في مقابلة مع السياسي والمعتقل السابق ماهر أسبر، الذي قضى نحو 6 سنوات في هذا السجن المروع، ألقى الضوء على تجربة شخصية عميقة ومؤلمة.
يقع سجن صيدنايا شمال دمشق، ويمتد على مساحة داخلية تقدر بنحو 24 ألف متر مربع، ويتميز تصميمه بالهيكل الهندسي المعقد الذي يمنع السجناء من التواصل المباشر.
يضم السجن مبنيين رئيسيين: “السجن الأحمر” و”السجن الأبيض”، حيث يدار الأول كمنشأة عقابية قاسية بينما يستخدم الثاني للقضايا القضائية.
تجربة أسبر داخل صيدنايا
أوضح أسبر لـ”سكاي نيوز عربية” أنه كان محكوماً بالسجن لمدة 12 عاماً، تم تخفيضها لاحقاً إلى 7 سنوات. خرج بعفو في أعقاب الثورة السورية.
خلال فترة سجنه، شهد أسبر أحداثًا مفصلية، منها “عصيان 2008” الذي وصفه بأنه “ثورة صغيرة” سيطر فيها السجناء على المبنى لمدة 9 أشهر، في تحدٍ استثنائي لسلطات السجن.
يشير أسبر إلى أن صيدنايا ليس مجرد سجن عادي، بل هو نظام متكامل صُمّم ليكون أداة للقمع والترهيب.
وأكد أن “السجن الأحمر” تحديداً، بمساحاته الشاسعة وأبوابه الحديدية المحصنة، يجسد مدى الإغلاق الأمني الذي فرض على السجناء. كما تحدث عن وجود أنفاق تربط بين أجنحة السجن المختلفة، مما يزيد من تعقيد المكان.
ووصف أسبر بعض أساليب التعذيب الوحشية المستخدمة في السجن، مشيراً إلى أن النظام الأمني المعتمد في صيدنايا يعكس تكنولوجيا معقدة، مثل الأبواب الهيدروليكية وكودات الدخول. كما أكد أن التعذيب النفسي والجسدي كان ممارسة يومية تستهدف كسر إرادة المعتقلين.
بعد خروجه، شارك أسبر في توثيق انتهاكات صيدنايا، بالتعاون مع منظمات حقوقية وصحفيين. عمل مع الراحل لقمان سليم الذي اغتيل في لبنان على رسم خرائط السجن وتوثيق شهادات المعتقلين، واصفاً هذه التجربة بأنها مسؤولية أخلاقية لتسليط الضوء على المآسي المخفية داخل هذا السجن.
واختتم أسبر حديثه بالدعوة إلى تحقيق العدالة للضحايا، مشيراً إلى أنه رغم تعقيد الوضع السوري، يمكن أن تستمر الجهود الدولية كما حدث مع قضايا جرائم النازيين.
كما شدد على أهمية كشف مصير المفقودين وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
سجن صيدنايا، كما وصفه أسبر، هو رمز للمعاناة والقمع في سوريا، ويظل توثيق الجرائم التي وقعت داخله مطلباً ملحاً لتحقيق العدالة.
شهادات مثل تلك التي قدمها أسبر تسلط الضوء على معاناة المعتقلين وتساهم في بناء ذاكرة تاريخية تهدف إلى منع تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً.