حققت أسهم المرافق العامة – وهي أسهم تتميز بعمليات شراء شائعة عندما تبدو الأجواء أكثر صعوبة وسط مخاطر السوق- أداءً مماثلاً لقطاع التكنولوجيا هذا العام.
منذ بداية العام وحتى الآن، حقق قطاع المرافق العامة وقطاع التكنولوجيا مكاسب بلغت 22.08 بالمئة و25.69 بالمئة على التوالي، بحسب تقرير لـ “بيزنس إنسايدر” اطلع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” عليه.
تميل القطاعات الدفاعية في السوق الأميركية، والتي قد تشمل أيضًا العقارات والسلع الاستهلاكية الأساسية، إلى أن تكون خيارات أفضل عندما تبدو الظروف الاقتصادية الكلية في حالة من الضعف. ومع ضعف بيانات التوظيف في الأشهر الأخيرة، أصبح المستثمرون قلقين بشأن الانحدار القادم.
وفي الوقت نفسه، ورغم عودة القطاع إلى النشاط هذا الأسبوع، فإن الأسماء الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي تكافح من أجل إيجاد موطئ قدم لها، حيث تواجه شركة إنفيديا أسئلة صعبة حول العائدات على استثمارات الذكاء الاصطناعي من جانب الشركات. وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز العالمي لأشباه الموصلات الأوسع نطاقا بنسبة 5.63 بالمئة خلال الشهر.
ومع حصول تجارة الذكاء الاصطناعي على فترة راحة قصيرة، وبينما تُظهر البيانات أن الاقتصاد ربما يكون في حالة تباطؤ، يوصي المزيد من المحللين المستثمرين باللجوء إلى الزوايا الدفاعية في سوق الأسهم.
قال بنك أوف أميركا إن المستثمرين يجب أن يتجنبوا شراء أسهم التكنولوجيا ، مشيراً إلى أن تقلبات السوق من المقرر أن تزداد على المدى الطويل. وبالإضافة إلى شركات المرافق التي تدفع أرباحاً، اقترح البنك أيضًا أن يسعى المستثمرون إلى التعرض للعقارات.
وعلى غرار دعوة بنك أوف أميركا، وصف مايك ويلسون من مورغان ستانلي الأسبوع الماضي الذكاء الاصطناعي بأنه “مبالغ فيه” ، وقال إن المستثمرين يجب أن يتحولوا إلى الأسهم الدفاعية.
وبحسب مدير الاستثمار في شركة هيرتل كالاهان، براد كونغر، فإن بعض الشركات “التي تبدو أكثر مللاً” في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تقع في قلب الأسهم الدفاعية.
وقال كونغر في التصريحات التي نقلها عنه الموقع، مستشهدًا بشركات مثل شركات إدارة النفايات: “إن موقفنا هو أن هناك الكثير من الشركات ذات النمو الكبير والتي يتم التقليل من قيمتها بسبب الإثارة حول التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي”، مضيفاً: “أداء مثل هذه الأسماء الدفاعية سيرتفع بشكل كبير إذا شهد الاقتصاد الأميركي تحولاً”.
وعلى غرار ويلسون من مورغان ستانلي، يعتقد كونغر بأن الذكاء الاصطناعي أصبح مفرطا في التوسع، وحذر من أن شركات الأجهزة مثل إنفيديا تواجه خطر السقوط في الهاوية إذا لم تبدأ التكنولوجيا في إظهار عوائد حقيقية على الاستثمار.
وأشار بنك جي بي مورغان في تقرير حديث إلى أن اتجاهات التبني تحتاج إلى التحرك إلى مستوى أعلى إذا كانت التكنولوجيا تأمل في تجنب “نتيجة ميتافيرس”، في إشارة إلى عوالم الواقع الافتراضي التي شهدت استثمارات ضخمة قبل بضع سنوات ولكنها في النهاية لم تنتج عائدًا كبيرًا.
ووفق التقرير، فمن المؤكد أن أغلب العاملين في وول ستريت ما زالوا مقتنعين بإمكانات الذكاء الاصطناعي. فقد صرح إريك ديتون من Wealth Alliance بأن أن الانخفاض الأخير لشركة إنفيديا كان حالة من جني الأرباح وليس علامة على ضعف دائم.
وقال رئيس الشركة: “لا نستطيع أن نتخيل كيف سيبدو الأمر بعد عشر سنوات من الآن، لكن الذكاء الاصطناعي سيصبح جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية للجميع. ولا شك في ذلك”.
لكن في تناغم مع ما قاله آخرون، أشاد ديتون أيضًا بأسهم المرافق باعتبارها أحد الاستثمارات المفيدة التي يمكن القيام بها الآن. وبقدر ما قد يكون متفائلًا بشأن الذكاء الاصطناعي، فقد حذر من أن السوق أصبحت مركزة بشكل كبير على الأسماء الرائدة في مجال التكنولوجيا، وأن المستثمرين بحاجة إلى تنويع استثماراتهم.
ومع توقع خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في اجتماعه هذا الأسبوع، اقترح ديتون أيضًا أن يشتري المستثمرون الأسهم ذات العائد المرتفع والسندات الأطول أجلاً. كما أعرب عن تفضيله للشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة، والتي يمكن أن تشهد أداءً أقوى عندما تنخفض تكاليف الاقتراض.
الذكاء الاصطناعي من الصعب مقاومته
من جانبه، قالت خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن:
- إغراء الاستثمار في أسهم الذكاء الاصطناعي يصعب مقاومته.
- لكن التركيز على نوع واحد من الأسهم (قطاع معين) ليس دائماً الخيار الأفضل للمستثمرين.
- المستثمرون يسعون عادة إلى تنويع استثماراتهم، باحثين عن أكثر الأسهم قبولاً وطلباً في الأسواق، وهو ما يفسر توجههم نحو تلك التي تشهد قفزات سعرية ملحوظة.
- هذا التوجه قد يحمل مخاطر كبيرة إذا لم يتم التعامل معه بحذر.. ومن الضروري تطوير المستثمر لنفسه بشكل مستمر وعدم الوقوف في مكانه.
وأشارت رمسيس إلى أن الهدف الأساسي لكل متداول في سوق الأسهم هو تحقيق الربح وحماية أمواله من مخاطر التضخم، وهذا ما يدفع البعض إلى اللجوء للاستثمار في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي التي تحتاج إلى متابعة دقيقة وتقييم مستمر في ظل الطفرات التي تشهدها.
كما أوضحت أن الشركات الناشئة في هذا القطاع تواجه تحديات كبيرة؛ فقد تحقق قفزات سعرية ضخمة، ولكن ميزانياتها لا تكشف بالضرورة عن قدرتها على الاستمرارية واستدامة الزخم، ما يضع المستثمرين في مواجهة مخاطر إضافية إذا اعتمدوا بشكل كبير على التحليلات الفنية دون النظر إلى التحليلات الأساسية والمالية.
وفي سياق متصل، أضافت أن شركات التكنولوجيا تتأثر بشكل كبير بالأخبار، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وهو ما قد يؤثر على أدائها على المدى القصير، حتى إذا كانت التوقعات طويلة الأجل لهذه الشركات واعدة.
واختتمت رمسيس تصريحاتها بالقول إن المستثمرين يجب أن يحرصوا على تنويع استثماراتهم وتقليل المخاطر عبر الاستفادة من خبراتهم السابقة في مجال الاستثمار، والبحث عن فرص استثمارية واعدة في قطاع الذكاء الاصطناعي، والذي يحمل آفاقاً كبيرة للنمو ولكن بتحديات يجب أخذها بعين الاعتبار
أسهم النمو.. الحصان الرابح
في السياق، أشار العضو المنتدب لشركة “آي دي تي” للاستشارات والنظم التكنولوجية، محمد سعيد، إلى أن:
- الاستراتيجية المثلى للمستثمرين -في تقديره- تكمن في التركيز على أسهم النمو خلال فترات صعود السوق.
- تميل هذه الأسهم لتحقيق أعلى معدلات الربح في مثل هذه الأوقات.
- بينما المستثمرون في فترات الهبوط يفضلون الاتجاه نحو الأسهم الدفاعية التي تتميز بتقلبات أقل، مما يسهم في تقليل الخسائر والمحافظة على استقرار الأرباح.
وأضاف: “حتى الآن، لا يظهر بوضوح أن السوق (الأميركية) تمر بمرحلة انخفاض، رغم وجود بعض الشكوك حول الاتجاه العام.. وأميل شخصياً إلى الاعتقاد بأن السوق قد تشهد تراجعًا، لكن تخفيض الفيدرالي لأسعار الفائدة وتيسير السياسة النقدية قد يعززان الأداء الإيجابي للأسواق على المدى القريب”.
وأوضح أن تخفيض الفائدة عادة ما يُعتبر خطوة إيجابية للاستثمارات في الأسواق المالية، لكن الأثر الفعلي قد يختلف عما هو متوقع نظرياً؛ لا سيما مع الارتفاعات الكبيرة التي شهدها السوق أخيراً.
وأفاد سعيد بأن استجابة الأسواق بشكل إيجابي لتخفيض الفائدة يمكن أن تكون قصيرة الأمد قبل أن تعاود الانخفاض. وأعرب عن شكوكه حول استمرار الأداء القوي للسوق في المستقبل القريب، على عكس ما يتوقعه البعض.
وفي سياق متصل، أشار إلى أن السوق حققت مستويات قياسية حتى نهاية الأسبوع الماضي. ومع ذلك، إذا شعر المستثمرون بوجود احتمالات للانخفاض فمن المتوقع أن يتجهوا نحو الأسهم الدفاعية.
ولفت إلى أن شركات التكنولوجيا حققت أداءً جيدًا في الفترة السابقة، وهي مرشحة للاستمرار في قيادة السوق عند استئناف الصعود.
وأضاف: “قد نشهد في الفترة المقبلة تحولًا مؤقتًا نحو الأسهم الدفاعية، كما يظهر في تحركات محفظة بيركشاير هاثاواي التابعة لوارن بافيت، التي بدأت بالخروج من أسهم كبرى مثل أبل. ورغم ذلك، لا يمكن اعتبار هذا التوجه ظاهرة شاملة في السوق”.
واختتم سعيد تصريحاته بالقول: “يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة تضيف عنصرًا كبيرًا من عدم اليقين حول مستقبل السوق، حيث تختلف سياسات المرشحين. كل هذه العوامل تجعل السوق في حالة من الغموض، إلا أن الأداء الإيجابي الذي شهده السوق يومي الخميس والجمعة يشير إلى ميل المستثمرين نحو التفاؤل في الوقت الراهن”.