الزيارة، التي تتزامن مع أزمة إنسانية غير مسبوقة في القطاع، تضع واشنطن أمام مسؤولية مضاعفة، وتثير أسئلة مشروعة حول نواياها وحدود قدرتها على التأثير في القرار
ويتكوف في تل أبيب.. دبلوماسية الإنقاذ أم مناورة سياسية؟
مع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة وتعثر مسارات التهدئة، حمل ستيف ويتكوف حقيبته الدبلوماسية متوجهًا إلى تل أبيب، في أول زيارة ذات دلالات سياسية وإنسانية منذ إعادة انتخاب دونالد ترامب.
ويشير الدبلوماسي لينكولن بلومفيلد خلال حديثه إلى “غرفة الأخبار” على “سكاي نيوز عربية” إلى أن زيارة ويتكوف تأتي في لحظة «تحول في الإدراك الأميركي» لما يجري في غزة، وخصوصًا مع ازدياد التغطية الإعلامية الغربية لحجم الكارثة، والتي وصفها بأنها “غير مسبوقة” في سياق الاهتمام الأميركي.
ترامب والتوازن بين الحليف والسياسات الدولية
لم يكن إرسال ويتكوف إلى المنطقة خطوة منفصلة عن التطورات السياسية الأخيرة في البيت الأبيض. فوفقًا لبلومفيلد، فإن ترامب أصبح أكثر انخراطًا في الملفات الدولية الحساسة، خاصة بعد لقائه بأورسولا فون دير لاين وكير ستارمر في اسكتلندا، وهو اللقاء الذي تخلله الحديث عن التجارة، لكن أيضا عن غزة وأوكرانيا.
ويرى بلومفيلد أن ترامب، الذي صرح مؤخرًا بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمكنه إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال أسبوعين، يحاول أن يقدم نفسه كصانع سلام شامل، الأمر الذي يفسر قراره بتكليف ويتكوف بمهمة في إسرائيل.
“ترامب حساس الآن تجاه الوضع في غزة، وربما أدرك أن صور المجاعة والدمار باتت تؤثر على الرأي العام الأميركي، خاصة في الأوساط اليهودية والمسيحية”، يضيف بلومفيلد.
البيت الأبيض وإسرائيل.. دعم تقليدي أم مقاربة جديدة؟
الجدل داخل أروقة السياسة الأميركية حول كيفية التعامل مع إسرائيل بلغ ذروته، مع تزايد الأصوات الداعية إلى فرض عقوبات أو حتى تعليق المساعدات العسكرية، لكن بلومفيلد يحذر من أن مثل هذه الخطوات قد تكون بمثابة “هدية مجانية لإيران”.
ويضيف: “قطع الدعم عن إسرائيل الآن قد يُفهم على أنه دعم لحماس والحوثيين وحزب الله، وبالتالي فالمقاربة يجب أن تكون أكثر دقة، ترتكز على الضغط السياسي، وليس العقاب الاستراتيجي”.
نتنياهو في مأزق داخلي.. عزلة وتآكل في الخطاب الرسمي
يشير بلومفيلد إلى أن نتنياهو يمرّ بفترة من العزلة السياسية، حتى داخل حكومته اليمينية. فبعض المسؤولين الإسرائيليين باتوا يناقضونه علنًا بشأن رواية حماس وسرقة المساعدات الإنسانية، ما دفع تل أبيب للسماح بإسقاط المساعدات جوًا في سابقة سياسية وعسكرية.
ويعتقد بلومفيلد أن هذا التناقض في الخطاب قد يشكل مدخلًا لوضع نتنياهو تحت ضغط إضافي، خصوصًا إذا جاء هذا الضغط بصيغة إنسانية – سياسية متوازنة، كما يفعل ويتكوف في هذه المرحلة.
غزة في قلب الحسابات.. الخوف من التطرف والعزلة الإنسانية
يحذر بلومفيلد من أن استمرار الوضع الحالي في غزة، حيث الدمار والمجاعة والاحتلال، سيؤدي بالضرورة إلى تفريخ أجيال أكثر تطرفًا. “إذا استمر هذا الوضع، فسيصبح لدى غزة عشرات الآلاف من الحماسيين الجدد”، يقول بلومفيلد.
ويضيف أن المقاربة الأميركية الجديدة يجب أن تضع هذا التحذير في الاعتبار، عبر فتح المجال أمام تدفق المساعدات الإنسانية، والبحث عن مسار سياسي لا يُكافئ حماس، لكن لا يعاقب الشعب الفلسطيني جماعيا.