أمر قاضٍ فيدرالي في سان فرانسيسكو بإجراء هذه التغييرات يوم الاثنين في أعقاب دعوى قضائية ناجحة من شركة Epic، صانع لعبة الفيديو الشهيرة Fortnite ، والتي زعمت أن غوغل قمعت المنافسة في تطبيقات أندرويد واستخدمت احتكارها لفرض رسوم مفرطة.
- أصدر قاضي المحكمة الجزئية الأميركية جيمس دوناتو أمراً قضائياً يحظر على غوغل دفع أموال للمطورين “لإطلاق تطبيق أولا أو حصريا” في متجر غوغل بلاي.
- ولا يمكنها بعد الآن إجبار العملاء على استخدام نظام الفوترة الداخلي الخاص بها، والذي يفرض رسوما تصل إلى 30 بالمئة.
- بالإضافة إلى ذلك، لم يعد بإمكان غوغل إبرام صفقات تقاسم الإيرادات مع مصنعي الأجهزة المحمولة مثل سامسونغ وإل جي لتثبيت متجر غوغل بلاي مسبقًا بشكل بارز على شاشاتهم الرئيسية – أو دفعهم لعدم التثبيت المسبق لمنصة توزيع تطبيقات أندرويد منافسة – بموجب الأمر القضائي، الذي يدخل حيز التنفيذ في الأول من نوفمبر ويستمر لمدة ثلاث سنوات.
- كما يجب على غوغل أن تسمح لأطراف ثالثة بالوصول إلى مكتبة تطبيقاتها خلال تلك الفترة الزمنية حتى تتمكن من بناء منتج تنافسي بشكل شرعي.
وزعمت شركة Epic في الدعوى القضائية أن غوغل دفعت أموالاً لمشغلي الشبكات مثل AT&T وT-Mobile ومطوري الألعاب مثل Activision Blizzard لمنعهم من إطلاق منافسين لمتجر غوغل بلاي.
بحسب تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، اطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، فإن الحكم يمنح شركة Epic معظم ما سعت إليه في القضية وقد يؤثر على تدفق مربح للإيرادات لشركة غوغل، التي حققت ربحًا تشغيليًا قدره 12 مليار دولار من متجر بلاي ستور في العام 2021 وحده، وفقًا للأدلة المقدمة في القضية. (يشار إلى أن الشركة لا تكشف بشكل روتيني عن أداء وحدة Play الخاصة بها).
وقالت غوغل إنها ستستأنف الحكم وطلبت تعليق التغييرات، بحجة أنها ستعرض خصوصية العملاء وأمن البيانات للخطر.
ووفق التقرير، فقد يكون للأمر القضائي تأثير أوسع على الضوابط الصارمة التي تفرضها شركات التكنولوجيا الكبرى في متاجر تطبيقاتها المحمولة.
خسرت Epic قضية ذات صلة ضد آبل في العام 2021، عندما خلص قاضٍ في كاليفورنيا إلى أن صانعة آيفون لم تخالف القانون بفرض قواعد تمنع المتاجر المنافسة وطرق الدفع على أجهزتها. وأيدت محكمة الاستئناف الحكم؛ وتسعى Epic إلى مراجعة من المحكمة العليا الأميركية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة Epic، تيم سويني، في مؤتمر: “لدى جميع مطوري التطبيقات وصناع المتاجر وشركات الاتصالات والمصنعين 3 سنوات لبناء نظام بيئي حيوي وتنافسي لنظام أندرويد مع مثل هذه الكتلة الحرجة التي لا يمكن لغوغل إيقافها”.
وأضاف سويني أن “أمر المحكمة ينطبق على الولايات المتحدة فقط، وبالتالي فإن المعركة القانونية والتنظيمية ستستمر في جميع أنحاء العالم”.
في أغسطس 2020، تحايل صانع الألعاب عمدًا على قواعد الدفع الخاصة بشركتي آبل وغوغل، مما أدى إلى إزالة Fortnite من متاجرهما.
مستقبل غوغل بلاي
بدوره، قال الخبير التكنولوجي، محمد الحارثي، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه بعد الحكم القضائي الأخير الذي صدر في قضية مكافحة الاحتكار، يبدو أن مستقبل متجر تطبيقات غوغل قد يشهد تحولًا كبيرًا. وأشار الحارثي إلى أن شركة Epic Games قد اتهمت غوغل بالتحكم في كيفية وصول المستهلكين إلى التطبيقات على أجهزة Android، وهو ما اعتبرته المحكمة ممارسة احتكارية غير قانونية.
وأوضح الحارثي أن هذه التغييرات لا تمثل مجرد تعديلات شكلية، بل قد تؤدي إلى إعادة هيكلة السوق بالكامل. فمع إمكانية المطورين للاحتفاظ بجزء أكبر من إيراداتهم، بعيدًا عن الرسوم التي تتراوح بين 15 إلى 30 بالمئة التي تفرضها غوغل، قد نشهد زيادة في الابتكار والتنوع في تطبيقات الهواتف الذكية.
أضاف أن هذا الحكم لا يحمل فقط تداعيات سلبية محتملة على غوغل من حيث الإيرادات المتوقعة من متجر التطبيقات ونظام الفوترة. فقد تواجه الشركة ضغوطًا تنظيمية متزايدة في قضايا أخرى تتعلق بالاحتكار، سواء في مجال البحث أو الإعلانات، مما يزيد من تعقيد وضعها في السوق.
وأختتم الحارثي بأن هذه التغييرات ليست مجرد نتيجة لدعوى قانونية، بل تعكس أيضًا تحولًا في المشهد التكنولوجي العالمي، حيث يسعى المطورون للحصول على مزيد من السيطرة على منصاتهم. إذا أُحسنت إدارة هذه المرحلة الانتقالية، فقد يؤدي ذلك إلى بيئة أكثر تنافسية تفيد المستهلكين والمطورين على حد سواء.
ويشار إلى أن متجر التطبيقات ليس سوى واحدة من معارك مكافحة الاحتكار التي تدافع عنها شركة غوغل؛ ففي أغسطس، خسرت الشركة قضية ضد وزارة العدل الأميركية بسبب احتكارها للبحث عبر الإنترنت.
علاوة على ذلك، تقاضي وزارة العدل شركة غوغل بسبب سيطرتها الاحتكارية المزعومة على الإعلانات الرقمية، مع تعرض مستقبل أعمالها في مجال تكنولوجيا الإعلانات التي تبلغ قيمتها 20 مليار دولار للخطر. بدأت المحاكمة الشهر الماضي في فرجينيا.
تأثيرات مختلفة
وإلى ذلك، قال المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية، الدكتور أحمد بانافع، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنه بناءً على الحكم الأخير والقضايا السابقة المتعلقة بمتجر تطبيقات غوغل بلاي، يمكن توقع عدة تغييرات قد تؤثر بشكل مباشر على مستقبل المتجر وعلى أعمال الشركة.
أول تلك التغييرات ما يرتبط بدعم زيادة المنافسة، ذلك أن المجال قد يُفتح لمتاجر تطبيقات بديلة على نظام أندرويد، مما يقلل من احتكارغوغل للسوق، موضحاً أن هذا سيوفر للمطورين والمستخدمين خيارات أكثر تنوعاً.
توقع بانافع أن تضطر غوغل إلى تخفيض نسبة العمولة التي تأخذها من المطورين، والتي تصل حاليًا إلى 30 بالمئة في بعض الحالات، مؤكداً أن مثل هذه التغييرات قد تكون جزءًا من جهود تنظيمية تهدف إلى فرض شفافية أكبر. كما ذكر أن الشركة قد تواجه ضغوطًا لتعديل سياساتها لتكون أكثر شفافية وإنصافًا للمطورين، مما سيضع مزيدًا من القيود على كيفية إدارة متجر التطبيقات.
أضاف بانافع أن غوغل من المحتمل أن تشهد انخفاضًا في الإيرادات من متجر التطبيقات نتيجة لهذه التغييرات، مما قد يؤثر على أرباح الشركة بشكل عام إذا ما تم فرض قيود على سيطرتها على السوق، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الشركة قد تلجأ إلى البحث عن طرق جديدة لتعويض الخسائر المحتملة، مثل توسيع أعمالها في مجالات أخرى كالحوسبة السحابية أو تعزيز نموذج الإعلان.
ويضاف إلى ذلك أيضاً:
- تحسين تجربة المستخدم: غوغل قد تركز بشكل أكبر على تحسين جودة التطبيقات وتجربة المستخدم لجذب المزيد من المطورين والمستخدمين، بهدف الحفاظ على تنافسيتها في السوق.
- التوسع الدولي: الشركة قد تسعى لتعويض أي خسائر محتملة من خلال التوسع في أسواق جديدة دوليًا، حيث قد تكون اللوائح أقل تقييدًا.
وأوضح الدكتور بانافع أن هذه التغييرات قد تؤثر على أعمال غوغل بشكل كبير. ورغم أن متجر التطبيقات يمثل مصدرًا هامًا للإيرادات، فإنها كشركة لديها مصادر دخل متنوعة، مما يمكن أن يساعدها على التكيف مع هذه التحديات وضمان استمرارية نجاحها.
تبعات على المدى القصير والطويل
من جانبه، قال خبير التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه بعد أن قضت المحكمة بأن متجر غوغل بلاي يمارس احتكارًا غير قانوني، فإن غوغل مٌجبرة على السماح للمتاجر الأخرى بالتواجد على منصة أندرويد اعتبارًا من نوفمبر المقبل، مشيراً إلى أن هذا القرار يمكّن المطورين من توزيع تطبيقاتهم عبر متاجر متعددة وتقديم أنظمة دفع بديلة، مما يقلل من اعتمادهم على نظام الدفع الخاص بجوجل.
وتحدث الناطور عن عدد من التأثيرات المتوقعة، على النحو التالي:
- تأثيرات على إيرادات غوغل: من المتوقع أن يؤدي هذا التغيير إلى انخفاض كبير في إيرادات غوغل الناتجة عن رسوم المعاملات على التطبيقات والمشتريات داخل التطبيقات.
- زيادة المنافسة: ستشهد سوق تطبيقات الأندرويد زيادة في المنافسة، مما سيوفر خيارات أوسع للمستخدمين ويقلل من تكاليف التطبيقات.
- تغيير في علاقة غوغل بالمطورين: قد يدفع هذا القرار غوغل إلى إعادة النظر في علاقتها بالمطورين، وتقديم حوافز جديدة لجذبهم والبقاء في متجرها.
- تداعيات على الشركات الأخرى: قد يشجع هذا الحكم شركات أخرى، مثل آبل، على إعادة تقييم سياسات متاجرها الخاصة وفتح المجال لمزيد من المنافسة في سوق الهواتف الذكية، وفقًا لتحليل الناطور.
كما حدد خبير التطوير التكنولوجي، في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أبرز الآثار المحتملة على المدى الطويل، ومنها:
- تحسين تجربة المستخدم: قد تؤدي زيادة المنافسة إلى تحسين تجربة المستخدم بشكل عام، حيث تسعى الشركات لتقديم خدمات أفضل بأسعار أكثر تنافسية.
- ابتكار جديد: قد يشجع هذا التغيير على الابتكار في مجال توزيع التطبيقات وأنظمة الدفع.
- تغييرات تنظيمية: قد يؤدي هذا الحكم إلى تغييرات تنظيمية أوسع في سوق التطبيقات، مما يضمن حماية المستهلكين والمطورين على حد سواء.
وشدد على أنه قد تبدو آثار هذا القرار عميقة وواسعة، مما يبرز أهمية التغييرات التنظيمية في تعزيز المنافسة وحماية حقوق المستهلكين.