وقد حققت هذه الصناديق مكاسب تقارب 30 بالمئة منذ بداية العام، أي ضعف مكاسب مؤشر الأسهم الأميركي S&P 500، ما يعكس جاذبيتها الكبيرة للمستثمرين.
ويستمر التدفق الاستثماري نحو صناديق الـETF بوتيرة متصاعدة، حيث سجلت هذه الصناديق 77 شهرًا متتاليًا من الزيادات في الاستثمارات، مع استثمارات جديدة هذا العام بلغت قيمتها 1.8 تريليون دولار، ما يوضح ثقة المستثمرين في أدائها واستقرارها النسبي مقارنة بالأسواق التقليدية.
وتتصدر iShares التابعة لشركة بلاك روك سوق الـETF عالميًا، بأصول تبلغ 5.4 تريليون دولار، تليها صناديق Vanguard التي تستحوذ على حوالي 21 بالمئة من السوق، ثم صناديق SPDR التابعة لـState Street بحصة تبلغ نحو 10 بالمئة.
وتوفر صناديق الـETF مزايا متعددة للمستثمرين، أبرزها التنوع في الاستثمارات، مرونة التداول، سيولة عالية، تكلفة منخفضة، وشفافية واضحة، إلى جانب تقليل المخاطر مقارنة بالاستثمار المباشر في الأسهم.
وعلى مستوى منطقة الخليج، تم إدراج 33 صندوقًا بقيمة أصول تبلغ 3.3 مليار دولار، ما يتيح للمستثمرين المحليين الانخراط في أدوات مالية عالمية مع مزايا الاستثمار منخفض المخاطر نسبيًا، وهو ما يعكس أهمية هذه الصناديق في تعزيز الثقافة الاستثمارية بالمنطقة وربطها بالأسواق العالمية.
الـETF: ابتكار مالي يقلل المخاطر ويوسع الانكشاف
وفي حديثه إلى برنامج “بزنس مع لبنى” على سكاي نيوز عربية، أوضح المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة OCEANE Invest، أنطوني ساسين أن صناديق المؤشرات المتداولة هي ابتكار مالي كبير بدأ في عام 1993 مع شركة State Street، وسهّل كثيراً دخول المستثمرين الأفراد إلى الأسواق بطريقة أقل خطورة وأكثر نظاماً. وبيّن أن الفكرة تكمن في إمكانية شراء “رابر” حول المؤشر مثل S&P 500، بحيث يتيح ETF واحد، مثل SPY، الانكشاف على جميع الشركات الـ 500 المدرجة في المؤشر، بدلاً من شراء كل سهم على حدة، ما يقلل المخاطر ويوفر تكلفة المعاملات.
وأضاف ساسين أن الـETF اليوم يمتد ليشمل القطاعات المتخصصة مثل الذكاء الاصطناعي و AI، والحوسبة الكمومية Quantum Computing، والسيارات الكهربائية، حيث أصبح بالإمكان بناء محافظ متوازنة تجمع بين أسهم متعددة أو حتى جميع الأسهم ضمن القطاع، ما يمكّن المستثمر من الحصول على تنويع متكامل دون الحاجة لدفع عمولات مرتفعة أو الاعتماد على مديري استثمار محترفين.
تطور صناعة الـETF في الخليج: فرص وتحديات
وأشار ساسين إلى أن حصة منطقة الخليج في صناعة الـETF كبيرة نسبياً، لكنها لا تزال محدودة مقارنة بالأسواق العالمية، حيث يوجد 33 ETFفقط في المنطقة مقابل أكثر من 3000 ETF في كل من أمريكا وأوروبا وآسيا، مع وجود أكثر من 19 تريليون دولار في العالم، مقابل 3 مليارات دولار فقط في الخليج.
ولفت إلى أن المستثمرين المحليين غالباً ما يلجأون إلى أسواق أمريكا وأوروبا، سواء كانوا بنوكاً أو مكاتب أسرية Family Offices، نظراً لعدم توافر كافة المكونات اللازمة لتداول الـETF بشكل متكامل في الأسواق المحلية. وأكد أن غياب صانع سوق محلي متمرّس ومستقر، إضافة إلى عدم وجود مدير أصول عالمي قادر على الاستثمار بكفاءة، شكّل عائقاً رئيسياً أمام تطوّر السوق، ما دفع OCEANE Invest لإطلاق مبادرة لمعالجة هذا الخلل.
OCEANE Invest: سد الفجوات ودعم النظام البيئي
تتكوّن OCEANE Invest من فريق يمتلك خبرة واسعة في صناعة الأسواق في الولايات المتحدة وأوروبا، ويعمل بدعم مباشر من أحد كبار صانعي السوق في الولايات المتحدة GTS Securities، الذي يُعدّ في حجمه وتأثيره مكافئاً لمؤسسات كبرى مثل Citadel و Jane Street.
ويتمثل الدور الرئيسي للفريق في توفير المكونات المفقودة داخل النظام البيئي المحلي، بحيث يصبح المستثمر قادراً على شراء وبيع صناديق الـETF بأسعار عادلة. ويضيف وجود صانع سوق متخصص ومتمركز محلياً قدرة على تسعير الـETF بفوارق سعرية Spreads منطقية وخصومات أو علاوات مقبولة، ما يخفض الكلفة على المستثمر ويجذب منتجات ETF عالمية إلى المنطقة.
وأكد ساسين أن إدراج الـETF محلياً يتيح التداول ضمن السوق المحلية وفي التوقيت المحلي، بدلاً من انتظار ساعات التداول في الأسواق الأمريكية أو الأوروبية، ما يعزز السيولة ويحافظ على تدفّق الأموال داخل الولاية القانونية لهيئات الرقابة المحلية، وفي مقدمتها هيئة الأوراق المالية والسلع (SCA)، بما يضمن حماية أكبر للمستثمر.
ريادة الشركات المحلية في تطوير القطاع
أوضح ساسين أن شركات محلية مثل Lunate لديها أكثر من 20 ETF، وتُعد رائدة في الخليج، حيث يستثمر جزء كبير من أصولها البالغة مليار دولار في الأسواق المحلية مثل الإمارات والسعودية، إضافة إلى أسواق دولية مثل أمريكا وألمانيا والهند وباكستان.
كما لفت إلى أن شركة Boreas التابعة لـ Lunate أطلقت أول ETF ثيماتيكي في المنطقة، يركز على الحوسبة الكمومية، تلاه إطلاق AI Power ETF لإعادة بناء البيانات بالذكاء الاصطناعي. وفي السعودية، تمتلك شركات مثل Albilad Financial و SAB Invest عدة صناديق ETF محلية ودولية، بما في ذلك أسواق الصين والسيستماتيك السعودي.
وأشار ساسين إلى أن هذه التطورات تشير إلى بداية مرحلة تطوير استراتيجية في الخليج، خاصة وأن حجم الأصول المحلية يقترب من 3 تريليونات دولار، مع إمكانية استخدام هذه الصناديق لتأمين مدخرات التقاعد، عبر بناء محافظ متوازنة تجمع بين الأسهم والسندات والذهب، مع إمكانية إضافة صناديق ثيماتيكية متخصصة لتحقيق نمو مستدام.
فرص الوصول للمستثمرين المحليين والمؤسسيين
تطرق ساسين إلى إمكانية الوصول إلى صناديق الـETF عبر الوسطاء المحليين، مثل بنوك الإمارات دبي الوطني ENBD، وبنك أبوظبي الأول FAB، وبنك أبوظبي التجاري ADCB، مؤكداً أن المستثمرين الأفراد Retail يمكنهم الاستثمار بمجرد إدراج الصندوق على البورصات المحلية مثل ADX أبوظبي، DFM دبي، وقطر، دون الحاجة لمبالغ كبيرة، حيث يمكن الاستثمار حتى بمبالغ صغيرة شرط وجود الصندوق في السوق المحلي.
وأضاف أن الوسطاء الدوليين مثل Thunder، Etoro، Saxo Bank، Interactive Brokers سيتيحون قريباً للمستثمرين الأفراد الوصول إلى الأسواق المحلية وصناديق الـETF، ما يسهل الاستثمار في القطاع دون تعقيدات إضافية.
إدراج صناديق عالمية محلياً: خطوة تاريخية
وفي خطوة نوعية، وافقت هيئة الأوراق المالية والسلع الأسبوع الماضي على إدراج صندوقين من بورصة نيويورك إلى بورصة أبوظبي (ADX)، بعد محاولات استمرت أربع سنوات.
الصندوق الأول هو KWEB المتخصص في الإنترنت والتجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي في الصين بقيمة سوقية تبلغ 10 مليارات دولار و 20 مليون سهم، بينما الصندوق الثاني يركز على اعتمادات الكربون (Carbon Allowances) في أوروبا والولايات المتحدة، وهو مجال يحتاج إلى نقاش منفصل نظراً لتعقيده وأهميته.


