مع إعلان سامسونغ أنها ستطلق خلال الأسابيع القليلة المقبلة، سلسلة Galaxy S الجديدة التي ستفتتح عصراً جديداً من الذكاء الاصطناعي للهواتف المحمولة، مما يوفر تجربة هاتف محمول جديدة تماماً مليئة بالإمكانيات الثورية.
وبحسب أحدث توقعات شركة “كاناليس” لأبحاث السوق، فإن أقل من 5 بالمئة من الهواتف الذكية، التي سيتم شحنها في عام 2024 أي قرابة الـ 60 مليون هاتف، ستكون مجهزة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي الجديد، وهذا ما سيلعب دوراً كبيراً جداً في تسريع انتشار استخدام هذه التكنولوجيا في الأنشطة اليومية، بدءاً من الاتصالات وصولاً إلى الترفيه، وبالتالي ستلعب الهواتف الذكية دوراً رئيسياً في توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي التوليدي في الحياة الرقمية.
ويقول مهندس الاتصالات محمد شامي في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن صانعي الهواتف الذكية، سيبدأون خلال العام الحالي 2024 بالانتقال إلى مرحلة جديدة كلياً، مليئة بالابتكارات المرتبطة بالقدرات التي يمكن للهاتف الذكي القيام بها، اعتماداً على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهذا ما سيسهم في جعل الهواتف التي يمتلكها المستخدمون حالياً، غير قادرة على تلبية التطور الذي يشهده العالم التقني، ما سيدفع هؤلاء حتماً إلى استبدال أجهزتهم بنمط أسرع من السابق، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على مصنعي الهواتف لناحية تعزيز مستوى مبيعاتهم.
وبحسب شامي فإن الهواتف الذكية تبنت تقنية الذكاء الاصطناعي منذ فترة طويلة، ولكن ما نتكلم عنه حالياً هو الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يختلف بمفهومه عما كان سائداً في السنوات الماضية، فالذكاء الاصطناعي الجديد، يتطلب اعتماد معايير وعتاد وإمكانيات برمجية مختلفة، لافتاً إلى أنه من الناحية التقنية وكي يكون الهاتف الذكي، قادراً على استخدام الذكاء الاصطناعي، يجب أن يتم تزويده بمعالج قوي يمتلك قدرة سريعة على القيام بالمهام، كما أنه يجب أن يكون مهيئاً من الناحية التشغيلية والبرمجية، للتعامل مع نماذج اللغات الكبيرة (LLMs) والتي تتطلب قدرات فائقة السرعة، لناحية التحليل والاستنتاج والتنفيذ.
وشدد شامي على أن النظام التشغيلي للهاتف الذي يدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي، سيكون مختلفاً أيضاً من حيث القدرات، وذلك كي يتمكن حاملو الهواتف، من تشغيل الميزات الذكية التي توفرها التكنولوجيا الجديدة بكفاءة، حيث أن أي هاتف لا يلبي جميع المواصفات المذكورة، لا يمكن إدراجه ضمن الهواتف الداعمة للذكاء الاصطناعي التوليدي وهو قد ينعكس أيضاً ارتفاعاً في أسعار الأجهزة.
وصول الهواتف الأكثر ذكاءً
من جهته يقول مطور التكنولوجيا فادي حيمور، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن دخول الذكاء الاصطناعي التوليدي عالم الهواتف الذكية، يعني أن هذه الأجهزة ستنتقل من مرحلة الذكاء العادي إلى مرحلة الذكاء الفائق، وما سنراه في 2024 في هذا المجال هو مجرد بداية، فالسنوات المقبلة ستحوّل الهواتف الذكية إلى أجهزة أكثر انتاجية، وقادرة على فهم ما يبحث عنه حاملوها تماماً، لافتاً إلى أنه بالنسبة لهذا العام، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي في الهواتف الذكية، سيظهر من الناحية التقنية مثل تحسين عمر البطارية وأداء الكاميرا، وتوفير الخدمات المتطورة في تحرير ودمج الصور، والفيديوهات وتوليد النصوص، ودون أن يشمل ذلك تصميم أو شكل الهاتف.
ويكشف حيمور أن الهواتف الداعمة للذكاء الاصطناعي التوليدي في 2024، ستتيح لمستخدميها تصحيح ألوان الصور والفيديوهات بشكل تلقائي، واستبدال خلفياتها واخفاء وازالة بعض محتواها بسهولة، كما أنها ستقترح إنشاء منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، بناءً على ما تراه مناسباً لحاملها، مع امكانية أن يشمل الأمر القدرة على إنشاء صور، بناءً على الأوصاف التي يحددها المستخدم بشكل خطي، لافتاً إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، سيفهم محتوى الفيديو الموجود على الهاتف، وسيساعد المستخدم على البحث عن معلومات محددة داخله، إضافة إلى تقديمه خدمة تلخيص المحتوى الطويل من الرسائل الصوتية والفيديوهات والبريد الإلكتروني.
ويضيف حيمور أن الهواتف الذكية الداعمة للذكاء الاصطناعي التوليدي، التي سيتم اطلاقها في 2024، ستقدم ميزة الرد الآلي على المكالمات، من خلال توليد أصوات شبيهة بأصوات حامليها، وذلك كون الهاتف سيكون قادراً على تقليد أنماط أصوات مستخدميه، بناءً على طريقة رد المستخدم على المكالمات في الحالات الطبيعية، وهذا الأمر يشمل أيضاً الرسائل المكتوبة، حيث سيعمل الذكاء الاصطناعي على إنشاء اقتراحات ردود على تطبيقات المراسلة، بالأسلوب نفسه الذي يستخدمه حامل الهاتف، ما يعطي انطباعاً للشخص المقابل أنه يتحدث مع إنسان.
ويؤكد حيمور أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي في الهواتف الذكية، ستظهر بوضوح في روبوتات الدردشة الشخصية، التي تحتويها والتي ستصبح أذكى وأكثر قدرة على التواصل مع الإنسان، فهي ستساعده في الوصول إلى المعلومات التي يبحث عنها، إضافة لحصوله على خدمات مماثلة للخدمات التي تقدمها برامج مثل “تشات جي بي تي” و”بارد”، مشيراً إلى أن هذه الروبوتات ستتطور مع الزمن، وتصبح بمثابة مساعد شخصي، يفهم ما يريده المستخدم بناءً على أولوياته في الحياة، حيث سيعمل الذكاء الاصطناعي على الاستفادة من مصادر البيانات المختلفة، التي يجمعها عن المستخدم، ما يمكن الهاتف من تقديم اقتراحات يومية بالأمور التي يجب على حامله القيام بها بناءً على سجله.