في هذا السياق، أقر مجلس الدفاع الخليجي المشترك خلال اجتماعه بقطر، 5 آليات لتعزيز “قدرات الردع والدفاع الخليجية”، والتي شملت زيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية من خلال القيادة العسكرية الموحدة، والعمل على نقل صورة الموقف الجوي لجميع مراكز العمليات بدول المجلس، مع تسريع أعمال فريق العمل المشترك الخليجي لمنظومة الإنذار المبكر ضد الصواريخ الباليستية.
كما تضمنت القرارات تحديث الخطط الدفاعية المشتركة بالتنسيق بين القيادة العسكرية الموحدة ولجنة العمليات والتدريب لدول مجلس التعاون، وتنفيذ تمارين مشتركة بين مراكز العمليات الجوية والدفاع الجوي خلال الثلاثة أشهر القادمة على أن يتبعه تمرين جوي فعلي مشترك.
وبالتوازي مع تلك التوصيات، حظيت اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك بين السعودية وباكستان باهتمام بالغ لما تمثله من منعطف لافت في موازين القوى الإقليمية، إذ تهدف بالأساس إلى تعزيز الدفاع المشترك ضد أي اعتداء، باعتبار أن “أي اعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما”.
وتعزز الاتفاقية، وفق محللين من أدوات الردع المتاحة للرياض وإسلام آباد، ويفتح الباب أمام تكامل القدرات الدفاعية لكل من البلدين، متوقعين ألا يقتصر أثر الاتفاقية على تعزيز أمن البلدين فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى إعادة رسم معادلات الردع في الشرق الأوسط، في مواجهة التهديدات الإقليمية الراهنة.
استراتيجية دفاعية خليجية
وقال الخبير العسكري والاستراتيجي السعودي العميد طيار متقاعد فيصل الحمد، إن “قرارات مجلس الدفاع الخليجي المشترك تؤكد تصميم دول مجلس التعاون بالنهوض في المنظومة العسكرية الدفاعية لحمايتها على كافة الأصعدة برًا وبحرًا وجوًا”.
ولفت الحمد في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن “أبرز ما في القرارات هو التركيز على ضرورة تبادل هذه المعلومات الاستخباراتية من خلال القيادة العسكرية الموحدة، أي أننا سنرى توحيد لأنظمة تبادل المعلومات الآنية أو الفورية بين مراكز القيادة الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي العربي الستة، إضافة إلى أنه ظهرت أهمية نقل المعلومات والبيانات حول الموقف الجوي لدول مجلس التعاون الخليجي، وكان التوجيه بأنه يتم ربط مراكز العمليات الجوية بدول المجلس لكي يتم تبادل المعلومات الفورية، إضافة إلى إنهاء إجراءات ربط مراكز الإنذار المبكر ضد الصواريخ البالستية”.
واعتبر أن “الملاحظ هو العمل على تحديث وتطوير الخطط الدفاعية، خاصة أن الخطط الدفاعية السابقة كانت منذ عام 82 ورغم أنها كانت تحدث بصفة دورية، إلا أنه مع وجود المخاطر الراهنة بدأت توجيهات تحديث هذه الخطط بما يشمل التدريب سواء الفردي أو الجماعي الشامل للمنظومات العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي”.
وأكد أن “العمل على تفعيل اتفاقية دفاعية بين دول مجلس التعاون الخليجي العربي مهم للغاية، وهي ذات الأهمية للعمل على تطوير القدرات العسكرية في مراكز العمليات”.
الاتفاق “السعودي-الباكستاني”
وفي سياق الاتفاق بين السعودية وباكستان، أشار “الحمد” لكونها “اتفاقية ردع ضد أي معتدي”، لكنها لا تستهدف دولة بعينها، بحسب قوله.
كما ذكر الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية، اللواء محمد صالح الحربي، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “باكستان شريك موثوق وقوة عسكرية مهمة في محيطها، والاتفاقية الدفاعية المشتركة الأخيرة تأتي امتدادًا للتعاون بين البلدين وفي توقيت بالغ الأهمية يشهد فيه العالم تحولات متسارعة”، مشددا على أن المملكة “تتبنى سياسة التنويع والتوازن في شراكاتها، خاصة مع الحلفاء الأكثر موثوقية”.
واتفق الحربي مع الحمد في أن “اتفاقية الدفاع تستهدف تعزيز الردع المشترك والحفاظ على أمن المنطقة، خاصة بعد ما جرى بعد حرب غزة والاعتداءات الإسرائيلية، إضافة إلى تهديد استقرار دول في المنطقة مثل قطر، وهو دفع الرياض إلى إعادة صياغة توازناتها الاستراتيجية بين الشرق والغرب، في ظل ملامح نظام دولي متعدد الأقطاب”.
وأشار إلى أن “هذه الاتفاقية تحمل رسالة واضحة لكل دولة تمارس الاعتداء في المنطقة، وتمثل دافعا لتطوير جوانب التعاون الدفاعي بين البلدين، وتعزيز الردع المشترك، وهي مواكبة للمتغيرات الجيوسياسية في القرن الـ 21”.
رسالة لإسرائيل؟
وحول رسائل الاتفاقية، قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء سمير راغب، في تصريح خاص لـ”سكاي نيوز عربية”، إن السعودية ترسخ فكرة “الآلية الإقليمية للدفاع المشترك، بعيدًا عن الاعتماد الحصري على دولة أو جبهة واحدة، وبالتالي فهي ليست فقط رسالة سياسية بل إجراء عملي يتجاوز حدود الرسائل، ويؤسس لشراكة دفاعية تعود بالنفع على البلدين وعلى أمن المنطقة”.
وتابع: “إسرائيل حاضرة في الحسابات الاستراتيجية العربية الراهنة بلا شك، خاصة بعد أحداث الدوحة وتداعيات الحرب في غزة، ما يجعل هناك حاجة لبناء شراكات وبدائل إقليمية موثوقة”.
واعتبر راغب، أن التحالف الدفاعي بين السعودية وباكستان يكتسب أهمية استثنائية، مرجعا ذلك إلى أن “باكستان دولة نووية، وهذا يحقق توازن ردع، خاصة مع الإعلان أن التعاون المشترك يشمل كافة الأوجه”.
وأوضح رئيس جهاز الاستطلاع المصري الأسبق، اللواء نصر سالم، أن “الردع يرتكز على ثلاثة عناصر: امتلاك أسلحة أكثر تطورا من الخصم، رفع كفاءة القوات المسلحة عبر تدريبات متقدمة، كما حدث في مناورات النجم الساطع مؤخرا وإظهار هذه القوة للعالم عبر مناورات واستعراضات عسكرية”، مشددا في الوقت نفسه على أن مشاركة الولايات المتحدة وحلف الناتو وأكثر من 40 دولة في التدريبات تمثل رسالة بأن الجيش المصري قوي وقادر على حماية مصالحه، فضلًا عن كونها رسالة طمأنة للمصريين.