زخم نحو السلام
محليا، اكتسبت حملة لوقف الحرب، نظمتها مجموعة مدنية تضم سياسيين ودبلوماسيين واعلاميين وقانونيين وشخصيات من مختلف القطاعات المهنية، زخما كبيرا ووجدت تجاوبا من ملايين السودانيين بعد طرحها في وسائط التواصل المختلفة.
وحذرت الحملة التي سميت بحملة “أنقذوا السودان” من خطر استمرار الحرب، وقال منظموها في بيان: “بعد أكثر من عامين على اندلاعها لم يحصد السودانيون من الحرب سوى الموت والخراب… الهدنة الإنسانية باتت واجباً أخلاقياً ووطنيا قبل أن تكون استحقاقاً للمروعين والنازحين والمهجرين”.
وأضافوا: “الحرب التي توحشت بلا كوابح تنذر، بعد مأساة الفاشر، بامتداد نيرانها إلى مدن جديدة، وبتكرار الفواجع على مجتمعات لم تعد تحتمل”.
دوليا، كثف مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية، من اتصالاته بأطراف الحرب ودعا لتنفيذ “فوري” لخطة المجموعة الرباعية. وأوضح بولس: “قدمنا مقترحا بهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، ولاقى ترحيباً مبدئياً من طرفي النزاع”.
وتنبه الكاتبة الصحفية صباح محمد الحسن إلى نجاح المبادرات الداخلية والخارجية التي تطالب بالسلام وترفض الحرب، في هزيمة دعوة تنظيم الإخوان إلى حمل السلاح.
وتشير الحسن إلى أن تلويح الإدارة الأميركية بـ”خيارات بديلة” في حال رفض الهدنة أو العمل على إفشالها، يقلل من تأثير الإخوان عليها.
استنفار الإخوان
شهدت الأيام التي تلت سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر – آخر معاقل الجيش في دارفور – تصاعدا خطيرا في حملات الاستنفار الشعبي التي تقودها قيادات إخوانية رافضة للحرب.
وعلى الرغم من تقارير أشارت إلى ضعف الإقبال على تلك الحملات، إلا أن صورا نشرتها وسائط إعلامية تابعة للتنظيم أظهرت نشاطا مكثفا لقيادات التنظيم العسكرية في أوساط الشباب والأطفال في ولايات الشمالية ونهر النيل.
وقال مراقبون إن رسالة التنظيم التي وردت في تسجيل نشر يوم الأحد ونسبت لأمينه العام علي كرتي، استخدمت أساليب تناغمت مع خط التنظيم العام الرامي لتشويه الحقائق المعلومة عن الحرب وخداع الناس بالدعوة لاستمرارها.
وفي مقطع فيديو تم تداوله الأحد تعهد المصباح طلحة قائد كتيبة البراء – الجناح المسلح لتنظيم الإخوان، بالاستمرار في القتال. وقال أمام مستنفرين جدد في إحدى مدن شمال السودان، إنهم لن يتوقفوا عن القتال حتى “تحرير كل السودان”، بحسب تعبيره. وترفع الكتيبة شعارات دينية كانت المغذي الرئيسي للحرب التي شهدها السودان في تسعينيات القرن الماضي، والتي أدت إلى مقتل مئات الآلاف وانتهت بتقسيم السودان إلى شقين شمالي وجنوبي.
ودفع هذا السلوك مراقبين للتساؤل عن الأسباب التي تدفع للزج بالشباب والأطفال في ميادين القتال مجددا، وإرسالهم إلى الموت لمواجهة خطر لم تستطع القوات العسكرية درأه.
وفي هذا السياق، يقول المحل السياسي صلاح شعيب “احتوت رسائل كرتي عبارات جوفاء لتحميس بعض البسطاء للاستمرار في طريق الحرب”.
ووفقا لشعيب فقد استثمر الإخوان في “الانتهاكات التي ارتكبت بشكل فردي عند تخوم الفاشر” في الدعوة للاستنفار، وابتزاز قيادات الجيش بالانسحاب من التفاوض. وأضاف “يسعى الإخوان للمحافظة على تأثيرهم على المشهد الحربي الماثل بما يبقي استراتيجيتهم في إطالة أمد الحرب حية حتى لا يخرجوا من ساحتها خاويي الوفاض في حال وقفها”.
لكن شعيب يشير إلى الرغبة القوية لدى الغالبية لإيقاف الحرب، ويقول “هذه الرغبة ستقوض فرصة التنظيم للاستثمار في الاستنفار لصالح عودته للحكم”.
تسريبات ومواقف
رشحت تسريبات واسعة يوم السبت بأن طرفي القتال -الجيش وقوات الدعم السريع- اقتربا من التوقيع على هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، لكن حتى الآن لم تصدر بيانات رسمية تؤكد مضي الطرفين في هذا الاتجاه.
وتواترت أنباء خلال الأيام الماضية عن اجتماعات غير مباشرة تجري بين طرفي النزاع داخل مباني وزارة الخارجية الأميركية.
وأكد مسعد بولس أن المجموعة الرباعية وصلت “مراحل متقدمة” في التواصل مع طرفي القتال من أجل تنفيذ خطة الحل السلمي.
وتتضارب التقارير حول موقف قيادة الجيش من الخطة الرباعية، ففي حين أشارت تسريبات يوم السبت إلى قبولها بالخطة وطلبها يومين لدراستها، قالت تقارير إن قيادة الجيش لا تزال تواجه ضغوطا كبيرة من حلفائها في تنظيم الإخوان لعدم القبول بالخطة.
وكانت حكومة تحالف “تأسيس” التي تضم قوات الدعم السريع والتي تم تشكيلها قبل بضعة أشهر في نيالا بإقليم دارفور، قد أكدت استعدادها للتعاطي مع خطة المجموعة الرباعية، لكن التحالف لم يعلن حتى الآن موقفا رسميا من التقارير التي تحدثت عن توقيع وشيك على الهدنة الإنسانية.
والأسبوع الماضي كرر التحالف المدني لقوى الثورة السودانية “صمود” دعوته للجيش وقوات الدعم السريع بقبول خطة الرباعية. وقال التحالف في بيان إن التوقيع على خطة الرباعية “دون تأخير” يمهد الطريق لحل شامل وحقيقي للأزمة الوطنية المتفاقمة. وشدد التحالف على أن خطة الرباعية تمثل الفرصة “الأكثر حظاً” لإسكات أصوات البنادق.
وتشدد الكاتبة الصحفية صباح الحسن على ضرورة ألا تسمح القيادة العسكرية بإهدار فرصة الدعوة لوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الحرب، موضحة “الوضع الإنساني الحالي لا يحتمل المزيد من التردد”.


