وبالرغم من دخول كمية محدودة من الوقود إلى غزة في اليوم الأربعين للحرب، فإن لازاريني أكد أن هذه الكمية ليس كافية على الإطلاق، ولا تعادل سوى نصف شاحنة.
كما نبهت الأمم المتحدة أيضا من خطورة الانتظار الطويل للسماح بدخول كميات كافية من الوقود، لأن ذلك سيكلف مزيدا من الأرواح، حيث بينت أن الوضع الإنساني في غزة وصل لدرجة لا يمكن السيطرة عليها.
منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، وفي هذا السياق قال: “إن ما يستوجبه الجانب الإنساني هو حماية مصلحة المرضى في المستشفيات، الذين يتعرضون بالطبع لخطر كبير في الوقت الحالي.. ليس لدينا وقود لتشغيلها.. الأطفال حديثي الولادة ليس لديهم حاضنات.. البعض مات بالفعل.. لا يمكننا إخراجهم.. الوضع خطر للغاية.. إنني أتفهم قلق الإسرائيليين من محاولة العثور على قيادة لحماس، هذه ليست مشكلتنا، مشكلتنا هي حماية سكان غزة مما يتعرضون له”.
وتحت شعار “المستشفيات ليست ساحات قتال”، تعالت أصوات التحذيرات في وجه المجتمع الدولي لضمان توفير المساعدة والوقاية من التدهور الكارثي، في ظل نقص الإمدادات الأساسية في غزة، وقد دفعت كل هذه التحديات عددا من المسؤولين لمحاولة الضغط على المجتمع الدولي للتحرك فورا وتقديم الدعم الملح لتخفيف معاناة السكان.
وتأتي هذه الدعوات في ظل النقص الفادح في كميات الوقود ولتفادي الكارثة في القطاع المنكوب، ووفقا لمنظمات دولية فإنه يجب اتخاذ إجراءات فورية، والوقوف بجانب سكان غزة لتوفير المساعدة الملحة للحفاظ على الأقل على حياة الناس، لذا، فإن النداء الآن، حسب هذه المنظات، هو التحرك بسرعة لضمان وصول المساعدة الطارئة والدعم.
الوقود عصب الحياة
ويعتبر نفاد الوقود كابوسا كبيرا تخشاه خاصة المنظمات الإنسانية والطبية في غزة خاصة، وفي هذا السياق قال الناطق باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، كاظم أبو خلف لسكاي نيوز عربية إن الوضع على الأرض في غزة لا يحتمل المزيد من التأخير، فلم نكن البتة نبالغ عندما قلنا إن الأوضع كارثية في غزة، ولم نكن نبالغ عندما كنا نقول منذ اليوم الأول للحرب إن الوقود هو عصب الحياة، فالوقود اليوم في غزة أصبح يساوي في أهميته الدواء في مستشفياتها، وهو شحيح جدا إن لم يكن معدوما.
ويمثل الحصول على الوقود تحديا كبيرا في غزة اليوم، حيث قال أبو خلف “بعد جهد جهيد وكثير من الأخذ والرد والمداولات تمكنا من الحصول على 23027 لترا من الوقود، وهذه الكمية أقل من نقطة في بحر المتطلبات اليوم، قد حصلنا عليها بشروط، مفادها أن نستخدمها فقط لتحريك مركباتنا نحن في الأونروا، ولا يسمح لنا أن نستخدمها في عياداتنا أو حتى في محطات تحلية المياه أو نعطي القليل منه لمراكز طبية على سبيل المثال، فما أعطي لنا من وقود متاح لنا استخدامه لتحريك مركباتنا نحو معبر رفح والمساهمة في دخول المساعدة التي مازالت تنتظر الدخول”.
وأما الناطق باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، محمد فتياني فقد قال لسكاي نيوز عربية: “نحن في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لا نقطع الأمل في دعم منظمة الصليب الأحمر وشركائنا في المؤسسة الإنسانية الدولية والحقوقية ولا نقطع الأمل من الضمير العالمي الذي نعول عليه كثيرا للضغط من أجل إيقاف هذه الكوارث الإنسانية في غزة، فكل إنسان يجب أن يقدم ما بوسعة لفتح الممرات الآمنة وإدخال المساعدات الإنسانية لهذا القطاع المنكوب وإيجاد هدنه ووقف إطلاق النار وإخلاء الجثث وتقديم كل ما يحتاجه الجانب الإنساني في غزة، ونحن سنبذل كل ما بوسعنا فعله للحفاظ على أرواح المدنيين الأبرياء”.
كما اعتبر أبو خلف أن كل شيء سيتأثر في ظل انعدام الوقود في قطاع غزة كمحطات تحلية المياه، حيث أشار إلى “إن توقف هذه المحطات يعني أن 70 بالمائة من الناس في قطاع عزة لن يتمكنوا من شرب الماء والمستشفيات طبعا وحتى المخابز التى تحتاج للوقود لتولد الكهرباء ولتعطي الناس خبزا، كل هذه المرافق الحيوية ستتوقف”.
وقد قال الناطق باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، أيضا “إن المياه غير الصالحة للشرب هي سبب الأوبئة خاصة مع احتشاد الناس في مناطق صغيرة ومزدحمة وهذا يعني بيئة خصبة لإنتشار الأمراض بشكل سريع وفتاك، فقطاع غزة ينتقل من تحدي لآخر، ولا يجب أن ننسى جثث الشهداء المتواجدة في الشوارع وتحت الأنقاض والتى سوف تتحلل ما يعني انتشار الفيروسات والجراثيم لكل ما حولها، بالإضافة لمياه الصرف الصحي وانقطاع المياه من أجل النظافة الشخصية، وهذه كلها تحديات تؤرق المؤسسات الصحية والإنسانية التى تعمل بشكل خاص لأنها تدرك يقينا بمآلاتها الكارثة على كل العصد”.
الجهود الإنسانية.. تحديات تقصم الظهر
وقد وصف الناطق باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، محمد فتياني، وضع غزة اليوم قائلا:
- “إن الوضع في قطاع غزة يزداد انهيارا يوما بعد يوم، فقد بدأنا بشح المواد الطبية والغذائية، ومررنا باستهداف المستشفيات والطواقم الطبية وتوقف مستشفيات عن العمل، وكوارث أخرى متعددة ومتوالة، فكل يوم تولد تحديات جديدة ومصاعب مختلفة تواجهها خاصة الطواقم الإنسانية العاملة على الأرض كالهلال الأحمر الفلسطيني في مهماتها لإغاثة الأبرياء”.
- “إن عدم وجود مكان آمن في قطاع غزة، يزيد من صعوبات العمل الذي تقوم به الطواقم الإنسانية مع المدنيين النازحين من ناحية توزيع المساعدات ووضع خطط الإغاثة والإستجابة الطارئة.”
أشار فتياني إلى الضريبة الإنسانية الباهظة على الصعيد الإنساني في غزة قائلا:
- “قمنا أمس بإخلاء مستشفى القدس، بعد نفاد الوقود منه وتحوله لمكان في منتهى الخطورة، وحتى سيارات الإسعاف لا يمكنها التحرك بحرية ولا تمنح فرصة نقل المصابين بأمان وعمليات الإغاثة تزداد تعقيدا يوما بعد يوم.
- انقطعت غرفة العمليات في مستشفى الأمل عن العمل بسببب توقف عمل المولد الرئيسي للمستشفى لعدم وجود وقود.
- كل هذا يضاعف من مأساة قطاع عزة الذي يذهب يوما بعد آخر في اتجاه الكوارث الصحية والأوبئة، ومع الترويج لانقطاع الاتصالات، فهذا يعني عدم تمكن المدنيين من الاتصال بقطاع الإسعاف والطوارئ.. وهذه كارثة إضافية كبرى.