تلك التقديرات الإعلامية تتوافق مع ما نقله مطلعون على أوراق المفاوضات وخبراء معنيين بالشأن الفلسطيني، في أحاديث منفصلة مع “سكاي نيوز عربية”، مع حديثهم عن “رغبة” أميركية قوية باستخدم أوراق ضغط لأول مرة و”ضغوط” من الوسطاء بمصر وقطر “خشية انفجار الأوضاع بالمنطقة” إذا استمر الوضع على ما هو عليه في الشهر المعظم.
وسبق أن تم التواصل لأول هدنة بين حماس وإسرائيل لمدة أسبوع من 24 نوفمبر وحتى 1 ديسمبر الماضيين، وتم خلالها وقف إطلاق نار، وتبادل الأسرى وإدخال مساعدات إغاثية.
وفي يناير الماضي، انطلق اجتماع في باريس بمشاركة الوسطاء مصر وقطر والولايات المتحدة مع طرفي الحرب التي انطلقت في 7 أكتوبر الماضي، بهدف الوصول لاتفاق صفقة هدنة ثانية، قبل أن يتجدد الاجتماع ذاته في 23 فبراير الماضي.
وفي 24 فبراير الماضي، تحدثت قناة “القاهرة الإخبارية” بمصر، عن اجتماع بدأ في الدوحة بشأن المفاوضات وسيتلوه اجتماع ذو صلة في القاهرة، وهو ما سيتم غدا الأحد، بحسب القناة ذاتها نقلا عن مصدر رفيع المستوى.
و”ستستأنف مباحثات التوصل إلى هدنة بقطاع غزة، في القاهرة، الأحد، بمشاركة كافة الأطراف، وسط جهود حثيثة للوصول إلى اتفاق للهدنة قبل شهر رمضان مع تقدم ملحوظً ومساع لإحراز اتفاق عادل”، وفق المصدر ذاته.
وسيكون اجتماع القاهرة “هاما”، في تقريب وجهات النظر بين أطراف المفاوضات، وسط تأكد حضور وفد من حماس وتسليمه للقاهرة ردها بشأن رؤية الحركة لاتفاق الهدنة، بحسب المصادر التتي تحدثت معها “سكاي نيوز عربية”.
ويتمسك الوفد الإسرائيلي، بقائمة شروط من نتياهو، يضع فيها خطا أحمر بشان الإفراج عن أسماء بعض الأسرى، ومقترح آخر بإبعاد أسماء أخرى من الأسرى الذين سيفرج عنهم، وفق مصادر “سكاي نيوز عربية”.
وستكون ضمانات عدم تجدد الحرب بعد الهدنة وإتمام تبادل الأسرى وانسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا، وتدفق المساعدات لغزة بصدارة مفاوضات الأحد بالقاهرة.
وفي 27 فبراير الماضي، قال مسؤول كبير مقرب من محادثات الهدنة المؤقتة في غزة لرويترز.
- حركة حماس تلقت مقترحا من اجتماع باريس 2 يسمح بوقف مبدئي نحو 40 يوما (6 أسابيع) في كل العمليات العسكرية.
- يتضمن الالتزام بالسماح بدخول 500 شاحنة مساعدات إلى غزة يوميا وتوفير آلاف الخيام.
- يتيح إصلاح المخابز والمستشفيات بقطاع غزة.
- ينص على تبادل الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين بنسبة 10 إلى واحد.
مستجدات حسم الصفقة
نقل موقع والا الإسرائيلي السبت، عن مسؤول أميركي قوله إن إسرائيل وافقت على بنود صفقة التبادل المقترحة لبدء وقف إطلاق نار فوري لنو والكرة أصبحت في ملعب حماس” للموافقة عليها
فيما قال مصدر مقرب من حركة حماس لـ”فرانس برس”، إن وفدا قياديا من حركة حماس يتوجه إلى القاهرة مساء اليوم السبت، لإجراء محادثات جديدة بشأن هدنة في قطاع غزة، وتسليم رد الحركة الرسمي حول اقتراح باريس الجديد”.
ويجري الحديث عن هدنة مدتها ستة أسابيع تطلق خلالها حماس سراح 42 إسرائيليا من النساء والأطفال دون سن 18 عامًا إلى جانب المرضى والمسنين، بمعدل رهينة واحدة في اليوم مقابل إطلاق سراح عشرة معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وتطالب حماس بزيادة عدد شاحنات المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة.
فيما قال مصدران أمنيان مصريان لـ”رويترز”، السبت، إن “الأطراف اتفقت على مدة الهدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، موضحين أن إتمام الصفقة “لا يزال يتطلب الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية من شمال غزة، وعودة سكانه”.
مؤشرات جادة
جهاد الحرازين، الخبير الفلسطيني، أستاذ النظم السياسية والقيادي بحركة فتح، استعرض مع “سكاي نيوز عربية”، مؤشرات تتحدث عن احتمال قرب الوصول لاتفاق قبل رمضان بالقول:
- أعتقد أن هناك العديد من المؤشرات التي تتحدث عن قرب الوصول لتهدئة خاصة مع انتقال وفود الأطراف التي كانت في الدوحة إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات.
- هناك ضغوط تمارس من قبل الوسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة، الذين يرون جميعا ضرورة الوصول لتهدئة قبل حلول رمضان لما له مكانة قدسية، وقد يكون أي خيار آخر بخلاف التهدئة ينذر بتفجير الأوضاع في المنطقة كلها .
- هناك مجموعة قيود يطرحها وفد إسرائيل خلال المفاوضات الحالية متمسكا برؤية نتنياهو في رفضه طرح مجموعة من أسماء الأسرى للإفراج بشكل مطلق. واقتراحه عملية إبعاد أسماء أسرى آخرين مقرر الإفراج عنهم في الصفقة المرتقبة.
- أيضا لا تزال قضايا انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة بحاجة لمجموعة من الحلول وتقريب وجهات النظر.
- الإدارة الأميركية تريد الوصول للتهدئة في أقرب وقت ممكن، لأن الرئيس الأميركي جو بايدن متأثر انتخابيا قبل سباق الرئاسة في نوفمبر المقبل من تداعيات الحرب الإسرائيلية بسبب تصاعد احتمال امتناع الجاليات العربية والإسلامية والمتضامنين مع فلسطين التصويت له.
ضغوط أميركية لأول مرة
هذه الرغبة الأميركية، ترجمتها واشنطن عبر ضغوط تستخدم لأول مرة بحسب الخبير الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي، في حديثه مع “سكاي نيوز عربية”، جاءت على النحو التالي:
- الإدارة الأميركية تضغط بكل ثقلها للوصول لاتفاق هدنة في رمضان يتدرج إلي بحث مراحل نهاية الحرب ونتنياهو لا يريد ذلك.
- ارتفعت ضغوط الإدارة الأميركية بصوت مرتفع والآن الضغط أكثر شدة عبر ملفين أولا: التسليح والذي سيجبر إسرائيل على التوقيع بعدم استخدامه ضد المدنيين، والأمر الثاني زيارة عضو حكومة الحرب الإسرائيلية، بيني غانتس للولايات المتحدة.
- غانتس هو منافس لنتيناهو والأكثر حظوظا في كل استطلاعلات الرأي وهو وزير في الحكومة ويسافر دون إذن نتيناهو وعبر الأخير عن امتعاضه من ذلك وهذا شكل من أشكال الضغوط تستخدمها الإدارة الأميركية ضده.
- الإدارة الأميركية بورقة غانتس تعطي رسالة أخيرة لنتنياهو إذا لم تلتزم بمن نريد سوف نحرك الداخل ونسقط الحكومة حتى تجرى انتخابات مبكرة وأنت لن تكون في الحكم.
ويرى مطاوع كل المؤشرات أمامه تذهب إلى إتمام صفقة ثانية:
- باعتقادي الصفقة ناضجة وتحتاجها حماس بشدة والشعب الفلسطيني لأنه لم يعد لديه قدرة على التحمل ونتنياهو يريدها بشروط أنها لا تظهره أنه خضع لأي ابنزاز أو تنازل ويرى أن مزيدا من الضغط على حماس سيكون في صالحه.
وعن أبرز بنود المفاوضات الجارية التي تابعها مطاوع:
- وافقت حركة حماس على أن تأتي لاجتماع القاهرة لتسليم رد حركة على مقترح إطار باريس2، ونتنياهو استبق هذه الموضوع بشرط هو أن يكون هناك قائمة بأسماء الأسرى الأحياء وعددهم للتفاوض بشأنهم.
أوراق رابحة وأخرى أزمة
تفاصيل أخرى شملتها رحلة مفاوضات الصفقة الثانية، يتحدث عنها مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث مع “سكاي نيوز عربية” بالقول:
- حماس كانت تريد هدنة تصل إلى 135 يوما عبر 45 يوما ثم 45 يوما ثم 45 يوما، وكان الطلب الإسرائيلي الأميركي يتمثل في 6 أسابيع أسبوعين ثم أسبوعين ثم أسبوعين.
- كانت هناك موافقة على إقرار 6 أسابيع لكن الأزمة في الخروج الإسرائيلي من قطاع غزة وتدفق المساعدات وبداية إصلاح المشافي وقبل ذلك ضمانات بعدم تجديد إسرائيل إطلاق النار.
- حماس تملك ورقة الأسرى وهي ورقة رابحة تفرض بها شروطها، لكن إسرائيل تماطل ولا تريد إعطاء تعهد بعد إنهاء صفقة التبادل بعدم تجديد الحرب، ولذا هناك حذر.
هذه التفاصيل، شملتها مستجدات حالية تدور في أورقة المفاوضات، وفق ما يقول مختار غباشي، الذي اطلع على أوراق سابقة في المفاوضات ويذهب إلى أن:
- المستجد حاليا رغبة أميركية في الوصول بأي شكل من الأشكال لهدنة مع ضغوط عربية لاسيما من الوسطاء خشية انفجار أوضاع المنطقة، وتفادي لتداعيات مجزرة طوابير مساعدات غزة التي ارتكبتها إسرائيل قبل أيام.
- البنود الجوهرية الرئيسية المطروحة في النقاشات تتمثل في أهمية وجود ضمانات بشأن عدم تجدد وقف إطلاق النار من جانب إسرائيل، والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وهل سيكون هناك حرية في حركة الأفراد من الشمال للجنوب أم لا كل هذا مطروح على الطاولة.
- تواترت أحاديث أخرى بشأن طلب إسرائيلي بضرورة تقديم المقاومة قائمة بعدد الأسرى الأحياء لديها أيضا.
- هناك آمال كبيرة معقودة للوصول لهدنة قبل شهر رمضان الذي هناك شكل من أشكال الاستحالة لإطلاق النار فيها لما له من قداسة وخشية انفجار الوضع بالمنطقة كلها.
- يضاف إلى ذلك أن مناطق ملتهبة بالمنطقة تنتظر وقف إطلاق النار بغزة لتهدأ مثل: الجنوب اللبناني، والبحر الأحمر.
ويقرأ غباشي الحديث المصري بشأن وجود “تقدم ملحوظ” باجتماع القاهرة الذي يعتبره “هاما”:
- الحديث المصري عن تقدم يعطي إشارات بأننا على مشارف الوصول إلى هدنة والكل يسابق الزمن في هذا الزمن.
- اجتماع القاهرة الحاسم يأتي متزامنا مع تصريحات سابقة من الرئيس الأميركي جو بايدن بإلوصول لاتفاق هدنة الاثنين، قبل أن يقول إن الأمر صعب بعد مجزرة المساعدات لكن الكل يسابق الزمن لإتمامها قبل شهر رمضان.
- يأتي الحديث المصري، مع ضيق أميركي بدأ يخرج للعلن، بشأن إسرائيل، وهذا ما قد يحركنا للهدف أسرع.