وفي هذا السياق، برزت التحركات المصرية بوصفها أحد أهم المسارات الدبلوماسية الهادفة إلى التهدئة، في مقابل تصعيد كلامي لافت من جانب إيران وإسرائيل، ما يعكس ارتفاع منسوب المخاوف من دخول المنطقة في مرحلة أكثر اضطرابا.
القاهرة تدعم بيروت
خلال زيارته إلى بيروت، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي دعم القاهرة لـ”حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية”، مشددا على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي اللبنانية وتطبيق القرار الأممي 1701 بشكل فوري.
وأوضح الوزير أن مصر تبذل جهودا حثيثة لـ”تجنيب لبنان أي تصعيد إسرائيلي”، موجها رسالة واضحة بأن القاهرة تقف في “خندق واحد” مع الدولة اللبنانية في مواجهة الاعتداءات والانتهاكات المستمرة.
وأتت هذه الزيارة في سياق سلسلة تحركات مصرية سابقة، شملت زيارة لرئيس جهاز الاستخبارات العامة إلى بيروت، مما يعكس استمرار التنسيق المباشر مع المسؤولين اللبنانيين ومع مختلف القوى السياسية، حسبما أكده مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق حسن هريدي.
وخلال حديثه لبرنامج “التاسعة” على “سكاي نيوز عربية”، ذكر هريدي أن “التحرك المصري يستند إلى ثابت أساسي هو رفض التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، والدعوة إلى ترك القوى السياسية، بما فيها حزب الله، تتفق فيما بينها على كيفية تنفيذ القرارات الأممية الخاصة بجنوب لبنان”.
وشدد على أن “التدخلات الخارجية منذ عام 1976 وحتى اليوم كانت سببا في تعقيد الأزمة اللبنانية”، مؤكدا أن القاهرة “تنظر إلى حزب الله كقوة سياسية تعمل في إطار الشرعية الدستورية”، وأن مصر تدعم الحوار بين الدولة اللبنانية والحزب، بما يضمن أن يكون استخدام السلاح محصورا بيد السلطة الشرعية، انسجاما مع موقف الرئيس اللبناني جوزاف عون.
“أهم من الخبز”
في مقابل التحرك المصري الهادئ، جاءت تصريحات علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني أكثر صراحة وتشددا، إذ أكد أن “وجود حزب الله لا غنى عنه للبنانيين”، معتبرا، حسب وصفه، أن الحزب بات “أهم من الخبز” في ظل الهجمات الإسرائيلية.
وأشار ولايتي إلى أن وقف إطلاق النار أظهر “النتائج الكارثية” لأي محاولة لنزع سلاح الحزب، مؤكدا أن إيران دعمت وستستمر في دعم حزب الله.
وتكشف هذه التصريحات عمق التباين بين الرؤية الإيرانية الرامية إلى تعزيز الدور العسكري للحزب، والرؤية المصرية التي تركز على دعم الدولة اللبنانية وتثبيت مرجعيتها.
لكن هريدي يرى أن التطور الإيجابي الأخير في العلاقات المصرية الإيرانية قد يفتح الباب أمام دور مصري أوسع في إدارة الصراعات الإقليمية، بما فيها الملف اللبناني.
الموقف الإسرائيلي: لا نزع سلاح بلا قوة
على الجانب الإسرائيلي، جاء تسريب تصريحات وزير الدفاع يسرائيل كاتس من جلسة مغلقة ليضيف مزيدا من التعقيد، فقد ورد أنه أبلغ لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست بأن حزب الله لن يتخلى عن سلاحه طواعية، وأن الولايات المتحدة ألزمته بنزع هذا السلاح قبل نهاية العام.
ولوح الوزير أنه “لن يكون هناك خيار سوى استخدام القوة مجددا في لبنان ما لم يتم نزع سلاح الحزب”.
ترافق هذا الموقف المتشدد مع صور أقمار اصطناعية حللتها وكالة “فرانس برس”، أظهرت تعزيز الجيش الإسرائيلي لتحصيناته في 5 نقاط احتلها جنوب لبنان، تقع على تلال تطل على الشريط الحدودي، وتتيح للجيش السيطرة على قرى لبنانية استراتيجية.


