وبحسب الوكالة، سيتم إخراج المحطة من المدار وإسقاطها في منطقة نائية من المحيط الهادئ، فيما يعد نهاية مرحلة مفصلية في تاريخ التعاون الفضائي الدولي، ومقدمة لعهد جديد يرتكز على الاستكشاف الفضائي التجاري والمأهول.
إنجاز علمي وتعاون دولي
تُعد محطة الفضاء الدولية من أكبر إنجازات التعاون الفضائي العالمي، وقد شاركت في إنشائها وتشغيلها كل من الولايات المتحدة، وكندا، وأوروبا، واليابان، وروسيا.
وخلال فترة عملها، استضافت المحطة أكثر من 4000 تجربة علمية في مجالات متعددة، أبرزها علوم المواد، والتكنولوجيا الحيوية، والفلك، وعلوم الأرض، وأسفرت عن أكثر من 4400 منشور علمي محكم.
مرحلة جديدة.. محطات فضائية تجارية
ورغم إعلان نهاية محطة الفضاء الدولية، أكدت “ناسا” أنها لا تعتزم التخلي عن وجودها في المدار الأرضي المنخفض. فمنذ عام 2021، أطلقت الوكالة مبادرات لدعم تطوير محطات فضائية تجارية مملوكة للقطاع الخاص، من خلال شراكات استراتيجية مع شركات مثل سبيس إكس وبوينغ، وبتخصيص تمويل تجاوز 400 مليون دولار.
وفي سبتمبر 2025، أطلقت ناسا المرحلة الثانية من هذا البرنامج، لاختيار الشركات القادرة على بناء محطات تؤمن إقامة طاقم مكون من أربعة أشخاص لمدة 30 يومًا على الأقل. وستخضع هذه المحطات لتقييمات دقيقة لضمان التوافق مع معايير السلامة الصارمة المعتمدة من الوكالة.
وفي حال توقفت محطة الفضاء الدولية قبل دخول المحطات الجديدة الخدمة، ستكون محطة “تيانقونغ” الصينية، العاملة منذ 2021، الوحيدة المأهولة في المدار الأرضي، ما يمنح الصين موقعًا متقدمًا في السباق الفضائي المستقبلي.
“أرتميس 2”.. أول مهمة مأهولة نحو القمر منذ 50 عاما
وفي سياق متصل، أكدت “ناسا” أنها تسير وفق الجدول الزمني المحدد لإطلاق أول مهمة مأهولة إلى القمر منذ خمسين عامًا، وذلك في إطار برنامج “أرتميس 2″، والمقرر مبدئيًا في مطلع عام 2026، مع احتمال تقديم الموعد إلى فبراير من العام نفسه.
وستضم المهمة طاقما مكونا من ثلاثة رواد فضاء: اثنان أميركيان وثالث كندي، سيتولون الدوران حول القمر دون الهبوط عليه، ليكونوا أول بشر يقتربون من سطح القمر منذ مهمة “أبولو 17” عام 1972.
ورغم التأجيلات السابقة الناتجة عن تحديات تقنية ولوجستية، أكدت لاكيشا هوكينز، مسؤولة رفيعة في “ناسا”، أن الوكالة ملتزمة بتنفيذ المهمة ضمن الإطار الزمني المحدد، مع إعطاء الأولوية القصوى للسلامة.
ضغوط سياسية ومنافسة متصاعدة مع الصين
يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد الضغوط السياسية على “ناسا”، بعد عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة. وكان ترامب قد أطلق برنامج “أرتميس” خلال ولايته الأولى، داعيا إلى عودة أميركية عاجلة إلى القمر، والإعداد لبعثات مستقبلية نحو كوكب المريخ.
ويُنظر إلى هذا التحرك على أنه جزء من “سباق فضاء جديد”، في ظل تنامي برنامج الفضاء الصيني، الذي يهدف إلى إرسال طواقم بشرية إلى القمر خلال السنوات القادمة، وبناء قاعدة دائمة على سطحه.
وفي هذا السياق، أكدت هوكينز أن “الحكومة تريد منا أن نعود إلى القمر وأن نكون الأوائل، لكن هدف ناسا هو تحقيق ذلك بأمان.”
وتُخطط “ناسا” لإطلاق مهمة “أرتميس 3” في منتصف عام 2027، لتكون أول مهمة تهدف إلى الهبوط البشري على سطح القمر منذ أكثر من 5 عقود، وهو ما يشكل محطة مفصلية نحو بناء وجود بشري طويل الأمد على القمر، وربما على المريخ مستقبلًا.