شهدت الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الأطراف COP28 موافقة كافة الأطراف على جدول أعمال المفاوضات الذي قدمته رئاسة المؤتمر، مما يجسد قدرة العالم على التوافق وإنجاز عمل مشترك متعدد الأطراف لمواجهة تغير المناخ بنجاح، وتسريع الوصول إلى الحياد المناخي.
بدأ المؤتمر يوم الخميس 30 نوفمبر، بتسليم وزير خارجية مصر، سامح شكري، رئاسة المؤتمر لرئيس مؤتمر الأطراف (COP28)، الدكتور سلطان الجابر، والذي أعلن في اليوم الأول من المؤتمر عن القرار التاريخي بتفعيل إنشاء صندوق “الخسائر والأضرار” المناخية لدعم الدول الأكثر تضررًا من تغيّر المناخ، في خطوة تاريخية في اتجاه تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين دول الشمال والجنوب.
جاءت تلك الخطوة بعد مفاوضات ومناقشات واسعة أجريت على مدار العام الماضي، وبعد أن أقر مؤتمر الأطراف السابق في جمهورية مصر العربية (COP27) العام الماضي الاتفاق من حيث المبدأ على تأسيس الصندوق.
“يبعث هذا القرار بإشارة زخم إيجابية للعالم ولعملنا”، كما علق الدكتور سلطان الجابر. كما أنه “يحمل معنى كبيرًا بالنسبة للعدالة المناخية”، وفق رئيسة مجموعة الدول الأقلّ تقدمًا التي تضمّ 46 من الدول الأشدّ فقرًا، مادلين ضيوف سار.
كذلك قال سيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ: “كان هناك قرار تاريخي في قمة شرم الشيخ (العام الماضي) بتأسيس صندوق الخسائر والأضرار، لكن التحدي كان هو كيف يمكن أن نقوم بعد عام واحد و5 اجتماعات بتفعيل ذلك الصندوق”. وأضاف أن “نبأ تفعيل صندوق الخسائر والأضرار يمنح هذه القمة انطلاقة جيدة، لأن الحكومات والمفاوضين يجب أن يستغلوا هذا الزخم من أجل تقديم أشياء واعدة.
وقد يسهم الانفراج المبكر في إنشاء صندوق الأضرار، الذي طالبت به الدول الفقيرة لسنوات، في تمهيد الطريق أمام تسويات أخرى سيجري التوصل إليها خلال القمة التي تستمر أسبوعين.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من جانبه، اعتبر أن الصندوق يمثل “وسيلة أساسية لتحقيق العدالة المناخية”، كما دعا القادة الى تقديم مساهمات سخية من أجل أن ينطلق الصندوق ومؤتمر المناخ على قواعد صلبة.
مساهمات دولية
ومن المحطات التي تشكل علامة فارقة في المؤتمر خلال اليومين الماضيين، إعلان عديد من الدول عن حجم مساهمتها في صندوق كوارث المناخ، ابتداءً من دولة الإمارات العربية، التي أعلنت على لسان وزير الخارجية، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، الخميس، عن المساهمة بمبلغ 100 مليون دولار في ترتيبات صندوق الكوارث المناخية.
وقال بن زايد عبر صفحته على منصة إكس ( تويتر سابقاً): “نهنىء كافة الأطراف على إطلاق هذا الصندوق المهم لتقديم استجابة فعالة لتداعيات تغير المناخ، ويسرنا أن نعلن مساهمة دولة الإمارات بمبلغ 100 مليون دولار، وندعو جميع الدول القادرة إلى المساهمة في هذه الجهود وتكريس روح التكاتف بين البشر”.
فيما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن المساهمة بمبلغ 17.5 مليون دولار في الصندوق، علاوة على بريطانيا التي أعلنت عن مساهمتها تصل قيمتها إلى حوالي 76 مليون دولار (60 مليون جنيه استرليني تحديداً)، و10 ملايين دولار من اليابان، ومساهمات من ألمانيا بقيمة 100 مليون دولار. كما ستقدم كندا 16 مليون دولار لمعالجة آثار أزمة المناخ من خلال الخسائر والأضرار.
30 مليار دولار
وفي اليوم الثاني، أعلن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان – خلال أعمال “القمة العالمية للعمل المناخي” التي تعقد ضمن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ” COP28″ في مدينة إكسبو دبي- عن إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم.
ويعد صندوق”ألتيرّا” الاستثماري، الذي أعلن عنه رئيس دولة الإمارات، هو الأكبر من نوعه، ويهدف إلى سد فجوة التمويل المناخي وتيسير الحصول عليه بتكلفة مناسبة، كما يهدف إلى تحفيز جمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول عام 2030، حتى يصبح أكبر صندوق استثماري خاص يركز على حلول مواجهة تغير المناخ على مستوى العالم.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن دولة الإمارات استثمرت 100 مليار دولار في تمويل العمل المناخي والطاقة المتجددة والنظيفة.. وتلتزم باستثمار 130 مليار دولار إضافية خلال السنوات السبع المقبلة. كما استعرض جهود بلاده فيما يتعلق ببناء القدرات في الطاقة المتجددة والنظيفة، ووضع مسار وطني للوصول إلى الحياد المناخي بحلول العام 2050.
- العالم يواجه تحديات عديدة العالم يواجه تحديات عديدة من أهمها تغيير المناخ الذي أثر على مناحي الحياة.
- لقد قمنا في الإمارات على مدى العقود الماضية ببناء قدراتنا في الطاقة المتجددة والنظيفة، ووضعنا مساراً وطنياً للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.
- التزمنا في الإمارات بخفض الانبعاثات بنسبة 40 بالمئة بحلول عام 2030.
- نعمل على تسريع النمو الاقتصادي المستدام.
- لطالما كان نقص التمويل من أكبر العوائق أمام تقدم العمل المناخي العالمي.
- العالم يواجه تحديات عديدة من أهمها تغيير المناخ الذي أثر على مناحي الحياة.
- الصندوق يهدف لتحفيز جمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول عام 2030.
وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قد استقبل عدداً من رؤساء الوفود المشاركين في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28» في مقر المؤتمر، بمدينة إكسبو دبي.
استعرضت اللقاءات القضايا والفعاليات والمبادرات المطروحة خلال المؤتمر، وأهمية COP28 في بناء موقف دولي جماعي فاعل لمواجهة خطر التغير المناخي وتداعياته، وما يوفره من فرصة كبيرة للعالم، لتعديل مسار العمل المناخي الدولي لمصلحة البشرية.
وفي اليوم الثاني من أعمال المؤتمر أيضاً، ألقى عاهل بريطانيا، الملك تشارلز، كلمته الافتتاحية التي قال فيها، إن:
- العالم “بعيد كل البعد عن المسار الصحيح” فيما يتعلق بالتصدي لتغير المناخ.
- الاقتصاد العالمي سيكون في خطر ما لم يتم إصلاح الأضرار التي لحقت بالبيئة بسرعة.
- مخاطر تغير المناخ لم تعد بعيدة، وحثهم على اتخاذ مزيد من الإجراءات.
- “أدعو من كل قلبي لكي يكون مؤتمر الأطراف نقطة تحول حاسمة أخرى نحو اتخاذ إجراءات جذرية وحقيقية.
- “نشهد اقتراب مرحلة مثيرة للقلق”.
وتعهدت الإمارات بتقديم 200 مليون دولار لصندوق النقد الدولي للقدرة على الصمود والاستدامة. وهذا التمويل الميسر، الذي يتضمن أسعار فائدة منخفضة، له تأثير هائل على بناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ في البلدان والمجتمعات الأكثر ضعفا.
تحقيق الأهداف
أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فقد حث المشاركين في مؤتمر الأطراف بدولة الإمارات، على ضرورة العمل هذا العام، لتحقيق الأهداف المطروحة منذ التوقيع على اتفاق باريس، واعتبر أن العالم بحاجة لقرار سياسي لمواجهة التحديات المناخية.
من جانبه، أكد الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، الذي استضافت بلاده القمة السابقة، التزام بلاده بالعمل على مواجهة التحديات المناخية المحيطة بالعالم، وفيما يلي أبرز ما ورد في كلمته:
- “علينا التعامل مع تحديات تغير المناخ بما يعزز قدرتنا على ضمان التنمية المتوفقة مع البيئة، التي تحفظ كوكب الأرض للأجيال المستقبلية”.
- “إن مسؤولياتنا كقادة هي تأكيد الرسالة الواضحة، بأننا ملتزمون، بل طموحون، في إجراءاتنا وتنفيذها، في ما يتفق مع اتفاقية باريس”.
- أهمية “مبادئ الإنصاف، والانتقال العادل والمسؤوليات المشتركة، باعتبارها مبادئ أساسية، في إطار متعدد الأطراف”.
- أهمية توفير التمويل لتحقيق الأهداف المناخية.
- “لقد حرصنا في شرم الشيخ على إطلاق العديد من المسارات، التي تسهم، في تحقيق تطلعاتنا في هذا الصدد، وعلى رأسها إنشاء صندوق تمويل الدول النامية، لمواجهة الخسار والأضرار المناخية”.
- كما دعا المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات أكثر طموحا في مؤتمر دبي، إضافة إلى توسيع المشاركة المجتمعية.
فيما ذكر العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، أن الحرب تجعل التهديدات البيئية أكثر خطورة. وشدد على أنه “لا يمكن الحديث عن التغير المناخي بمعزل عن المآسي الإنسانية التي نراها حولنا”، مشيرا إلى ما يواجهه الفلسطينيون من تهديد مباشر يطال حياتهم.
كما أكد العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في كلمته استمرار المملكة في تنفيذ مبادراتها للإسهام المؤثر في تعزيز الأمن البيئي في المنطقة والعالم، وتؤكد على التزامها باتفاقية باريس وبمتابعة ما أعلنت عنه في قمة غلاسكو بشأن خفض الانبعاثات بنسبة 30 بالمئة بحلول عام 2035، والوصول للحياد الكربوني في عام 2060.
وأعلن عن خطة العمل الوطنية Blueprint Bahrain لتحقيق الحياد الكربوني من خلال 3 مسارات: الاقتصاد منخفض الكربون، والتكيف مع التغير المناخي، وخلق فرص مستدامة في الاقتصاد الأخضر الجديد.
زخم واسع
والمميز في مؤتمر الأطراف أيضاً أنه “لن يتجاهل أي مشكلة وسيقوم ببحث التحديات الخاصة بالمناخ بطريقة شمولية، داعيا إلى الوفاء بالعهود المتصلة بالتمويل المناخي، وتوحيد الجهود لمواجهة التغير المناخي”، طبقاً لما أعلنه وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات، الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف “COP28”.
وفي كلمته الافتتاحية، عبر الدكتور سلطان الجابر عن هذا الملف المُلح، لدى دعوته إلى توحيد جميع الجهود في مواجهة تغير المناخ، وقد أكد أن المؤتمر الحالي يجب أن يصل إلى أعلى مستويات التكيف، ودعا إلى الوفاء بالعهود المتعلقة بالتمويل.
ومن بين الرسائل التي بعث بها في هذا الصدد: “ملتزمون بإطلاق العنان للتمويل لضمان عدم اضطرار الجنوب العالمي إلى الاختيار بين التنمية والعمل المناخي”.
وتستند خطة عمل رئاسة COP8 إلى أربع ركائز وهي: “تسريع تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، وحماية البشر والطبيعة وتحسين الحياة وسُبل العيش” ودعم الركائز السابقة من خلال احتواء الجميع بشكل تام في منظومة عمل المؤتمر.