في هذا السياق، قدّم عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي علي الكثيري قراءة حادة للأحداث خلال حديثه إلى سكاي نيوز عربية، واضعاً ما يجري في إطار إعادة استحضار أجواء حرب 1994، ولكن بوقائع ومعادلات مختلفة.
تصعيد سياسي يعيد استحضار شبح 1994
تعكس تصريحات عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي علي الكثيري، خلال حديثه إلى “سكاي نيوز عربية”، مناخاً سياسياً وأمنياً متوتراً، يصفه صراحة بأنه أجواء حرب تعيد إلى الأذهان حرب عام 1994، مع فارق جوهري يتمثل، بحسب تعبيره، في أن جنوب اليوم ليس جنوب الأمس.
ففي قراءته للمشهد، يشير الكثيري إلى محاولات لفرض صراع ذي طابع شمالي جنوبي، مؤكداً أن شعب الجنوب، في حال فُرضت عليه المواجهة، جاهز لها، وأن مآلاتها ستكون في صالحه، مستنداً إلى ما وصفه بامتلاك الجنوب “درعاً حصيناً” يتمثل في القوات الحكومية الجنوبية.
تحميل رشاد العليمي مسؤولية تفجير الأزمة
في سياق تحليله لأسباب التصعيد، يوجه الكثيري اتهاماً مباشراً لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، معتبراً أنه المسؤول الأول عن تفجير الأزمة وتسعيرها وصولا بها إلى هذا المستوى.
ويربط ذلك بما يصفه بانفراده باتخاذ القرارات، وآخرها إصداره قرارات في ظل غياب كامل لاجتماعات مجلس القيادة الرئاسي، الذي لم ينعقد منذ فترة طويلة.
ويؤكد أن صدور قرارات في مثل هذا السياق، ومن دون مشاركة أعضاء المجلس، يجعلها، وفق توصيفه، غير مستندة إلى أي سند شرعي أو قانوني، ويدفع بالبلاد نحو حرب جديدة حتى بين شركاء مجلس القيادة أنفسهم، الأمر الذي جعل “طبول الحرب تُقرع” في أكثر من منطقة، من مأرب إلى غيرها.
القوات الجنوبية وحضرموت والمهرة: شرعية ودور أمني
يتوقف الكثيري مطولا عند مسألة انتشار القوات الجنوبية في حضرموت ووادي حضرموت والمهرة، نافياً إمكانية الحديث عن خروج هذه القوات من تلك المناطق.
ويؤكد أن هذه القوات ليست غريبة عن هذه المحافظات، بل هي قوات جنوبية “مشرعنة وحكومية”، ولها تاريخ من المشاركة إلى جانب الأشقاء في التحالف العربي في مواجهات متعددة ضد الميليشيات الحوثية والجماعات الإرهابية.
وقال إن وجود هذه القوات لا يشكل تهديداً للأشقاء في المملكة العربية السعودية، بل يأتي في إطار تأمين المديريات والوادي والصحراء، ومنع عودة هذه المناطق كممرات لتهريب المخدرات والعناصر المسلحة وحتى السلاح باتجاه المملكة، كما كان يحدث في السابق.
تأمين الجغرافيا الجنوبية في مواجهة الحوثي
يربط الكثيري بين الوجود العسكري الجنوبي في هذه المناطق وبين متطلبات المعركة ضد الحوثيين، موضحاً أن الحوثي، بحسب وصفه، كان يتغذى بالسلاح والصواريخ والمخدرات من وادي حضرموت ومحافظة المهرة.
ويؤكد أن من غير الممكن، في نظره، أن تستمر القوات الجنوبية في الدفاع والقتال في الجبهات، بينما تبقى خطوط الإمداد مفتوحة من داخل الجغرافيا الجنوبية.
ومن هنا، يقدّم وجود هذه القوات بوصفه إجراءً لتأمين ظهر القوات التي تواجه الحوثي، وليس استهدافاً لأي طرف آخر.
التهدئة المشروطة والحوار الممكن
في تعاطيه مع مسار التهدئة، يشير الكثيري إلى أن ما أقدم عليه رشاد العليمي وضع مجلس القيادة الرئاسي بأكمله في مأزق. ومع ذلك، يؤكد أن المجلس الانتقالي تعامل بإيجابية مع دعوات التهدئة، ولا يزال مستعدا للحوار إذا كانت التهدئة قائمة على أساس تأمين مناطق ومحافظات الجنوب.
في المقابل، يرفض ما يصفه بتهدئة تهدف إلى إبقاء قيادات “لا وجود لها على الأرض”، تستخدم الجنوب ساحة للصراعات، وتوقف معاركها باتجاهه، وتسعى إلى تقاسم الجنوب بدلاً من التوجه لتحرير الشمال، معتبراً هذا السيناريو غير ممكن.
الإمارات في خطاب الكثيري: إشادة وتثمين
يحظى دور دولة الإمارات العربية المتحدة بحيز واضح في تصريحات الكثيري، إذ يصف الأشقاء في الإمارات بأنهم “تاج على رؤوس الجميع”.
ويؤكد أن الإمارات قدّمت تضحيات جسيمة في مختلف الجبهات، ليس في الجنوب فحسب، بل أيضاً في الساحل الغربي ومناطق أخرى.
كما يشير إلى أن دعمها شمل كل من يقاتل المشروع الحوثي والميليشيات الحوثية، معتبراً أن ذلك أكسبها قلوب ملايين اليمنيين في الجنوب، وفي عدد من محافظات الشمال كذلك.
ويشدد الكثيري على أن الإمارات ظلت، وفق توصيفه، حصناً منيعاً في مواجهة الجماعات الإرهابية والحوثية، وتمكنت من هزيمتها في أكثر من موقع. ويختتم موقفه بتوجيه تحية صريحة لدولة الإمارات، مؤكداً أن ما قدمته لن يُنسى في وجدان شعب الجنوب “على مدى التاريخ”.


