كما يُرجع محللون سياسيون، في إسرائيل والولايات المتحدة، تدهور شعبية حزب الليكود وتهديد مستقبله السياسي بشكل أكبر؛ نتيجة طموحات نتنياهو، التي قالوا إنها دفعته لإقصاء كل من يحلم بأن يصبح رئيسا للوزراء خلفا له؛ ما أدى لتفريغ الحزب من “الوارثين” الملائمين للفوز في انتخابات قادمة.
تراجع الليكود
أظهر استطلاع رأي نشرت نتائجه صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، الجمعة، وأجرته بالتعاون مع مركز “لازار” للأبحاث، تراجع حزب “الليكود” إلى 17 مقعدا في الكنيست (البرلمان) بعد أن كان 18 مقعدا في الانتخابات الأخيرة.
في المقابل، حصل حزب “أزرق أبيض” لبيني غانتس، على 42 مقعدا في الاستطلاع، وهو رقم قياسي منذ تشكيله.
وفي حالة إجراء الانتخابات بعد الحرب لن يتمكن الليكود وحلفاؤه اليمينيين من تشكيل الحكومة، حيث من المتوقع حصولهم مجتمعين على 42 مقعدا.
ووفق نفس الاستطلاع، فإن رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” السابق، يوسي كوهين، هو الأوفر حظا لقيادة الليكود مستقبلا، بحصوله على نسبة 24%، متفوقا بمقدار الضعف على وزير الدفاع الحالي، يوآف غالانت، الذي حاز على 12 %.
تجريف الحزب
لا ترى الباحثة الأميركية في العلاقات الدولية، إيرينا تسوكرمان، مفاجئة في الأزمة الشعبية التي يواجهها الليكود، قائلة إن “الصراع المتوقع على الزعامة ليس مفاجئا”، ومعتبره هذا من “إرث نتنياهو السياسي”.
وتضيف موضحة سياسات نتنياهو وصفاته الشخصية التي أودت بالحزب لهذه النتيجة وفق تقديرها:
- نتنياهو معروف بالمناورة أمام العقبات بمهارة، وفي نفس الوقت هو لا يحدد ولا يعد خليفة واضحا ليكمل المسيرة من بعده.
- بجانب ذلك، سرعان ما يتم التخلص من السياسيين الشباب الواعدين الذين من الممكن أن يشكلوا تهديداً سياسياً له.
- لذلك فإن خط الخلافة داخل الليكود غير واضح. ورغم أن البلاد عموما اتجهت نحو اليمين، خاصة بعد 7 أكتوبر، إلا أن مستقبل الحزب نفسه ليس واضحا.
- إذا كان لنتنياهو أي مصلحة في الحفاظ على بقايا إرثه، فإنه سيدفع بخليفة له الآن بدلا من المشاركة في معركة غير لائقة من أجل منصبه، وعلى الأقل يناقش جدولا زمنيا يسمح له بالاستقالة بطريقة معقولة، ودون مزيد من الاستقطاب الحزبي.
منقذ من الخارج
يؤيد الكاتب الإسرائيلي، موشيه نستلباوم، ما ذهبت إليه الباحثة الأميركية قائلا في مقال له بصحيفة “معاريف” إن نتنياهو لا يشجع وجود ورثة له، حتى أن وزراء في الليكود يسرائيل كاتس، ونير بركات، وآفي ديختر، الذين يطمحون في منصب رئيس الوزراء أدركوا هذا، وتم إحباط أحلامهم.
وعن المخرج الممكن لحزب الليكود من أزمته هذه، يقول الكاتب الإسرائيلي، إن تراجع شعبية الحزب قد تعني ضرورة الاستعانة بشخصية من خارجه لقيادته، ضاربا مثلا برئيس الموساد السابق، يوسي كوهين.
إطالة الحرب “عمدا”
تشكك إيرينا تسوكرمان في قدرة يوسي كوهين على قيادة الليكود لأنه لم يشغل أي منصب قيادي سياسي، وكذلك لم تنجح مفاوضات الرهائن (المحتجزين الإسرائيليين والأجانب لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة) التي قادها في الوصول إلى نتيجة.
وترجح الباحثة أن نتنياهو سيطيل أمد الحرب في غزة “لأجل تجنب محاسبته على إخفاقاته السياسية والأمنية، خاصة وأنه بالفعل توجد ضغوط داخل وخارج الحزب تطالبه بالاستقالة؛ ولذا نتوقع أن لا تنتهي الحرب في المستقبل القريب”.
كما تُلفت إلى أن أزمة الليكود ليست وليدة الحرب الحالية، ولكن نتتنياهو مسؤول عن تكوينها على مدى سنوات، مشيرة في ذلك إلى “عدم الرغبة في الاستماع للتحذيرات فيما يتعلق بحماس، ورفضه الاستقالة منذ سنوات، وتفضيله البقاء رئيسا للوزراء بدلا من أن يقود المعارضة، كل هذا شوه صورته وإرثه السياسي بشكل لا يمكن إصلاحه”.
وعلى هذا، فإنه “بخلاف الوقت المتبقي له كرئيس وزراء الحرب، فإن نتنياهو ليس لديه مستقبل سياسي، وسيكون من الصعب عليه أن يمارس نفوذه من وراء الكواليس؛ لأنه ارتكب الكثير من الأخطاء التي رفض الاعتراف بها إلا بعد فوات الأوان”، بحسب إيرينا تسوكرمان.