يتراوح استخدامها بين الأفراد في معاملات يومية بسيطة مثل الفواتير، وصولاً إلى الاعتماد عليها كبدائل للحسابات المصرفية التقليدية لإتمام المعاملات المالية.
ومع زيادة انتشارها، تبرز تساؤلات حول مدى سلامة الأموال المخزنة داخل هذه التطبيقات، وما إذا كانت تقدم نفس مستويات الحماية التي توفرها الحسابات المصرفية التقليدية.. وهل يُنصح بالإبقاء على أموال في تلك التطبيقات بشكل مستمر.
نمو استخدام تطبيقات الدفع الرقمية
في الولايات المتحدة على سبيل المثال، وفقًا لمكتب حماية المستهلك المالي (CFPB)، بلغ حجم المعاملات على تطبيقات الدفع الرقمية حوالي 893 مليار دولار في العام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى 1.6 تريليون دولار بحلول عام 2027. كما أن أكثر من ثلاثة أرباع البالغين في الولايات المتحدة أفادوا بأنهم استخدموا تطبيقًا واحدًا على الأقل من هذه التطبيقات في مرحلة ما، مع اعتماد كبير من فئة الشباب. وأظهرت دراسة أجرتها “Consumer Reports” في مارس 2022 أن 85 بالمئة من المستهلكين بين 18 و29 عامًا استخدموا خدمات دفع مماثلة.
هذا التوسع السريع يعكس الطلب المتزايد على السرعة والراحة في التعاملات المالية، إذ تسمح هذه التطبيقات بإرسال الأموال بسهولة بناءً على اسم المستخدم فقط، دون الحاجة لمعلومات معقدة أو إجراءات مصرفية طويلة.
مخاطر تأمين الأموال في تطبيقات الدفع
ورغم سهولة استخدام هذه التطبيقات وانتشارها، يبرز مكتب حماية المستهلك المالي مخاطر مهمة تتعلق بسلامة الأموال المخزنة فيها.
- الأموال المودعة في الحسابات المصرفية التقليدية مؤمنة ضد الفقدان بفضل تأمين مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية (FDIC) الذي يغطي الحسابات المصرفية حتى مبلغ 250,000 دولار.
- لكن الأموال المخزنة في تطبيقات الدفع الرقمية غالبًا ما تفتقر إلى هذا النوع من التأمين. فالأموال التي تظل داخل هذه التطبيقات لا تخضع للتأمين إلا إذا تم تحويلها إلى حساب مصرفي مؤمن أو إذا كانت الظروف تتيح تغطيتها بتأمين استثنائي.
وفي هذا السياق، ينصح مكتب حماية المستهلك المالي المستخدمين بتجنب ترك الأموال لفترات طويلة في حسابات تطبيقات الدفع غير المصرفية، نظرًا لعدم وجود التأمين. ويوصي بنقل الأموال فور استلامها إلى حسابات مصرفية مؤمنة للاستفادة من الحماية المتاحة ولتعظيم الفوائد المالية. كما لفت الانتباه إلى أن شركات تطبيقات الدفع تستثمر أموال المستخدمين في قروض وسندات، مما يعني أن تلك الأموال تدر أرباحًا للشركات دون أن تقدم فائدة لأصحاب الحسابات، وفق ما نقله تقرير لأسوشيتد برس.
الاستفادة من حسابات التوفير عالية العائد
من الناحية الاقتصادية، تعتبر الأموال التي تظل في تطبيقات الدفع خسارة لفرصة جمع الفائدة، وخاصة إذا كانت هذه الأموال يمكن تحويلها إلى حسابات توفير عالية العائد. حسابات التوفير هذه تقدم فوائد قد تصل إلى مستويات مرتفعة مقارنة بالأموال غير المؤمنة أو غير المستثمرة. في هذا السياق، أكدت كونور توماسكو، مستشارة برمجيات مستقلة من شيكاغو، أهمية تحويل الأموال من التطبيقات إلى حسابات توفير بشكل فوري، خاصة أن هذه الحسابات تتيح تراكم الفائدة بمرور الوقت.
وتؤيد كورتني أليف، مدافعة عن المستهلك في Credit Karma، هذه الفكرة، مشيرة إلى أن ترك الأموال في التطبيقات هو تضحية بفوائد محتملة يمكن الحصول عليها من حسابات التوفير. وأكدت أن الفوائد المتراكمة من هذه الحسابات تشكل فرصة لاستثمار الأموال بطريقة آمنة وأكثر فعالية.
حساب التوفير
يقول مدير مركز رؤية للدراسات، بلال شعيب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
- لا أنصح بالاحتفاظ بالأموال دون صرفها نقداً في تطبيقات الدفع المختلفة؛ خاصةً أن هذه التطبيقات غالباً ما تكون وسيطاً مالياً لإجراء معاملات لا تتجاوز مبالغ محددة يومياً.
- في العادة، يستخدم الناس هذه التطبيقات لسداد التزامات مثل فاتورة الغاز أو الكهرباء أو الهاتف، لذا يمكن الاستفادة منها لأداء هذه الخدمات، وليس كوسيلة للادخار.
ويضيف: ومع ذلك، لا يُنصح بتخزين مبالغ كبيرة في هذه التطبيقات، حتى وإن كان هناك حاجة لإجراء مدفوعات كبيرة. في هذه الحالة، يمكن تحويل الأموال من الحساب المصرفي إلى التطبيق عند الحاجة، وفق شعيب.
وينصح بالاحتفاظ بالأموال في الحساب الجاري أفضل لأنه يجلب عائداً يومياً، مقارنة بهذه التطبيقات التي لا تحقق أي عائد. بالتالي، يمكن ببساطة تحويل المبلغ من الحساب الجاري إلى التطبيق عند الحاجة لسداد أي التزام طاريء.
في حين أن تطبيقات الدفع الرقمية توفر العديد من الفوائد من حيث الراحة وسهولة الاستخدام، إلا أن هناك مخاطر مالية تتعلق بسلامة الأموال المخزنة فيها. من الأهمية بمكان أن يكون المستخدمون على دراية بهذه المخاطر وأن يتخذوا تدابير لحماية أموالهم، مثل تحويلها إلى حسابات مصرفية مؤمنة، أو الاستفادة من حسابات التوفير عالية العائد. ومع استمرار تطور هذه التطبيقات وانتشارها، يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية تحسين أمان الأموال المخزنة داخلها وتوفير حماية أكبر للمستخدمين.
مزايا وعيوب
من جانبه شرح الخبير الاقتصادي، ياسين أحمد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” عيوب ومزايا بقاء الأموال في تطبيقات الدفع.. أما المزايا فهي:
- السرعة في التحويلات: عند الحاجة إلى إجراء أي التزام مالي، يمكن تحويل الأموال بسهولة وسرعة، سواءً لشحن رصيد، دفع فاتورة (كهرباء، غاز، هاتف)، أو الشراء عبر الإنترنت. التطبيقات تسهّل المعاملات بشكل فوري.
- الأمان: لا يحتاج المتعاملون إلى حمل مبالغ نقدية (كاش)، مما يقلل من مخاطر السرقة أو فقدان المال.
- سهولة الوصول: يمكنك الوصول لحسابك في ثوانٍ ومعرفة رصيدك وإجمالي أموالك.. يمكنك الاطلاع على حساباتك المالية وتنفيذ المعاملات بسهولة في أي وقت ومن أي مكان.
أما العيوب:
- حدود السحب: إذا كان لديك مبلغ كبير قد تواجه صعوبة في سحب المبلغ دفعة واحدة بسبب حدود السحب المفروضة.
- الرسوم الإضافية: عند إجراء أي عملية تحويل، يتم فرض رسوم إضافية على المبلغ الأساسي.
- المخاطر التقنية: قد تتعرض الشركة التي تدير التطبيق إلى أعطال فنية تستمر لساعات أو أكثر، مما يعرقل إمكانية الوصول إلى الحسابات أو إجراء المعاملات.
- عدم تحقيق عائد: الحسابات البنكية تمنح عوائد مالية، بينما الأموال في تطبيقات الدفع لا تحقق أي فوائد؛ فهي مجرد وسيلة للدفع.