وتعددت التطبيقات التي تحمل اسم “بلينكو” أو “سيلينكو”، وهي ألعاب مقامرة تقوم على كرة تنحدر من أعلى فوق شكل هرمي لتصل إلى قاعدة مليئة بالأرقام، يحمل كل رقم مكسبًا للاعب، ويتدرج هذا المكسب بين الزيادة بنسبة بسيطة أو جائزة كبرى تبلغ آلاف الجنيهات أو الدولارات حسب العملة التي يتم اللعب بها.
ويمكن تحميل هذه التطبيقات من خلال روابط لمواقع مباشرة، يتم الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ إن أغلبها غير موجود على متجري “آب ستور” أو “غوغل ستور” نظرًا لأن بعضها ينتهك المعايير الموضوعة من جانب هذه المتاجر، لذلك فهي مرفوضة لديها.
استدراج خطير
وعن طريقة الربح من هذه التطبيقات، يوضح الخبير التقني المتخصص في الأمن السيبراني أحمد عبدالفتاح، أن هذه التطبيقات أصبحت دعوة مباشرة إلى عدم العمل، والتكاسل، فبعضها يمنح اللاعب مكافأة ترحيبية يتم اللعب والمقامرة بها، وهذه المكافأة مهمة جدًا لأنها تعد “الجزرة” التي يستدرج بها التطبيق اللاعبين.
وأوضح، في حديث خاص لـ”سكاي نيوز عربية”، أن هذه المكافأة يلعب بها المقامر، وتتضاعف سريعا ويربح اللاعب منها أموالًا كثيرة، وهو ما يربطه نفسيًا باللعبة لتبدأ عملية الخسارة، التي لا تكون مكلفة في البداية، فاللاعب يخسر المكافأة التي لم يدفعها من جيبه.
ولكن، وفق الخبير التقني، يبدأ التطبيق بدعوة اللاعب إلى تعويض هذه الخسارة، من خلال دفع أموال بسيطة في البداية، وتارة يكسب وأخرى يخسر، وتكون هذه الخسارة محسوبة بدقة، إذ إن خوارزميات التطبيق لا تجعل اللاعب ينفر من اللعبة.
وأضاف: “يخسر المقامر -على سبيل المثال- 10 جنيهات مرتين أو 3 مرات، ثم يربح 20 جنيهًا، فيعود إليه الأمل في المكسب مرة أخرى، ويقامر بالمزيد من الأموال، فيخسر مرتين أو 3 ويربح مرة، ويضخ المزيد من المال، ويدخل في هذه الدائرة حتى يتحول إلى مدمن للمقامرة”.
مقامر إلكتروني
وهنا، بحسب عبدالفتاح، تكون اللعبة قد أطبقت فكيها على عقل اللاعب وحولته إلى مقامر صريح، وتبدأ التطبيقات تتواصل معه لمنحه الفرصة للمكسب من خلال إغراءات أخرى، مثل شراء “بونات” تكشف له الأرقام الصحيحة للعب، فيدفع الأموال لشرائها، ثم يدفع الأموال للمقامرة، قبل أن يجد نفسه بلا مال تماما.
الأمر الأخطر هنا، يوضحه الخبير التقني مروان أحمد، الذي يقول إن تطبيقات المقامرة تستهدف حاليًا شريحة محددة، وهي الأطفال والشباب الباحثين عن الربح السريع من الإنترنت، ولا تتوقف عن هذا الحد، بل تدعوهم إلى عدم العمل بشكل مباشر.
وتابع، في تصريح خاص لـ”سكاي نيوز عربية”، أن أحد التطبيقات اعتمد في دعايته على جملة محددة على لسان أحد المروجين لها، وهي: “مش عارف إيه يخليك تنزل تشتغل 8 ساعات كل يوم لما ممكن تكسب أضعاف الفلوس اللي هتشتغل بيها في 5 دقايق من لعبة بلانكو”.
ولفت إلى أن لعبة أخرى تعتمد في دعايتها على الترويج لعدد من الفقراء الذين تحولوا إلى أثرياء خلال شهر واحد فقط من اللعب والمقامرة، وهي رسالة مقصود منها تدمير علاقة أجيال كثيرة بالعمل والاجتهاد والتعليم، بجانب تدمير عدد كبير من القيم المجتمعية والدينية والأخلاقية التي ترفض المقامرة لكسب العيش.
مجرمة قانونا
من جانبه، يقول الخبير القانوني، وعضو مجلس نقابة المحامين بمحافظة القليوبية المستشار محمد كامل فتح الباب، إن المقامرة مجرّمة بقوة القانون المصري، فهي مفسدة للطفل والشاب والأهل كذلك، الذين يواجهون خسائر كبيرة.
وأكد، في تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية”، أن الخسائر التي يواجهها الأهل -وهي حقيقة يعلمها جيدًا أصحاب هذه التطبيقات- تتمثل في أن الشريحة المستهدفة هي الأطفال والشباب ما قبل سن العمل، فهم يعتمدون بالكامل على الأهل للحصول على المال، ومع تكرار طلب المال، يتحول الأمر إلى السرقة.
لذلك، وفق فتح الباب، تساهم هذه التطبيقات في إخراج أجيال مشوهة نفسيًا وتميل إلى المقامرة والإجرام والسرقة، وتعتبر أن تطبيقات المقامرة واللعب عليها -وما يتبع ذلك من أزمات- هو ممارسات عادية طالما أنها موجودة ومنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكن ربح الأموال منها.
ولفت إلى أن القانون جعل من المقامرة جريمة، إذ تنص المادة 352 من القانون على أن كل من أعد مكانًا لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس فيه يعاقب بالحبس وبغرامة.. كما يتم ضبط جميع النقود والأمتعة في المحلات التي يجري فيها لعب هذه المقامرات.
كما ينص القانون 175 لسنة 2018، الخاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات، على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تتجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى العقوبتين، كل من اعتدى على المبادئ أو القيم الأسرية بالمجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة”.