هذه الجلسة، التي جاءت بعد انسحاب وزراء الثنائي الشيعي احتجاجا على المداولات، شهدت موافقة الحكومة على خطة الجيش اللبناني، في خطوة وصفها المراقبون بأنها لحظة مفصلية تعكس جدية الدولة في استعادة احتكار السلاح.
خطة الجيش: خمس مراحل بين الإعلان والتنفيذ
وفقا للتقارير، تتألف خطة الجيش من خمس مراحل تبدأ بنزع السلاح من جنوب الليطاني، وتمتد تدريجيًا إلى باقي المناطق اللبنانية، مع مراقبة شهرية للتنفيذ عبر تقارير ترفع إلى الحكومة. إلا أن تفاصيل المراحل غير معلنة رسميًا، وتبقى قابلة للتعديل حسب القدرة الميدانية للجيش وظروف التنفيذ، مع مراعاة انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المحتلة جنوب لبنان.
الرئيس اللبناني جوزيف عون، خلال لقائه قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي براد كوبر، شدد على أهمية دعم الجيش اللبناني لتعزيز حصرية السلاح بيد الدولة، مؤكدًا ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة لتسهيل تنفيذ خطة الجيش وفق القرار 1701. من جانبهم، أشاد المسؤولون الأميركيون بالجهود اللبنانية، مؤكدين استمرار الدعم والمساعدات لتعزيز الاستقرار في الجنوب.
حزب الله ومباركة الحكومة: مناورة أم إنكار؟
الترحيب الذي أبداه حزب الله بالخطة أثار جدلاً واسعًا بين الفرقاء اللبنانيين والمراقبين. محمود قماطي، أحد مسؤولي الحزب، وصف تحرك مجلس الوزراء فرصة للعودة إلى التعقل ومنع الانزلاق نحو المجهول، لكنه أكد أن سلاح الحزب لن يُسلم. في المقابل، رحّب رئيس مجلس النواب نبيه بري بالخطة، معتبرًا أنها تحافظ على السلم الأهلي، في إشارة إلى توافق داخلي على تهدئة الأجواء.
الكاتب والباحث السياسي رضوان عقيل، خلال حديثه إلى برنامج “التاسعة” على “سكاي نيوز عربية”، أكد أن انسحاب وزراء الثنائي الشيعي كان متوقعًا وأن الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة) كانوا على معرفة بهذا السيناريو. وأوضح أن المخرج الذي تمثل في استمرار الجلسات ومواصلة النقاش، يصب في مصلحة الدولة اللبنانية ويؤكد أن الحكومة لن تتراجع عن قراراتها.
التوازن الداخلي: الحكومة قبل أي طرف
بحسب عقيل، الحكومة اللبنانية تمكنت من الحفاظ على توازنها الداخلي من خلال إدارة ذكية للمواقف السياسية، حيث أظهر انسحاب وزراء الثنائي الشيعي مرونة محسوبة، ولم يؤدِ إلى شلل الحكومة. وأشار إلى أن الرؤساء الثلاثة استطاعوا تمرير الخطة مع دعم القوى السياسية المتوافقة معها، مع مراعاة الحفاظ على السلم الأهلي، وهو هدف استراتيجي أساسي في ظل المخاطر الإسرائيلية المستمرة.
وأشار عقيل إلى أن حزب الله لن يخوض مواجهة مباشرة مع الجيش اللبناني، لأن ذلك سيضر به أكثر من غيره، كما أن قيادة المؤسسة العسكرية ليست في وارد الدخول في صدام مسلح داخلي. وأوضح أن الهدف الإسرائيلي من أي فتنة داخلية هو ضرب استقرار الدولة اللبنانية وإشغال الجيش والصراع الداخلي لصالح مصالحها.
الشروط المسبقة لحصول التفاهم
من منظور عقيل، هناك شروط واضحة لحصول حزب الله على تسوية عملية مع الدولة:
1. انسحاب إسرائيلي حقيقي من جنوب لبنان.
2. إطلاق الأسرى اللبنانيين المحتجزين.
3. وضع استراتيجية أمنية شاملة وفق ما ناقشه الرئيس جوزيف عون في جلسة مجلس الوزراء.
وفقط عند تحقيق هذه العناصر، سيكون الحزب مضطرًا للتعامل بحذر مع قرار الحكومة، مع إمكانية تسليم السلاح تدريجيًا، بما يضمن عدم وقوع مواجهة مسلحة داخلية، ويحفظ الاستقرار اللبناني، وفق المتحدث ذاته.