وتعمل وزارات تونسية عدة على تحديث مناهج التعليم التونسية لتواكب قضايا البيئة والتغيرات المناخية.
فكما باقي دول العالم، تنشغل تونس بقضايا التغيرات المناخية والحد من انعكاساتها على البيئة وحياة الإنسان. انشغال دفع بالوزراء والمسؤولين في الدولة إلى البحث في سبل تجذير قضية البيئة والاقتصاد الأخضر لدى المجتمع.. خصوصا الأطفال.
وفي هذا الخصوص تقول السيدة أمال بلحاج موسى وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن: “نعمل من خلال المناهج ومناهج الطفولة المبكرة في غرس القيم التي تعمل على توطيد العلاقة مع البيئة والماء خاصة وأن تونس اليوم تعيش في أزمة مائية، كما نعمل بشكل معمق على العناية بالبيئة الخضراء”.
وتنفتح تونس على تجارب مقارنة، خاصة مع الدول المطلة على البحر المتوسط والتي يتشابه مناخها مع تونس لقربها الجغرافي.
وتسعى وزارة التربية التونسية بالشراكة مع وزارة البيئة إلى تحسين البنية التحتية التعليمية لتواكب المواد التعليمية المتعلقة بالبيئة، عبر تحديث المراجع والمناهج التعليمية المتعلقة بقضايا البيئة وتشجيع الأنشطة المتعلقة بها.
وتتبنى الحكومة التونسية برامج تربوية وتعليمية لإدماج الأطفال ضمن جهود الدولة في دعم الثقافة والسلوك الصديقين للبيئة.
برامج يؤكد خبراء أنها لن تكون فعالة إلا إذا اعتُمدت ضمن استراتيجيات كبرى في إصلاح التعليم ودعم الاقتصاد الأخضر وتعزيز التحول الى الطاقة المتجددة.
جهود لإشراك المرأة في “الاقتصاد الأخضر”
تسعى الدولة التونسية إلى إيجاد مقاربة شاملة لإشراك المرأة في مجال الاقتصاد الأخضر والحدّ من تأثير التغيرات المناخية على الإنسان.
ويعمل الاتحاد الوطني للمرأة التونسية على تنظيم عدد من ورشات التوعية بشأن كيفية مكافحة تأثيرات التغيرات المناخية في البلاد.
وقالت راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية: “الاتحاد الوطني للمرأة التونسية بتنظيمه لهذا الملتقى الاقتصادي والمالي من أجل التشبيك والتعاون وبعث المشاريع التي تهم النساء وفتح الأفاق لمختلف النساء العربيات والأوروبيات هو أيضا يشتغل على مجال هام جدا وهو مجال البيئة والاقتصاد الأخضر والفلاحة الخضراء، وهذا ليس جديدا على الاتحاد لأننا اشتغلنا على خطة وطنية للحد من التغيرات المناخية”.
وتعيش تونس تداعيات خطيرة بسبب التغير المناخي وتأثيراته عبر ظواهر عديدة منها الاحتباس الحراري وزيادة معدلات التلوث في الهواء وغيرها، الأمر الذي يهدد ثروات البلاد خاصة الزراعية والبحرية.
وتتبنى تونس مقاربة شاملة في علاج عدد من قضايا الانسان في زمننا الراهن منها قضايا البيئة والتغيرات المناخية.
مقاربة تضع المرأة ودورها المجتمعي والاقتصادي في قلب التخفيف من تأثيراتها على المجتمع.
لماذا أعلنت تونس حالة الطوارئ المائية؟
دخلت تونس، ليل الجمعة السبت، حالة الطوارئ المائية الذي يتمثل في نظام مقنن يستمر لعدة أشهر لتوزيع الماء الصالح للشرب، ومنع استعماله أغراض أخرى بسبب أزمة الجفاف.
ويأتي هذا الأمر على خلفية أزمة شح الموارد المائية في تونس التي فاقمتها التغيرات المناخية وموجة الجفاف التي تضرب البلاد منذ 4 سنوات.
ووفق السلطات التونسية، لا تستخدم المياه الصالحة للشرب للغايات التالية:
- الأغراض الفلاحية.
- ري المساحات الخضراء.
- تنظيف الشوارع والأماكن العامة.
- غسل السيارات.
وذكرت وزارة الفلاحة والموارد المائية التونسية في بيان أن القرارات الجديدة المتعلقة بترشيد استعمال الموارد المائية ستبقى سارية المفعول حتى 30 سبتمبر المقبل، محذرة المخالفين بأنهم يعرضون أنفسهم لعقوبات مالية، وأخرى تضمن السجن.
وأثر جفاف المناخ في السنوات الأخيرة في تغذية المائدة الجوفية ومستوى تعبئة السدود الذي لم يتجاوز 30 بالمئة وفق الأرقام الرسمية، وهو ما يهدد الأمن المائي للتونسيين.
جذور المشكلة
وقال المهندس في الموارد الطبيعية وعضو شبكة تونس الخضراء، ياسر سويلمي، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”: “أزمة شح المياه اليوم عالمية ولكنها تبدو أكثر تأثيرا في عدد من المناطق ومن بينها تونس بسبب التغيرات المناخية التي تعيشها البلاد للعام الخامس على التوالي”.
واعتبر سويلمي أن أزمة ندرة المياه تعمقت في تونس عبر السنوات الماضية جراء سوء الحوكمة، إذ تستهلك الأنشطة في قطاع الزراعة 83 بالمئة من موارد البلاد المائية ويزرع الفلاحون في تونس الفراولة والكرز والطماطم وغيرها من المنتجات المستهلكة للمياه، وهي في أغلبها معدة للتصدير مما يعني أن الماء يوجه للتصدير عبر نمط زراعة مستهلك جدا.
وقال إن الأمر يدعو إلى المبادرة بتغيير النمط الزراعي بشكل عاجل، وعدم العودة إليه إلا في حال تحسن الموارد المائية وعودة المخزون المائي إلى معدلاته الطبيعية.
استراتيجية مطلوبة
ومن جهته، دعا الخبير في الشأن المناخي، حمدي حشاد، إلى التعايش مع انقطاع الماء بسبب تواتر مواسم الجفاف في البلاد وتراجع سقوط المطر، معتبرا أن التغيرات المناخية ساهمت في رفع وتيرة مواسم الجفاف 20 مرة.
وقال حشاد لموقع “سكاي نيوز عربية” إن تونس مهددة بعدة ظواهر مناخية على غرار الجفاف والاحتباس الحراري وتراجع كميات الأمطار، وهذا سيؤثر على الاستقرار المائي سيؤثر على قطاع الزراعة والصادرات والأمن الغذائي.
واعتبر أن وضعا كهذا يستدعي وضع استراتيجية لوقف استنزاف الموارد المائية وإيجاد البدائل بالاتجاه نحو زراعات أقل استهلاكا للمياه وأكثر مقاومة للجفاف، والتخلي عن إنشاء المسابح الخاصة والحدائق المعشبة والتي تستهلك كميات كبيرة من الماء.
ولفت إلى أن التغيرات المناخية ستغير الخريطة الزراعية في تونس ويجب التعايش معها لأن عصر الرفاهية المائية لم يعد متاحا.
يذكر أن تونس كانت قد سجلت نقصا في إيرادات السدود في حدود 1 مليار متر مكعب بعد تراجع التساقطات بنسبة 70 بالمائة عام 2022 ، مما يرجح تراجع نصيب الفرد من الماء إلى ما تحت 250 متر مكعب للفرد خلال عام 2023 بعد أن كان في حدود 420 متر مكعب للفرد سنويا.