وفق مقال لصحيفة “وول ستريت جورنال”، أقدمت الشرطة البريطانية على اعتقال أكثر من 12 ألف شخص في عام 2023، بمعدل 33 شخصا يوميا استنادا إلى قوانين تعاقب على ما يوصف بـ”القول المسيء” أو مشاركة محتوى غير لائق، أو يتضمن تهديدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
هذه الأرقام تمثل ارتفاعا بنسبة 58 في المئة مقارنة بعام 2019، ما يعكس تشديدا غير مسبوق في الرقابة على حرية التعبير.
وبررت الشرطة البريطانية هذه الإجراءات بأنها تهدف إلى حماية الجمهور لا مراقبة الآراء.
لكن النشطاء والنقاد يرون في هذه التبريرات غطاء لنهج متنام من تكميم الأفواه، خاصة مع غياب تعريف واضح لما يعد “مسيئا” أو “غير لائق”.
المفارقة تتجلى أكثر في مشاريع القوانين الجديدة التي يناقشها البرلمان البريطاني، مثل مشروع قانون حظر المزاح الذي يسعى إلى تحميل أصحاب العمل مسؤولية التعليقات المسيئة التي تقال في أماكن العمل، ما يضع حرية التعبير في مهب الريح، ويزيد من مناخ الخوف والرقابة الذاتية.
الشرطة البريطانية فتحت الباب أيضا لما يعرف بحوادث الكراهية غير الجنائية، وهي حالات يسمح فيها للمواطنين بالإبلاغ عن تصريحات يرون أنها تمس بخصوصياتهم الشخصية دون الحاجة إلى تقديم دليل على وقوع ضرر فعلي.
المشكلة لا تقف عند حد الاعتقال أو التحقيق، بل تتعداها إلى تسجيل أسماء المتهمين، حتى دون إدانتهم، في سجلات الشرطة، مما قد يؤثر سلبا على فرصهم في العمل مستقبلا.
كل هذه التطورات تكشف ما يصفه مراقبون بازدواجية في سياسة بريطانيا تجاه الحريات، فهي لا تتردد في انتقاد دول أخرى بتهم قمع حرية التعبير، بينما تطبق داخل حدودها ممارسات قاسية.