وقال الدكتور عبد العزيز النجار، أحد علماء الأزهر الشريف والمدير السابق بمجمع البحوث الإسلامية، إن “استغلال التبرعات أو المساعدات الموجهة لأهل غزة يمثل امتدادا لنهج تاريخي لجماعة الإخوان يقوم على توظيف الأزمات والقضايا الإنسانية لأغراض مالية أو سياسية”، معتبرا أن هذا السلوك يدخل ضمن إطار “الانتهازية واستغلال معاناة الشعوب”.
وأوضح النجار في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “استباحة أموال التبرعات أو التصرف فيها خارج نطاقها الشرعي والإنساني، في وقت يعاني فيه الأهالي من الجوع والحصار وفقدان أبسط مقومات الحياة، يعد جريمة أخلاقية ودينية”، مشددا على أن “تحويل هذه الأموال إلى مصالح خاصة أو استخدامات تخريبية أو رفاهية شخصية يُعد إفسادا في الأرض، وفق الشريعة الإسلامية”.
وأضاف: “لا يجوز شرعا استغلال حاجة المنكوبين أو المتضررين لتحقيق مصالح فئوية أو شخصية، ومن يفعل ذلك يقع في نطاق الحرام الواضح، لأن هذه الأموال تعد أموالا مخصصة للنجدة والإغاثة، وأي تعدٍ عليها هو بمثابة تعدٍ على حقوق المظلومين والمحتاجين، الأمر الذي يشبه ما يقوم به قاطع الطريق من اعتداء على حقوق الغير”.
وأكد أن الحكم الشرعي في مثل هذه الحالات واضح وصريح، قائلا: “الاعتداء أو الاستيلاء على أموال التبرعات المخصصة للإنقاذ أو الإغاثة يعتبر سحتا، وصاحبه آثم شرعا، ويُسأل عنه أمام الله تعالى في الدنيا والآخرة”، مشيرا إلى أن العقوبة الإلهية في هذا النوع من الجرائم تكون مغلظة لارتباطها بحقوق الفقراء والمظلومين.
نصف مليار دولار “سرقات”
وأوضح الباحث في شؤون الأمن الإقليمي والإرهاب، أحمد سلطان، أن المؤسسات التي سبق أن أصدرت حركة حماس بيانا باتهامها ومن بينها “وقف الأمة”، كانت جزءا من شبكتها المالية، حيث كانت تدار عبر منسقين ومسؤولين داخل الحركة يتولون ملف التمويل، وكانت هذه الأموال تستثمر في مشروعات عقارية وسياحية واستثمارية متعددة في عدد من الدول.
وفي تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” قال سلطان إن “الخلاف الذي ظهر مؤخرا مرتبط باختلاس مبالغ كبيرة تُقدر بملايين الدولارات، إذ طُلب من القائمين على تلك المؤسسات إعادة الأموال المختلسة، لكنهم لم يقوموا بذلك، بل إن بعض المسؤولين فرّوا إلى أوروبا، وقاموا بتسليم معلومات تتعلق بالحركة وشبكاتها المالية في أوروبا”.
ولفت إلى أن “الأزمة التنظيمية داخل الحركة عميقة وممتدة، ووقف الأمة ما زالت تعمل في جمع التبرعات رغم التحذيرات، والمعلومات الواردة من داخل حركة حماس والتي تشير إلى أن هذه التبرعات لا تصل إلى الفلسطينيين، بل تخدم مصالح الأفراد المسيطرين على إدارة التمويل”.
وبيّن الباحث في شؤون الحركات الإرهابية، أن دخول جماعة الإخوان على خط العلاقة مع هذه المؤسسات، رغم علمها بالتحذيرات، يعود إلى تشابك وتعقيد شبكات العلاقات والتمويل، مرجّحا أن بعض من ظهروا مع هذه المؤسسات قد يكونون مستفيدين ماليا بشكل مباشر أو غير مباشر منها أو من جهات مرتبطة بها.
واعتبر أن ما يحدث هو مثال واضح على “تحالف المصالح وتلاقي المنافع” بين الأطراف المعنية.


