ووفق ما نقلته مصادر محلية، فإنه خلال هجوم عنيف نفذه “داعش” على معسكر “النصرة” في منطقة “تين تافغات” في ولاية غاو، شمالا، قُتل أمدو موسى، المعروف باسم “الياس”، أمير منطقة إنتلت بالولاية عن “النصرة”، ونحو 20 آخرين من ذات الجماعة، وذلك يوم التاسع من مارس الجاري.
واستمرت الاشتباكات في تلك المعركة أزيد من ساعتين، ونتج عنها كذلك استيلاء “داعش” على سيارة و8 دراجات نارية وكمية من الأسلحة والذخائر، بينما لم يتكبد مقاتلو “داعش” خسائر فادحة كالتي تكبّدتها “النصرة”.
ويقود “داعش” في هذه المواجهات مصطفى أبو مهمودو، قائد التنظيم في بوركينا فاسو المجاورة؛ حيث إن لديه نفوذا كبيرا في منطقة المثلث الحدودي بالكامل، والتي تتوزع على حدود مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وتأتي هذه الاشتباكات بين التنظيمين الإرهابيين حول السيطرة على الأراضي المالية بعد فترة طويلة من التوقف عن الاقتتال فيما بينهما؛ حيث كانا يركّزان في الأسابيع الأخيرة على استهداف الجيش المالي ومرتزقة شركة “فاغنر” الروسية المسلحة الخاصة، وشن هجمات على أهداف داخل النيجر وبوركينا فاسو لتعزيز انتشارهما.
أهداف الاشتباكات
تقول المصادر المحلية ذاتها إن “الاستعدادات جارية من الطرفين لمواصلة المواجهات في الأيام القليلة القادمة”.
وعن الهدف من ذلك توضّح:
- “داعش” يسعى لفرض نفوذه على منطقة أربندا (إنتيللت وتيسيت) في شمال مالي، والتي طردته منها “النصرة” في يوليو 2023؛ ولذلك وصل أفراد ينتمون لداعش بأعداد كبيرة ومئات الدراجات النارية المدججة بالأسلحة المتنوعة.
- يقول مصدر محلي آخر مقرب من جماعة النصرة، التي تنتشر في أغلب المناطق في أربندا، إنها تتحفز بدورها للدفاع عن مناطق نفوذها أمام تقدم جحافل داعش.
وحسب الخبير الأمني، عيسى توري، فإن المعركة الأخيرة بين داعش والنصرة “تعتبر خسارة فادحة لجماعة النصرة، بعد أن فقدت شخصية مهمة ذات نفوذ كبير في ولاية غاو بشكل عام، وفي منطقة إنتيللت بشكل خاص، ولا مستفيد من هذه المواجهات إلا الجيش المالي الذي هو العدو المشترك للجماعتين”.
واعتبر توري، وهو من مدينة غاو، أن هذه المعارك حول النفوذ “ستزيد من تأزم الوضع في المنطقة التي تعيش بالفعل أزمة كبيرة تهدد وجود الجيش فيها”.
ويعاني شمال مالي، ومناطق في الوسط، من ضعف قدرة الجيش هناك؛ وذلك نتيجة ما يواجهه من تمرد تقوده حركات انفصالية في إقليم أزواد شمالا، واستغلال التنظيمات الإرهابية لضعف السيطرة على الحدود للتسلل إلى مالي، وضم محليين إليها بتحفيز دوافع دينية أو مادية لديهم.
ونتيجة خلافات مع القوات الفرنسية التي كانت موجودة على أساس مساعدة الجيش في مكافحة الإرهاب، ثم رحيلها عام 2022، استعانت الحكومة المالية بشركة “فاغنر”، في مواجهة الإرهابيين والمتمردين.
مَن هو الياس؟
• من قبيلة الفلانيين، وقيادي بارز في جماعة “النصرة”، وهو أميرها في منطقة إنتيللت التي يريد “داعش” العودة إليها.
• قائد أهم العمليات العسكرية ضد “داعش” في منطقة أربندا، وكذلك ضد الجيش المالي ومرتزقة “فاغنر” بين عامي 2022 و2024.
• لديه نفوذ كبير في ضواحي غاو وصولا إلى المثلث الحدودي.
أماكن السيطرة والانتشار
• يسيطر “داعش” على ولاية ميانكا في شمال مالي، بشكل شبه كامل، وينتشر في مناطق حدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
• تنتشر جماعة “النصرة” في مساحات شاسعة في إقليم أزواد شمالا، وصولا إلى جنوب البلاد، حتى الحدود الغربية مع موريتانيا والسنغال وغينيا، كما تنتشر شرقا وجنوبا في النيجر وبوركينا فاسو، وتنفذ هجمات ضد جيوش هذه الدول.
وفيما يتوسّع “داعش” في هجماته لتشمل المدنيين والقرى بجانب المؤسسات الحكومية، وعلى رأسها الجيش وحلفاؤه، فإن جماعة “النصرة” تركز على أهداف حكومية، ونفّذت أحداثا في 28 فبراير الماضي حين سيطرت على ثكنة عسكرية في منطقة كوالا على بعد 150 كيلومترا من العاصمة المالية باماكو، وقتلت 30 جنديا، واستولت على 12 سيارة وكمية كبيرة من السلاح والذخيرة.