ويأتي ذلك في الوقت الذي لدى سموتريتش موعد حتى نهاية الشهر الجاري، للموافقة على تمديد المراسلات المالية بين البنوك في إسرائيل والضفة الغربية، والتي بدونها قد ينهار النظام المصرفي الفلسطيني.
وبينما تشعر الولايات المتحدة وعديد من حلفائها بالقلق من أن يرفض سموتريتش التوقيع على الخطة.
ويحذرون من أن انهيار النظام المصرفي قد يؤدي إلى تأثيرات خطيرة – بما في ذلك سقوط السلطة الفلسطينية وأزمة أمنية في الضفة الغربية، وفق أكسيوس.
يشار إلى أن سموتريتش هو أحد أكثر السياسيين تطرفاً الذين خدموا في حكومة إسرائيلية على الإطلاق.
وقد قدم عدداً من المطالب للبنوك الفلسطينية لمنع التمويل غير المشروع للإرهاب، وفق الموقع.
تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على معالجة هذه المطالب (التي تقدمت بها يلين ووزراء غربيين)، وأبلغت إدارة بايدن إسرائيل الأسبوع الماضي أنها قررت أن البنوك الفلسطينية استوفت الشروط التي حددها سموتريتش، حسبما يقول مسؤولون أميركيون.
ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سموتريتش سيعطي البنوك الإسرائيلية التصريح اللازم لمواصلة العمل مع البنوك الفلسطينية.
ماذا لو لم تستجب إسرائيل؟
في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أكد مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث ورئيس منتدى تطوير الفكر العربي للأبحاث، أبو بكر الديب، أن هذه الخطوة (حال عدم استجابة إسرائيل) تُعتبر تصعيدًا خطيرًا؛ لما قد تسببه من تداعيات كارثية قد تؤدي إلى عزل البنوك الفلسطينية عن النظام المصرفي العالمي، مما سيصعّب تحويل الأموال وتدفق الدعم المالي.
وأضاف الديب أن تنفيذ هذه الخطوة سيحرم السلطة الفلسطينية من الأموال والمساعدات الدولية، بما في ذلك أموال الضرائب، مما قد يُعجّل بانهيارها ويؤثر سلباً على استقرارها المالي.
وأشار إلى أن مثل هذا القرار سيعزز نشاط الحركات المسلحة في الضفة الغربية، مما قد يجعلها أقرب إلى الوضع الأمني المتأزم في قطاع غزة.
وأوضح أن ثماني دول كبرى حذّرت إسرائيل من هذه الخطوة ووصفتها بأنها غير قانونية، حيث تُعتبر مخالفة للقوانين الدولية التي تضع إسرائيل كدولة احتلال مسؤولة عن الضفة الغربية وعن ضمان وصول الدعم المالي إليها.
وتوقع أن المجتمع الدولي، بقيادة الأمم المتحدة والولايات المتحدة، سيعمل على دعم استقرار السلطة الفلسطينية ورفض هذا القرار المثير للجدل، لما له من انعكاسات خطيرة على الأوضاع في الضفة الغربية وقدرة السلطة على إدارة شؤونها.
كما أشار إلى تحذير سابق صدر عن الاتحاد الأوروبي، الذي اعتبر هذا القرار خطيرًا للغاية، ولفت إلى أن الضغوط الدولية قد تُمارَس على الحكومة الإسرائيلية لثنيها عن تنفيذ مثل هذا الإجراء، خاصة أنه يعكس توجّه الجناح المتطرف في حكومة نتنياهو وقد يُلحق دماراً واسعاً بالاقتصاد بشكل عام.
تفاصيل الرسالة
وفي تفاصيل الرسالة المشتركة، كتبت يلين ونظراؤها من اليابان وكندا والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وهولندا وأستراليا وفرنسا إلى نتنياهو في 25 أكتوبر: “نكتب هنا للتأكيد على مخاوفنا من أن الإجراءات التي اتخذها بعض أعضاء حكومتكم لحرمان الضفة الغربية من الوصول إلى الموارد المالية تشكل خطراً على أمن إسرائيل وتهدد بمزيد من زعزعة استقرار المنطقة بأكملها في لحظة خطيرة بالفعل”.
وأفادوا بأنه إذا لم يتم تمديد التفويض، فإن أكثر من 13 مليار دولار من التجارة التي تيسرها العلاقات بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية سوف تتوقف “مما سيضر بالاقتصاد الإسرائيلي ويؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي المتردي بالفعل في الضفة الغربية”، وفق نص الرسالة.
وفي مثل هذا السيناريو، ستصبح التدفقات المالية أقل شفافية وبالتالي أكثر خطورة، وقد تتعطل أموال المانحين اللازمة لاستقرار الاقتصاد الفلسطيني، وستتزعزع استقرار الضفة الغربية والسلطة الفلسطينية.
وأضافوا: “إن طلبنا هو أن تتخذوا خطوات لتقليل خطر الانهيار الاقتصادي في الضفة الغربية من خلال تمديد علاقة المراسلة المصرفية للبنوك في الضفة الغربية لمدة عام واحد على الأقل”.
اعتبارات سياسية واقتصادية
في حديث خاص مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أشار أستاذ العلوم المالية في الجامعة العربية الأميركية، الدكتور نصر عبد الكريم، إلى أن التحذيرات المتعلقة بهذا القرار ليست جديدة، إذ طُرحت منذ مايو الماضي.
وأضاف أن هذا القرار، رغم كونه تهديدًا، من غير المرجح تنفيذه نظرًا للاعتبارات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية. وأوضح أنه في حال تنفيذ التهديد، فسيكون ذلك مفاجئاً، خاصة في ظل معارضة العديد من الدول لهذا القرار لما له من تداعيات كبيرة على الطرفين.
وتوقع عبد الكريم أن يكون للتوجه الخاص بعدم استجابة وزير المالية الإسرائلي، في حال تنفيذه، أثر كبير على الاقتصاد الفلسطيني نظرًا لصغر حجمه وافتقاره إلى البدائل، فضلاً عن الأزمات التي يمر بها حتى قبل هذا التصعيد. ورغم ذلك، أشار إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي قد يتأثر أيضًا، وإن كان بدرجة أقل.
وأوضح أن الحكومة اليمينية الإسرائيلية غالبًا لا تضع في الحسبان التأثيرات الاقتصادية لسياساتها العدوانية على اقتصادها، مؤكدًا أن القرار سيؤدي إلى اضطراب كبير في التجارة الفلسطينية مع إسرائيل، سواء في الاستيراد أو التصدير، حيث سيعطل تسوية الصفقات عبر النظام المصرفي الرسمي ويعيق حركة التحويلات والشيكات.
وأكد أن هذا الوضع سيخلق أزمة كبيرة للسلطة الفلسطينية، مما سيتسبب في حالة من الإحباط لدى المتعاقدين مع الحكومة والقطاع الخاص، وهو ما سترفضه الدول المانحة التي قد تسعى لمنع تطبيق هذا القرار لما له من تداعيات شديدة السلبية.
خطوة بالغة الخطورة
في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، وصف الباحث في الشؤون الإسرائيلية، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، هذا التوجه حال اتخاذه بأنه خطوة بالغة الخطورة تكشف عن نوايا إسرائيل في مواصلة إضعاف السلطة الفلسطينية.
وأوضح أن جميع المراقبين يجمعون على ضرورة أن تكون إدارة القطاع تحت إشراف السلطة الفلسطينية، لا أن تكون تحت سيطرة إسرائيل، مشيرًا إلى التداعيات السلبية الجسيمة التي قد تترتب على هذا القرار في حال تنفيذه.
كما أشار أنور إلى أن أبرز التداعيات المتوقعة ستكون على البنوك الفلسطينية وعلى الدخل العام للسلطة، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتعثر الذي يواجهه الاقتصاد الفلسطيني حاليًا، مما سيزيد الضغط المالي على السلطة الفلسطينية بشكل كبير.
وشدد على ضرورة اتخاذ رد فعل حازم تجاه هذا التوجه، لافتاً إلى أن التحذيرات التي صدرت من وكالات دولية تعكس إدراك المجتمع الدولي لخطورة هذا التوجه، الذي يعتقد أن إسرائيل تلوح به جزئياً لمزايدة على الرأي العام الداخلي.