تعد دبي مركزًا تجاريًا واقتصاديًا مهمًا في منطقة الشرق الأوسط، ما يجعلها ملاذًا للمستثمرين الباحثين عن فرص استثمارية مميزة في سوق العقارات؛ سواء كانت لأغراض السكن أو التملك التجاري، في وقت توفر فيه دولة الإمارات بيئة ملائمة للنمو والاستثمار بفضل بنيتها التحتية المتطورة وتنوع المشاريع العقارية.
تتمتع الإمارات بميزة فريدة تجمع بين أسواق عقارية تنافسية ومتطورة، بالإضافة إلى بيئة قانونية وتشريعية تحفز الاستثمار. وتتميز دبي بتعدد الخيارات العقارية مثل الأبراج السكنية الفاخرة، والمجمعات السكنية ذات الطابع المتميز، والمراكز التجارية العالمية التي توفر بيئة مثالية لأعمال الشركات الدولية. ولذا، يُعد القطاع العقاري بها أحد الأدوات الاقتصادية الحيوية التي تسهم في تعزيز مكانة الدولة على خارطة الاستثمارات العالمية.
إضافة إلى ذلك، تستقطب دبي الاستثمارات العقارية بفضل السياسات الحكومية التي تدعم التملك الأجنبي في بعض المشاريع العقارية، مما يعزز من جاذبية القطاع.
وتشهد السوق العقارية في دولة الإمارات تزايدًا في الاهتمام بالاستثمار العقاري باعتباره ملاذًا آمنًا للحفاظ على الثروات وتنميتها. بالإضافة إلى ذلك، تقدم الإمارات فرصًا واعدة للمستثمرين في مشاريع تتعلق بالسياحة والترفيه والبنية التحتية، ما يجعل القطاع العقاري محركًا رئيسيًا للاقتصاد المحلي ويعكس نموًا مستدامًا في المستقبل.
توقعات نايت فرانك
تشير تقديرات شركة نايت فرانك، إلى ارتفاع أكبر بأسعار المساكن في دبي العام المقبل 2025، وذلك بعد ارتفاعها بنسبة 20 بالمئة بالفعل في العام الجاري 2024، وهو ما يمثل امتدادًا للتعافي المستمر الذي بدأ بعد الوباء.
وبحسب تقديرات الشركة، فإن قيمة العقارات السكنية سترتفع بنسبة 8 بالمئة في العام المقبل في حين سترتفع بنسبة 5 بالمئة في المتوسط للعقارات الفاخرة.
وقد أدى ارتفاع الأسعار في دبي بالفعل إلى ظهور عديد من أصحاب الملايين. وقدر التقرير أن 95 ألف منزل على الأقل من أصل 530 ألف منزل بيعت في دبي منذ العام 2002 تبلغ قيمتها الآن أكثر من مليون دولار.
وفي تصريحات حصرية لسكاي نيوز عربية، قال رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط في نايت فرانك، فيصل دوراني، فإنه “في هذه الأيام، أصبح المنزل الذي تبلغ قيمته مليون دولار هو في الواقع متوسط سعر المنزل العائلي الواحد، وهو ما يسلط الضوء على مدى ارتفاع القيم خلال السنوات الأربع والنصف الماضية”.
- الطلب على العقارات في دبي يزدهر حيث اجتذبت معالجة الحكومة للوباء وسياساتها في مجال التأشيرات عشرات المشترين الأجانب.
- استفادت نهاية سوق العقارات الفاخرة في الإمارة – بما في ذلك الفلل المطلة على الواجهة البحرية في الجزر الاصطناعية على شكل نخيل في المدينة – من تدفق المستثمرين الأثرياء.
- من بين هؤلاء المستثمرين كان الروس الذين يسعون إلى حماية أصولهم، ومليونيرات العملات المشفرة، والمصرفيون الذين يفرون من قيود كوفيد الصارمة في آسيا والهنود الأثرياء الذين يسعون إلى منازل ثانية.
ووفق دوراني، فإن دبي شهدت دورات ازدهار وكساد دراماتيكية في الماضي، لكن المحللين يرون مخاطر أقل هذه المرة بسبب القواعد التي عززت المدفوعات الأولية، ولأن معظم المشترين هم مستخدمون نهائيون. وقال: “الدوافع مختلفة جدًا في هذه الدورة ولا نرى نشاطًا مضاربيًا. لا يوجد شيء في البيانات يشير إلى أننا نقترب من لحظة حاسمة”.
- سجل نشاط المبيعات رقماً قياسياً حيث تجاوز حجم المعاملات في الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام إجمالي المعاملات المسجلة لعام 2023 بأكمله، بحسب التقرير.
- حققت المبيعات في الربع الثالث رقماً قياسياً بلغ 116.8 مليار درهم (31.7 مليار دولار).
- المطورون سوف يقومون ببناء 300 ألف منزل بحلول نهاية عام 2029 في سباقهم للاستفادة من الطلب المتزايد، بحسب تقديرات شركة نايت فرانك.
وأضاف: دوراني “إن المحرك الأكبر للسوق هو نقص المساكن التي تستوعب تدفق الأشخاص الذين ينتقلون إلى المدينة. ويتزايد عدد السكان دون وجود مخزون كافٍ لاستيعاب النمو، وخاصة في سوق الفلل حيث لا يوجد أي شيء للبيع تقريباً”.
آفاق السوق العقارية
من جانبه، أكد الشريك ورئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط في شركة نايت فرانك، فيصل دوراني، في تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية”، أن سوق العقارات في دبي شهدت خلال العام الماضي استمرار التوسع وزيادة في الأسعار بنسبة 20 بالمئة خلال العام الماضي، نتيجة لعدة عوامل أساسية.
وأضاف: الزيادة في الأسعار تعود إلى ارتفاع عدد القادمين للإقامة في دبي، فضلاً عن رغبة العديد من الأفراد في شراء العقارات، في وقت كانت فيه الكميات المعروضة غير كافية لتلبية هذا الطلب المتزايد، مما دفع الأسعار إلى الارتفاع في الوحدات المعروضة.
وبالنظر إلى المستقبل، توقع دوراني أن تشهد سوق العقارات نمواً إضافياً بنسبة تقترب من 8 بالمئة في العام 2025، مشيراً إلى أن الأسعار في القطاع العقاري الفخم قد تزيد بنسبة 5 بالمئة. ورغم أن هذه الزيادة قد تبدو أقل مقارنة بما شهدناه في العام 2020، إلا أن أسعار هذا النوع من العقارات ارتفع بنسبة 3 بالمئة العام الماضي، وهو ما يرتبط أساساً بنوعية المشترين الذين يركزون على الوحدات السكنية، حيث أقبل عدد كبير من القادمين الجدد للإقامة في دبي، مما أدى إلى زيادة الأسعار بسبب نقص الوحدات المتوفرة.
وأشار إلى أن عدد السكان في دبي من المتوقع أن يصل إلى 5.9 مليون نسمة بحلول عام 2029، مما يقتضي زيادة في المعروض من الوحدات السكنية بنسبة 36 بالمئة سنوياً على مدى السنوات الست المقبلة.
عصر ذهبي
من جانبه، أكد الأمين العام السابق لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، جمال بن سيف الجروان، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن:
- دولة الإمارات تعيش “أيامها الذهبية” بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لا سيما في القطاع العقاري.
- الإمارات أصبحت وجهة عالمية للاستقرار والاستثمار، بفضل الأمن والأمان اللذين تنعم بهما، إلى جانب قيادتها قاطرة النمو الاقتصادي برؤية حكيمة تدير الاستثمارات الصادرة والواردة بكفاءة عالية.
- حكومة الإمارات تمتلك رؤية بعيدة المدى تعزز من قدرة المستثمرين على التخطيط السليم.
- الدولة قائمة على أسس القانون والحوكمة الرصينة، مما يجعلها بيئة مثالية للاستثمار طويل الأمد.
ويشكل قطاع العقارات في دولة الإمارات، وجهة لأصحاب الثروات من جميع أنحاء العالم، سواء لأغراض المعيشة والسكن، أو ممارسة الأعمال، أو الاستثمار في هذا القطاع الواعد.
ووفق تقرير لمنصة “ستاتيستا” العالمية، فإن سوق العقارات في الإمارات تشهد طفرة في الطلب على العقارات الفاخرة، بسبب العدد المتزايد من الأفراد ذوي الثروات العالية الذين يبحثون عن فرص استثمارية؛ إذ أن من المتوقع تحقيق معدل نمو سنوي ثابت بنسبة 3.03 بالمئة بين عامي 2024 و2028، ما يؤدي إلى حجم سوق يبلغ نحو 800 مليار دولار حينها.
وأضاف الجروان أن الاقتصاد الإماراتي يشهد نمواً غير مسبوق، مع استثمارات خارجية ممتدة إلى أكثر من 90 دولة، في حين تحقق الاستثمارات الواردة إلى الإمارات أرقاماً تاريخية. كما أشاد بسرعة تحديث القوانين والتشريعات في الدولة، والتي تبعث رسائل إيجابية للعالم، مرحبة بالمستثمرين من جميع أنحاء المعمورة للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتنوعة التي تقدمها الإمارات.
وأكد الأمين العام السابق لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، أن الإمارات تسجل نمواً قوياً في مجموعة واسعة من القطاعات، من بينها العقارات، والنقل، والموانئ، والاقتصاد الأخضر، والأمن الزراعي، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، والسياحة، والطاقة المتجددة، والطيران، والخدمات، والصناعة، والتكنولوجيا المالية، والفضاء، بالإضافة إلى دعم قطاع ريادة الأعمال.
- وفق استطلاع سابق قامت به “نايت فرانك”، شمل 317 من أصحاب الثروات المرتفعة، منهم 217 مليونيرا من مختلف أنحاء العالم، و100 مقيم في دول مجلس التعاون الخليجي، يستعد الأفراد ذوو الثروات العالية، لإنفاق 4.4 مليار دولار على العقارات السكنية في دبي خلال العام الجاري.
- أصحاب الثروات العالية في جميع أنحاء العالم، يستعدون لإنفاق 408.3 مليون دولار على العقارات السكنية في أبوظبي، و388.5 مليون دولار في رأس الخيمة، بإجمالي 797 مليون دولار، وفق الاستطلاع.
- تبلغ صافي ثروة المشاركين في الاستطلاع من ذوي الثروات العالية 5.4 مليار دولار، ويمتلكون 1147 منزلا حول العالم.
- ومن المتوقع أن يصل حجم سوق العقارات في دولة الإمارات إلى أكثر من 700 مليار دولار بحلول نهاية عام 2024، حيث يحتل قطاع العقارات السكنية الصدارة وسط توقعات بتخطيه حاجز 400 مليار دولار في نفس الفترة.
الإمارات وجهة عالمية للاستثمار العقاري
في السياق، أوضح مدير عام شركة تروث للاستشارات الاقتصادية والإدارية، رضا مسلم، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن:
- القطاع العقاري في دولة الإمارات يمثل المحرك الرئيسي للاقتصاد حالياً، حيث أصبح قطاعاً عالمياً بفضل الطلب المتزايد من خارج الدولة، ما جعله يتجاوز الحدود المحلية.
- الطلب على العقارات في الإمارات ليس مقتصراً على السوق المحلية، بل يشمل الوحدات السكنية والإدارية والمكتبية بمختلف أنواعها، مع تزايد الإقبال من أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية.
- يعود ذلك إلى منظومة التشريعات المتقدمة والقوانين المرنة التي تتيح ممارسة الأعمال بسهولة فائقة وفي غضون ساعات معدودة.
وأضاف أن الإمارات أصبحت وجهة مفضلة للأثرياء من مختلف أنحاء العالم؛ نظراً لتنوع الخيارات التي تقدمها السوق العقارية، بما في ذلك القصور والفيلات التي تلبي مختلف الأذواق. وأوضح أن هذا التنوع جعل الطلب على العقارات في الإمارات يرتقي إلى مستوى عالمي.
كما أكد مسلم أن قياس قوة الطلب في السوق العقارية تتطلب متابعة حركة الأسعار على مدى ثلاث سنوات على الأقل، مشيراً إلى أن السوق تشهد حالياً طلباً قوياً يعكس ثقة المستثمرين في القطاع العقاري الإماراتي.