في هذا السياق، سلط الدكتور محمد محسن، مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، الضوء على أبرز ملامح هذا القطاع الحيوي، خلال مداخلته في برنامج “بزنس مع لبنى” على سكاي نيوز عربية.
اقتصاد المحتوى.. من الهامش إلى العمق
تشير البيانات إلى أن أكثر من 207 ملايين شخص حول العالم يعملون في صناعة المحتوى، منهم 47 بالمئة بدوام كامل. المفاجئ أن 20 مليونًا من هؤلاء يحققون دخلًا سنويًا يتجاوز 100 ألف دولار، و6 ملايين منهم يتجاوزون عتبة 500 ألف دولار سنويًا.
أبرز قطاعين في هذا السوق هما:
- بث الفيديو (Video Streaming)بإيرادات تصل إلى 157 مليار دولار.
- البودكاست الذي يحقق 32 مليار دولار هذا العام فقط.
وبينما يستغرق صانع المحتوى المتوسط نحو سبعة أشهر لتحقيق أول دخل له، فإن هذا المجال لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة اقتصادية واجتماعية وثقافية.
صناعة نسائية بامتياز… ولكن بفجوة دخل صارخة
بحسب الإحصاءات، 64 بالمئة من صناع المحتوى حول العالم هم نساء، إلا أنهن يواجهن فجوة دخل لافتة، حيث يبلغ متوسط دخل النساء في هذا القطاع نصف ما يحققه الذكور تقريبًا، أي حوالي 35 ألف دولار سنويًا مقارنة بـ 70 ألف دولار للرجال.
الدكتور محمد محسن أشار إلى أن للمرأة بصمة مميزة في صناعة المحتوى، معتبرًا أن لديها آليات وأدوات تعبيرية أقوى، تتجلى في التناسق البصري والحس الأسري والتواصل المجتمعي، بالإضافة إلى قدرتها على الاستمرارية والتفرغ، خصوصًا لمن لا يعملن في وظائف بدوام كامل.
“المرأة عندما تصنع محتوى، تصل بسهولة إلى كل بيت… لديها ثقافة كبيرة، واستمرارية تفوق غالبية الرجال”، بحسب تعبير محسن.
قوة الاقتصاد الرقمي في ظل التطور التكنولوجي
يرى محسن أن صناعة المحتوى تمثل أحد أقوى أشكال الاقتصاد الرقمي في العصر الحديث، مشددًا على أن أي شركة أو مؤسسة أو قناة فضائية باتت بحاجة إلى صانع محتوى محترف، في ظل تسارع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي وانتشار تقنيات الاستهداف الرقمي وتحليل الجمهور.
وأضاف: “صناعة المحتوى لم تعد رفاهية، بل أصبحت ضرورة في كل المجالات… المحتوى المرئي بالذات لديه تأثير واسع يصل إلى جميع الأعمار، ويعزز حضور العلامات التجارية والدول والمؤسسات”.
التحدي الأكبر: الأمان الرقمي وصيانة السمعة
يحذر محسن من التهديدات السيبرانية التي تطال صناع المحتوى، مشيرًا إلى أن سرقة الحسابات أو تعطيلها بات من الظواهر المتكررة، ما ينعكس بشكل مباشر على ثقة الجمهور وسمعة صانع المحتوى.
وأوضح أن الحفاظ على الأمن السيبراني يتطلب:
- تأمين الحسابات والأجهزة الشخصية.
- استخدام كلمات مرور قوية ومزدوجة التحقق.
- وجود منصة احتياطية أو موقع شخصي خارج شبكات التواصل.
- نشر المحتوى بشكل دوري ومنتظم لتعزيز الحضور الرقمي.
“أي خرق أمني قد يؤدي إلى نشر محتوى غير لائق باسم صانع المحتوى، ما يفقده مصداقيته فورًا”، بحسب ما أوضح محسن.
المنصات والخوارزميات… هل هي صديقة أم خصم خفي؟
يتوقف محسن عند مسألة الخوارزميات، معتبرًا أن الاعتماد فقط على عدد المتابعين أو مشاهدات الفيديوهات غير كافٍ، في ظل تقلبات آليات عمل المنصات الرقمية. لذلك، يدعو إلى:
- تنويع مصادر الوصول للجمهور.
- الاستثمار في الإعلانات الممولة.
- الاعتماد على منصات ثابتة بعيدًا عن تغيرات السوشيال ميديا.
- بناء مجتمع رقمي مستدام حول المحتوى.
ضرورة تشريعات رادعة وتنظيم السوق
يشدد محسن على أهمية سن قوانين صارمة لمكافحة المحتوى غير الهادف أو غير الأخلاقي، من خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ل العالم نيوزالمخالفات، وتفعيل آليات الإبلاغ والمحاسبة.
“نحتاج إلى آليات ذكية ل العالم نيوزالمحتوى الضار، ومساءلة كل من ينشر محتوى مسيئًا أو مضللًا… من الضروري أن يكون لكل صانع محتوى بيانات توثيقية واضحة، كما هو الحال مع المعلنين”.
واقترح محسن أن تُلزم الجهات المنظمة المنصات الرقمية بطلب:
- بطاقة الهوية أو ما يعادلها.
- توثيق الحسابات النشطة.
- مراقبة المحتوى بواسطة أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
من يتحكم بالمحتوى يتحكم بالسوق
تحوّل صانع المحتوى من فرد هاوٍ إلى فاعل اقتصادي مؤثر بات واضحًا. ومع استمرار الزخم الرقمي، فإن الدول والمؤسسات مطالبة بمواكبة هذا التغير عبر دعم الإبداع، وتأمين الفضاء الرقمي، وخلق بيئة تنظيمية عادلة.