وحذر نواب برلمان ومعارضون من أن هذه المواجهات، التي تسبق الانتخابات الرئاسية بشهرين، تفتح الباب أمام كافة الخيارات، بداية من إحكام الرئيس الانتقالي الحالي، محمد إدريس ديبي، سيطرته كاملة على البلاد بعد الانتخابات، أو الانزلاق نحو مواجهات عنيفة مع المعارضة والحركات المتمردة.
ماذا حدث خلال 48 ساعة؟
- أعلن المدعي العام مقتل يحيي ديلو، وهو ابن عمة الرئيس الانتقالي، الأربعاء، خلال مواجهات مع قوات الأمن.
- تم الإعلان عن القبض على صالح ديبي، عم الرئيس الانتقالي، والذي انضم إلى “الحزب الاشتراكي بلاد حدود” المعارض مؤخرا، بعدما ترك حزب جبهة الإنقاذ الحاكم في البلاد، في إطار الصراع داخل قبيلة الزغاوة الحاكمة، وذلك وسط اتهامات له بالفساد.
- في وقت سابق اتهمت الحكومة في بيان، ديلو وبعض أعضاء الحزب، بحصار مقر المخابرات ومحاولة قتل رئيس المحكمة العليا.
- أرجع المتحدث باسم الحكومة التشادية، وزير الاتصالات، عبد الرحمن كلام الله، مقتل ديلو، “حيث لجأ في مقر حزبه”، إلى أنه “لم يكن يريد الاستسلام وأطلق النار على قوات حفظ النظام”.
- وفاة ديلو، سبقت نبأ مقتل السكرتير المالي للحزب خلال محاصرة قوات أمنية لمقر الحزب، والذي أعقبه توجه أنصار الحزب للهجوم على مقر المخابرات، الأربعاء، حيث وقعت اشتباكات أخرى هناك.
ويرجع تاريخ الصراع بين ديلو وقيادات بالحزب الحاكم إلى عام 2021 عند حاول منافسة الرئيس الراحل إدريس ديبي، في الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة قبل مقتل الرئيس أبريل 2021.
ووفق ما نقلته مصادر تشادية، لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن صالح ديبي “يقود عصابات تقوم بالفوضى ضد أبناء أخيه لتصفية حسابات شخصية، وهو معروف بسوابق إجرامية في البلاد، آخرها عندما كان مديرا للجمارك واختلس مبلغا كبيرا”.
وعلى إثر ذلك، تم القبض عليه، لكنه فر إلى المغرب ليعيش لاجئا هناك عدة سنوات، وبعد مقتل أخيه الرئيس في أبريل 2021 عاد إلى تشاد، وتم تسريب تسجيلات صوتية له يريد الانتقام من أبناء أخيه لأسباب مختلفة، بحسب المصادر ذاتها.
وتعد خطوة انضمامه لحزب معارض، تتابع المصادر، ضمن هذه الخصومات، إضافة إلى أنه يتزعم منظمة قبلية سياسية تسمى (M29) وهي منظمة “تتسم بالعنصرية وساهمت في تعميق الخلافات بين المجتمعات المحلية في تشاد”.
موقف رمزي
المحلل السياسي التشادي، سعيد أبكر، يرى رمزية في أن تتم الدعوة لتجهيز جثمان يحيى ديلو في منزل تيمان أرديمي، أحد زعماء التمرد السابقين، معتبرا أن هذا يلقي بثقل على أرديمي، ويثير أسئلة بشأن ما إن كان سيعلن التمرد من جديد أم سيلتزم الصمت ويرضى بمساومة مع الحكومة.
ووفق أبكر، فإن إذا مرت هذه الحادثة دون مساءلة حقيقية “فلن يكف محمد ديبي عن قتل جميع مناوئيه وخصومه، وهذا هو المؤسف في الأمر، فعليه يجب أن تكون هناك وقفة موحدة من جانب أطياف المعارضة”.
مشهد ضبابي
يربط مدير مركز العالم نيوزالصراعات في الساحل الإفريقي، محمد علي كيلاني، بين مقتل ديلو وبين منافسات ما قبل الانتخابات، خاصة وأنه كان يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية.
ووفق كيلاني، فإن حزب حركة الإنقاذ الوطني الذي يحكم تشاد منذ عام 1990 كان “يخشى” منافسة ديلو لمرشح الحزب الحاكم، الرئيس الانتقالي محمد إدريس ديبي، ويرى أنه “كان يجب الضغط عليه أو إسكاته”؛ ما يعبر عن “هشاشة” الأوضاع في البلاد والمنطقة بشكل عام.
ويحذر المحلل السياسي من أن “الاعتداء” على مقر “الحزب الاشتراكي بلا حدود”، والإجراءات اللاحقة ضد أعضائه “تسلط الضوء على اتجاه مقلق لاستخدام سلطة الدولة ضد المعارضة”؛ ما يؤشر لاحتمال “تصعيد العنف السياسي والقمع، وهو ما سيؤثر على تماسك تشاد الداخلي وعلاقاتها الدولية”.
وعما يراه لتجنب الانزلاق لهذا العنف، يدعو كيلاني إلى “حماية الحريات المدنية، والتوافق الوطني”.
بدوره يصف عضو المجلس الانتقالي (البرلمان)، عمر المهدي، المشهد في البلاد حاليا بأنه “شديد الضبابية، وهناك حالة من الحذر الشديد بعد التطورات الأخيرة”.
ويتوقع المهدي أن هذه الأحداث ستلقي بظلالها السلبية على الانتخابات وما بعدها، غير مستبعد انزلاق البلاد نحو مواجهة مسلحة، قائلا لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن: “كل شيء وارد”.
تحذير “فاكت”
من جانبها، أدانت جبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد “فاكت”، مقتل ديلو، قائلة في بيان: “يأتي هذا الاغتيال الممنهج بعد 3 سنوات من اغتيال والدته في 28 فبراير 2021 في نفس الظروف من أجل منع ديلو من الترشح للانتخابات الرئاسية”.
وأضاف البيان: “هكذا دائما طريقهم لتضييق الخناق علي المنافسين الحقيقيين أو اغتيالهم حتى يختاروا منافسين غير مؤهلين أو رفاق دربهم للمنافسة في الانتخابات الرئاسية، سعياً إلى إضفاء الشرعية و الانتقال للسلطة الأسرية”.
وتوعدت بالقول “أن هذه الجريمة الشنيعة لن تمر دون عقاب. عاجلا أم آجلا سيقدموا هؤلاء الجناة أمام المحاكم على أفعالهم”.
و”فاكت” حركة تمرد تنشط في شمال البلاد منذ عدة سنوات، واغتالت الرئيس السابق إدريس ديبي، والد الحاكم الانتقالي الحالي، خلال مشاركته في معركة ضدها أبريل 2021.
تجهيز الانتخابات
أعلنت هيئة الانتخابات أن الانتخابات الرئاسية ستُجرى في 6 مايو المقبل، وذلك بعد أن تم الانتهاء من خطوة إعداد دستور جديد للبلاد، والاستفتاء عليه في ديسمبر الماضي.
وكان محمد ديبي وعد بتسليم السلطة إلى المدنيين وتنظيم الانتخابات في غضون 18 شهرا، لكنه أضاف عامين آخرين على الفترة الانتقالية.
وفي منتصف يناير، اختار الحزب الحاكم محمد ديبي مرشحا له للانتخابات، خاصة وأن الدستور الجديد خفَّض سن الترشح للرئاسة من 40 عاما إلى 35؛ وهو ما اعتبره معارضون تأسيسا لاستمرار حكم ديبي الابن؛ حيث يبلغ الآن 39 عاما.