ويوضح قيادي حزبي وأكاديمي من إسرائيل لموقع “سكاي نيوز عربية”، كيف تقرأ إسرائيل التحركات المصرية على الحدود، خاصة بعد تلويح القاهرة بأن أي محاولة لدفع الفلسطينيين لعبورها إلى مصر سيقابل بتعليق اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين عام 1979، وبيان وزارة الخارجية المصرية بأن مخاطر هجوم رفح وتهجير الفلسطينيين “ستضر مصالح الجميع من دون استثناء”.
وسبق أن نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن دبلوماسي غربي كبير في القاهرة، قوله إن المسؤولين المصريين حثوا نظراءهم الغربيين على إبلاغ إسرائيل بأنهم يعتبرون أي تحرك لإجبار سكان غزة على العبور إلى سيناء بمثابة انتهاك من شأنه أن يعلق فعليا اتفاقية السلام.
ولم يتوقف رد القاهرة عند ذلك فقط، بل أرسلت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء في الأسبوعين الماضيين، حسبما نقلته وكالة “رويترز” عن مسؤولين أمنيين مصريين لم تذكر اسمهما.
إرباك إسرائيل
القيادي في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حزب إسرائيلي غالبيته من عرب 1948 ويمثله 5 نواب في الكنيست) سهيل دياب، يقول إن مصر قدمت دعما كبيرا للقضية الفلسطينية منذ بداية الحرب برفض مخطط تهجير سكان غزة، وهو الهدف الرئيسي من الحرب المستمرة على القطاع منذ أكتوبر الماضي، حسب رأيه.
كما “لعبت القاهرة دورا محوريا في مباحثات الوساطة بين الجانبين، وحاليا تستضيف المفاوضات التي تهدف إلى تبادل الأسرى ووضع حد للحرب”، كما يقول دياب.
وفي تقديره، فإن الموقف المصري من الحرب “تسبب في إرباك إسرائيل على المستويين السياسي والعسكري، وفي الأسبوع الأخير انصب الاهتمام الإسرائيلي على معرفة رد الفعل المصري بخصوص اقتحام رفح ومحور فيلادلفيا، لكن جواب القاهرة لم يتأخر كثيرا من خلال التلويح بتعليق معاهدة كامب ديفيد حال إقدام إسرائيل على خرق البروتوكولات الأمنية والعسكرية الخاصة بهذه المعاهدة التي مهدت للسلام بين البلدين، وكذلك قامت بحشد قوات للجيش المصري”.
ويأتي التهديد المصري بتعليق معاهدة السلام، التي تمثل حجر الزاوية في الاستقرار الإقليمي بالمنطقة منذ ما يقرب من نصف قرن، بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، أنه أصدر تعليماته للجيش بالاستعداد لشن هجوم على رفح لتدمير 4 كتائب لحركة حماس موجودة بالمدينة.
صدام مستبعد
يقلل أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس عضو اللجنة المركزية لحزب العمل الإسرائيلي مئير مصري، من احتمال حدوث صدام سياسي حاد بين مصر وإسرائيل بشأن هجوم رفح.
ويبني توقعاته بهذا الشأن على أن القوات التي حشدها الجيش المصري على الحدود لم تتحرك إلا بعد التنسيق مع إسرائيل (وفقا لمعاهدة السلام)، مشيرا في نفس الوقت إلى تفهمه “خشية مصر أن تخرج الأمور عن السيطرة، وأن يقتحم مئات الآلاف من الفلسطينيين الحدود إلى سيناء”.
وحول العملية التي تخطط لها إسرائيل في رفح، يقول الأكاديمي الإسرائيلي إن هناك خطة محكمة لدى الجيش لإخلاء مدينة رفح فور اقتحامها، سوف يتم الإعلان عنها في آخر لحظة، مؤكدا الحرص على إبعاد المدنيين عن مناطق القتال حتى تنتهي العملية.
ويتابع: “أكرر هنا أنه لم يكن لإسرائيل في أي وقت من الأوقات مشروع لتهجير الغزاويين، لا قسرا ولا طوعا. الهدف الوحيد كان ولا يزال حماية سكان القطاع بقدر المستطاع من القصف وإبعادهم بشكل مؤقت عن معاقل حماس”.
ماذا قالت القاهرة؟
شددت مصر في بيان أصدرته وزارة الخارجية، الأحد، على رفضها الكامل لتصريحات مسؤولين إسرائيليين بشأن شن عملية عسكرية على رفح، محذرة من العواقب الوخيمة لذلك.
وطالب البيان بتكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف رفح الفلسطينية، التي باتت تأوي ما يقرب من 1.4 مليون فلسطيني نزحوا إليها، لكونها آخر المناطق الآمنة بالقطاع.
وبشأن مصير هؤلاء النازحين، اعتبر البيان أن استهداف رفح بعملية عسكرية، بجانب عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، هو “إسهام فعلي في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته”.
وفي تحذير آخر، قالت القاهرة إن اتخاذ إجراءات تزيد من تعقيد الموقف، ستتسبب في “الإضرار بمصالح الجميع دون استثناء”.
العالم نيوزإعلامي
احتلت ردود الفعل المصرية إزاء الهجوم الإسرائيلي المخطط له على رفح مساحة واسعة من الإعلام الإسرائيلي، ومن بين ما سلط عليه الضوء:
- قالت صحيفة “معاريف”، إن الجيش المصري وضع نقاط تمركز قرب معبر رفح، للاستعداد لاحتمال دخول الجيش الإسرائيلي إلى منطقة رفح، وبالتالي منع تدفق سكان قطاع غزة إلى سيناء.
- ذكر موقع “جي دي إن” الإخباري الإسرائيلي، أن المصريين يستعدون لدخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح، وقد وضعوا طوافات ونقاطا عسكرية ووحدات تمركز على طول المعبر.
- ركزت صحيفة “يديعوت أحرنوت” على أنه يدور خلاف جديد بين نتنياهو والجيش بشأن مسار حرب غزة، وهذه المرة سببه رغبة الجيش في عدم اجتياح مدينة رفح الفلسطينية حاليا، تجنبا للصدام مع مصر.