وبينما تتزايد الاعتمادية على الأنظمة الذكية في التداول والاستشارة، يؤكد الرئيس التنفيذي لشركة Alpheya، روجر روحانا، أنّ العالم يقف عند عتبة ثورة مالية كاملة، ستغيّر علاقة المستثمر بالأسواق وبالمستشارين التقليديين، وتعيد تعريف الثقة في المؤسسات المالية.
وفي حديثه لبرنامج “بزنس مع لبنى” على سكاي نيوز عربية، قدّم روحانا رؤية معمّقة حول مستقبل القطاع، مستنداً إلى معطيات تُظهر تسارع تبنّي الذكاء الاصطناعي عالمياً، حيث بلغت قيمة سوق التداول بالذكاء الاصطناعي 13 مليار دولار، مع توقعات بارتفاعها إلى 70 ملياراً خلال تسع سنوات، فيما تدير الأنظمة الذكية أصولاً تتجاوز 1.2 تريليون دولار.
إدارة الثروات تدخل مرحلة التحوّل الجذري
يؤكد روجر روحانا أن العالم يقف عند بداية ثورة حقيقية في إدارة الثروات، مبرزاً أنّ العامل الوحيد الذي لن يتغير هو مفهوم الثقة. ويوضح أن المستهلك يفكر في الثقة من زاويتين أساسيتين:
- الإرشاد والضمان بأن المؤسسة التي تَحتفظ بالثروة آمنة وجدية.
- النتائج المرتبطة بتنوع المنتجات الاستثمارية وجودة النصيحة والأداء النهائي للمحفظة.
ويرى روحانا أن التكنولوجيا رفعت سقف هذه التوقعات، إذ باتت الأنظمة الذكية تطبّق مستويات متقدمة من معايير إدارة الثروة.
هل يحل الذكاء الاصطناعي محل المستشار البشري؟
يجيب روحانا بحسم: “لن يحدث هذا اليوم… لكن غداً سيحدث”. ويوضح أن الوضع الحالي يقوم على نموذج “المساعد للطيار”، بحيث يوفّر الذكاء الاصطناعي أدوات تحليل واتخاذ قرار متقدمة، فيما يبقى المستشار البشري قائماً. لكن مع نضوج التكنولوجيا خلال السنوات المقبلة، ستصبح إدارة الثروات بالكامل من اختصاص الأنظمة الذكية.
ويشير إلى أن المستخدمين، بحكم تعوّدهم على منصات مثل ChatGPT وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، يتوقعون اليوم استشارات مصمّمة شخصياً وشرحاً تفصيلياً ومستمراً لأداء محافظهم والمنتجات الاستثمارية الأكثر تعقيداً.
الاستطلاعات تكشف تحولاً في عقلية المستثمر
ووفقاً لروحانا، تُظهر استطلاعات الشركة أن 70 بالمئة من الناس باتوا مرتاحين لفكرة إدارة أموالهم عبر الذكاء الاصطناعي. إلا أنه يشير في الوقت ذاته إلى أنّ التكنولوجيا لم تصل بعد إلى مرحلة النضج الكامل التي تسمح باستبدال العنصر البشري بالكامل، فهناك فجوة حالية بين القدرات المتوقعة والتطبيق العملي، رغم توفّر نماذج الأفكار التي تشكّل الأساس لتطورات مستقبلية سريعة.
الذكاء الاصطناعي يتفوّق في الأداء… لكن “وعي الإنسان” لا يُستبدل
يشير روحانا إلى أن الأنظمة الذكية قادرة على تحقيق أداء استثنائي بفضل وفرة المدخلات الرقمية المتاحة حول المحافظ الاستثمارية، الأصول، المخاطر، والارتباطات الفردية. ومع ذلك، يؤكد أن هذه الأنظمة لا تزال تفتقر إلى القدرة على استيعاب عناصر بشرية دقيقة تؤثر في صنع القرار، أبرزها: لغة الجسد، الظروف الأسرية، وتفاصيل الحياة الشخصية للعملاء.
ويضيف روحانا أن المستقبل سيشهد تطور قدرات تحليل الفيديو والصوت لدى الذكاء الاصطناعي، ما سيتيح للآلات دمج هذه العوامل الإنسانية في عملية التقييم، وبالتالي تعزيز أدائها لتتجاوز قدرات البشر في هذا المجال.
تحوّل ثقافي: المستشار الذكي يمتلك وزن الصديق
ي العالم نيوزروحانا ظاهرة لافتة، إذ يرى أن الذكاء الاصطناعي بات يحظى بثقل مشابه للرأي الذي يحصل عليه الفرد من زوجته أو أصدقائه في اتخاذ القرارات. ويضيف أن الذكاء الاصطناعي بحد ذاته لن يحل محل الذكاء البشري، لكن المصارف التي ستدمج الأدوات الذكية داخل بيئاتها التشغيلية هي التي ستمتلك التفوق الحقيقي، إذ ستتيح لها هذه الأنظمة:
- التحاور مع الأسواق
- تحليل البيانات الخاصة بالعملاء
- إدخال مدخلات سلوكية
- الوصول إلى الاحتياجات الشخصية العميقة للمستخدم
لماذا يبقى البشر في المركز حالياً؟
رغم تحوّل المشهد، يشدد روحانا على ضرورة بقاء الإنسان في المركز لسببين:
- الآلات لا تزال ترتكب الأخطاء
- التحيزات موجودة في الخوارزميات
ويعدّ الوجود البشري ضرورياً لضبط توصيات الذكاء الاصطناعي، ولا سيّما في القرارات الاستثمارية الحساسة. وهنا يبرز دور شركات مثل Alpheya التي تعمل على دمج الذكاء الاصطناعي داخل تدفقات عمل المؤسسات المالية بما يضمن الاستخدام الآمن، ويحسّن حياة العملاء، ويوفر نتائج أكثر دقة.
المستقبل: مستشار مالي “مرئي”… وأفاتار شخصي
يذهب روحانا أبعد من ذلك، مؤكداً أن المستقبل القريب سيشهد مستشاراً رقمياً مرئياً (Avatar) مصمماً خصيصاً لكل فرد، يمتلك المعرفة المستخلصة من آلاف الخبرات البشرية، ويقدّم النصيحة بثقة وكفاءة، ليصبح بمثابة “الصورة الرقمية للمستشار المثالي”.
الإمارات… بيئة جاهزة لاحتضان الثورة المالية الجديدة
يختم روحانا بالتأكيد على أنّ نجاح هذا التحوّل يتطلب الاستمرار في النهج الذي تتبعه الإمارات، من خلال:
- وضوح التشريعات والتنظيمات
- تشجيع الاستثمارات
- دعم روّاد المخاطرة ضمن بيئة آمنة وواضحة
ويرى أن هذه المقومات تجعل الإمارات واحدة من أكثر البيئات قدرة على احتضان ثورة الذكاء الاصطناعي في إدارة الثروات والتحول نحو نموذج مالي جديد قائم على الأتمتة الذكية والاعتمادية العالية.


